تستعد محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ، المنعقدة بمأمورية مركز الإصلاح والتأهيل ببدر، للنطق غدًا الإثنين بالحكم في القضية رقم 955 لسنة 2017 حصر أمن دولة عليا، المعروفة إعلاميًا بـ "قضية التخابر مع تركيا".

 

ويحاكم في القضية 35 حضوريًا و46 غيابيًا، وتضم نساءً من بينهن سمية ماهر حزيمة، ابنة البرلماني السابق ماهر حزيمة، المعتقلة منذ 8 سنوات.

 

ووجهت نيابة أمن الدولة العليا طوارئ، للمتهمين اتهامات تشمل "التخابر مع دولة أجنبية للإضرار بمكانة مصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية"، و"المشاركة في اتفاق جنائي يهدف إلى قلب نظام الحكم”، و”الانضمام إلى جماعة إرهابية مخالفة للدستور والقانون".

 

8 سنوات من الاعتقال والانتهاكات

 

واعتقلت سمية فجر 17 أكتوبر 2017، وذلك عندما داهمت قوة أمنية كبيرة منزل القيادي العمالي وعضو مجلس الشورى السابق ماهر أحمد حزيمة في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة.

 

واقتحمت القوة المنزل وفتشته لعدة ساعات، وصادرت هواتف وأجهزة حاسوب تخص أفراد الأسرة، قبل أن تلقي القبض على زوجته وابنته الشابة سمية (26 عامًا)، التي تم اقتيادها إلى جهة مجهولة، بينما أُفرج عن والدتها في وقت لاحق.

 

وبحسب "الشبكة المصرية لحقوق الانسان"، ظلت سمية مخفية قسريًا لمدة سبعين يومًا، في أماكن احتجاز غير رسمية، تبين لاحقًا أنها كانت داخل زنزانة انفرادية بإحدى مقرات جهاز المخابرات العامة، حيث تعرضت خلالها لانتهاكات بدنية ونفسية بالغة القسوة.

 

وفي ديسمبر 2017، عُرضت على نيابة أمن الدولة العليا، التي قررت حبسها على ذمة القضية المذكورة، رغم نفيها الكامل لجميع الاتهامات الموجهة إليها.

 

إخفاء متواصل وحرمان من الحقوق الأساسية

 

خلال عام كامل بعد التحقيق الأول، لم تتمكن أسرتها أو محاموها من معرفة مكان احتجازها أو التواصل معها، في انتهاك صارخ للقانون والدستور.

 

تم إبقاؤها رهن الحبس الانفرادي داخل أحد مقرات المخابرات العامة، حيث تعرضت لضغوط نفسية وجسدية قاسية وصلت إلى حد التنكيل المتعمد.

 

وفي سبتمبر 2018، نُقلت سمية إلى سجن النساء بالقناطر، لكن استمرار منعها من الزيارة بأوامر عليا حرم أسرتها من أي تواصل معها لسنوات طويلة، رغم محاولاتهم القانونية المتكررة وتمسكهم بحقهم في زيارتها والاطمئنان عليها.

 

خلال تلك الفترة، تدهورت حالتها الصحية والنفسية نتيجة سوء المعاملة والإهمال الطبي الممنهج، وسط غياب أي رقابة قضائية أو حقوقية فعالة.

 

نقلها إلى سجن العاشر من رمضان

 

بعد أكثر من 6 سنوات على منع الزيارة، سُمح لأسرتها أخيرًا، عقب نقلها إلى سجن العاشر من رمضان (تأهيل 4)، بزيارتها بشكل دوري مرة واحدة شهريًا.

 

ورغم هذا الإجراء المحدود، لا تزال سمية تخضع لظروف احتجاز قاسية، وتتعرض لقيود غير مبررة على تواصلها مع محاميها وأفراد أسرتها.

 

تشير شهادات معتقلات سابقات إلى أن سمية وغيرها من المعتقلات السياسيات في سجن القناطر تعرضن لاعتداءات بدنية، وحرمان من أبسط مقومات الكرامة الإنسانية، واحتجازهن داخل زنازين مشتركة مع سجينات جنائيات بأوامر مباشرة من ضابط الأمن الوطني وتحت إشراف رئيس مباحث السجن عمرو هشام.

 

انتهاك صارخ لحق المحاكمة العادلة

 

في 17 نوفمبر 2021، أُحيلت القضية إلى محكمة الجنايات مع استمرار حبس سمية، رغم تجاوزها الحد الأقصى للحبس الاحتياطي المقرر قانونًا.

 

وفي 8 يناير 2022، بدأت أولى جلسات المحاكمة بمعهد أمناء الشرطة بطرة، ضمن 81 متهمًا آخرين، بينهم 29 محبوسًا احتياطيًا.

 

ورغم تقدم فريق الدفاع بطلبات رسمية لتمكينها من التواصل مع محاميها والسماح لأسرتها بزيارتها، رفضت المحكمة هذه الطلبات، مما يعد إخلالًا جسيمًا بحقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة.

 

 

محاكمة عادلة

 

وطالبت الشبكة المصرية بضمان الحق في محاكمة عادلة لسمية، والتأكد من أن جميع إجراءات المحاكمة تتوافق مع المعايير الدولية، بما في ذلك حقها في الدفاع والتواصل المباشر مع محاميها دون قيود.

 

كما دعت إلى تمكين الأسرة من الزيارة المنتظمة لها، وبشكل مباشر، وفقًا للقانون والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

 

وشددت على توفير الرعاية الصحية والنفسية العاجلة اللازمة، ومتابعة حالتها الصحية بصورة مستمرة.

 

كما دعت إلى إنهاء الحبس الانفرادي التعسفي، "كأداة للعقاب أو الانتقام السياسي".

 

وطالبت أيضًا بإعادة النظر في التشريعات التي تسمح بتمديد الحبس الاحتياطي لفترات غير محدودة، وضمان عدم استخدامه كعقوبة مقنّعة.

 

وحمّلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن سلامة سمية حزيمة الجسدية والنفسية، ودعت كافة الجهات الوطنية والدولية، بما فيها:

 

النيابة العامة المصرية، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وقطاع مصلحة السجون، ومكتب النائب العام، ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى التحرك العاجل لضمان الإفراج الفوري عنها أو تمكينها من محاكمة عادلة تحترم كرامتها وحقوقها القانونية.