شهدت العاصمة الإسبانية مدريد، أمس الأحد، مشهداً غير مسبوق في تاريخ الرياضة العالمية، بعدما توقفت المرحلة الـ21 والأخيرة من طواف إسبانيا للدراجات الهوائية "لا فويلتا" على بُعد 56 كيلومتراً من خط النهاية، نتيجة احتجاجات جماهيرية واسعة ضد مشاركة فريق يمثل الاحتلال الإسرائيلي في البطولة، بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة في قطاع غزة.
الاحتجاجات التي بدأت منذ الصباح تحولت إلى مسيرات ضخمة على طول مسار السباق، حيث خرج آلاف المتظاهرين في بلدات عدة رافعين الأعلام الفلسطينية ومرددين هتافات غاضبة تطالب بطرد الفريق الإسرائيلي "إسرائيل بريميير تيك"، معتبرين وجوده في المنافسة "تواطؤاً رياضياً" مع الجرائم المرتكبة في غزة.
ورغم أن اللجنة المنظمة اتخذت إجراءات أمنية غير مسبوقة، شملت نشر دبابات ومروحيات وآلاف عناصر الشرطة لتأمين الحدث، فإن الأعداد الكبيرة من المحتجين – والتي تجاوزت ستة آلاف شخص وفق تقديرات الشرطة – تمكنت من اقتحام المسار في قلب مدريد، وإسقاط الحواجز الحديدية، ما أجبر المنظمين على وقف السباق نهائياً.
وبحسب وكالة فرانس برس، تدخلت قوات الأمن بقوة مستخدمة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، ما تسبب في مواجهات متوترة مع المحتجين. لكن في النهاية، غلبت الرسالة السياسية والإنسانية على الحدث الرياضي، بعدما عُطلت المرحلة الختامية، ليتحوّل المشهد إلى تظاهرة عالمية لصالح فلسطين.
وسائل الإعلام الإسبانية اعتبرت ما حدث "لحظة فارقة" في تاريخ الطواف، مؤكدة أن الرياضة لم تعد بمنأى عن صراعات الشعوب وقضاياهم العادلة. أما المحتجون، فرأوا أن نجاحهم في إيقاف السباق رغم كل الإجراءات الأمنية يمثل "انتصاراً معنوياً لغزة"، ورسالة قوية ضد محاولات الاحتلال الإسرائيلي استخدام الرياضة كوسيلة للتغطية على جرائمه.
وبذلك، كُتب اسم فلسطين بحروف بارزة في سجل طواف إسبانيا 2025، بعدما أصبح التضامن مع غزة أقوى من خط النهاية، وأكبر من الميداليات، وأعلى صوتاً من التصفيق الرياضي.