أثار اغتيال الناشط المحافظ الشاب تشارلي كيرك في الولايات المتحدة صدمة كبيرة، لم تقتصر على الأوساط السياسية والاجتماعية فحسب، بل امتدت إلى عالم الرياضة، حيث ارتفعت أصوات جماهيرية وإعلامية عبر العالم تطالب الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بإعادة النظر في منح تنظيم كأس العالم 2026 للولايات المتحدة، معتبرين أن البلاد لم تعد بيئة آمنة أو مستقرة لاحتضان الحدث الرياضي الأبرز عالميًا.


حادث صادم يهز الداخل الأمريكي

كيرك، المعروف بخطابه المحافظ ودفاعه عن قيم اليمين الأمريكي، كان شخصية مثيرة للجدل، لكنه في الوقت نفسه يحظى بقاعدة شبابية واسعة. اغتياله المفاجئ في حادث وصفته الصحافة الأمريكية بـ"الصادم" فتح الباب أمام جدل واسع حول تصاعد موجة العنف السياسي في الولايات المتحدة، والانقسام المجتمعي المتزايد منذ سنوات.

الواقعة لم تكن مجرد جريمة جنائية، بل تحولت إلى رمز لاحتدام الاستقطاب السياسي والفكري في بلد يستعد لانتخابات رئاسية جديدة وسط أجواء مشحونة. واعتبر محللون أن الجريمة أظهرت هشاشة الوضع الأمني، ما دفع جماهير رياضية حول العالم للتساؤل: إذا كان ناشط سياسي بارز يمكن أن يُغتال في وضح النهار، فهل ستكون الملاعب والجماهير في أمان خلال كأس العالم؟

 

الفيفا تحت ضغط جماهيري متزايد

على منصات التواصل الاجتماعي، تصدرت وسوم مثل #NoWorldCup2026 و #BoycottUSA2026، حيث نشر آلاف المشجعين من مختلف الدول تغريدات وتدوينات تنتقد استمرار الفيفا في منح أمريكا شرف استضافة المونديال، وسط تزايد العنف السياسي والجرائم المسلحة.

وذهب بعض النشطاء إلى أبعد من ذلك، مؤكدين أن الولايات المتحدة – التي تتصدر قائمة الدول في معدلات حيازة السلاح وجرائم إطلاق النار الجماعية – لا يمكن أن توفر الضمانات الكافية لحماية ملايين الجماهير المتدفقة من كل أنحاء العالم لحضور البطولة.

في المقابل، لم يصدر عن الفيفا حتى الآن أي تعليق رسمي بشأن المطالبات، مكتفيًا بالتأكيد على أن الاستعدادات تسير وفق الخطة، وأن البطولة ستُقام كما هو مقرر في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

 

الأمن والاستقرار.. شرط أساسي للتنظيم

من المعروف أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يشترط في الدول المنظمة توفير أعلى مستويات الأمن والاستقرار السياسي، لما تمثله البطولة من تحديات لوجستية وتنظيمية ضخمة. ومع ذلك، يرى محللون أن منح تنظيم 2026 للولايات المتحدة كان منذ البداية قرارًا سياسيًا بقدر ما هو رياضي، بهدف تأكيد نفوذ واشنطن العالمي بعد نجاح مونديال قطر 2022 في كسب إشادات دولية واسعة.

لكن الأحداث الأخيرة قد تضع الفيفا أمام اختبار صعب، خاصة أن أصواتًا بدأت ترتفع من اتحادات محلية – في أمريكا اللاتينية وأوروبا تحديدًا – تطالب ببحث بدائل، أو على الأقل تقييم الوضع الأمني بشكل عاجل.

 

أصداء واسعة في الإعلام الرياضي

الصحف الرياضية العالمية أفردت مساحات كبيرة لتغطية الجدل. ففي إسبانيا، تحدثت صحيفة ماركا عن "تصدع صورة الولايات المتحدة كبلد آمن"، بينما وصفت صحيفة لاغازيتا ديل سبورت الإيطالية الأمر بأنه "أخطر أزمة تواجه مونديال 2026 منذ إعلان استضافته".

وفي إنجلترا، كتب أحد المعلقين في ذا غارديان: "إذا لم تستطع واشنطن حماية ناشط سياسي بارز، فكيف ستضمن سلامة مليون مشجع أجنبي سيغزون ملاعبها خلال البطولة؟".

 

جماهير غاضبة: كرة القدم ليست فوق السياسة

الجماهير التي تقود هذه الحملة عبر العالم لم تكتفِ بالحديث عن الأمن فقط، بل ربطت بين الاغتيال والجو السياسي المتوتر في الولايات المتحدة، مؤكدة أن كرة القدم لا يمكن أن تكون بمعزل عن القضايا الإنسانية والسياسية الكبرى.

أحد المغردين كتب: "لا نريد مونديالًا في بلد يقتل فيه الشباب بسبب آرائهم السياسية.. كرة القدم للسلام، لا للعنف". بينما علق آخر: "الفيفا عليه أن يختار: إما صورة مشرقة للرياضة، أو التواطؤ مع دولة تغرق في العنف والاستقطاب".

 

مستقبل غامض للمونديال

مع اقتراب موعد البطولة التي ستنطلق صيف 2026، يبدو أن الجدل مرشح للتصاعد، خاصة إذا استمرت وتيرة العنف السياسي في الولايات المتحدة، أو شهدت البلاد أحداثًا مشابهة لما جرى مع تشارلي كيرك.
ورغم أن نقل تنظيم البطولة إلى بلد آخر أمر شبه مستحيل في هذه المرحلة المتأخرة، إلا أن الضغط الجماهيري والإعلامي قد يدفع الفيفا لفرض إجراءات أمنية استثنائية، أو إعادة تقييم استعدادات الولايات المتحدة لتأمين البطولة.

في النهاية، يكشف اغتيال تشارلي كيرك أن كرة القدم – التي توصف بأنها "لعبة الشعوب" – لا يمكن أن تنفصل عن السياسة والمجتمع. وما حدث في أمريكا يضع الاتحاد الدولي أمام اختبار جديد بين التمسك بقراراته السابقة، أو الإصغاء لمخاوف الملايين من الجماهير حول العالم.