شهد المقر الرئيسي لشركة مايكروسوفت في مدينة ريدموند بولاية واشنطن الأمريكية واحدة من أوسع وأشد المظاهرات التي عرفتها الشركة منذ تأسيسها، حيث نصب موظفون حاليون وسابقون إلى جانب ناشطين محليين خيامًا أمام مباني الشركة، احتجاجًا على استمرار تعاونها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي المتورط في إبادة جماعية مستمرة ضد الفلسطينيين في غزة ولبنان.

المحتجون الذين أعلنوا الساحة المحيطة بالمقر “منطقة محررة” أطلقوا عليها اسم “ساحة شهداء الأطفال الفلسطينيين”، في إشارة مباشرة إلى آلاف الضحايا من الأطفال الذين سقطوا منذ بدء الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023.
وقد رفعوا لافتات ضخمة حملت شعارات تتهم مايكروسوفت بالتواطؤ، فيما صبّوا طلاءً أحمر على شعار الشركة في خطوة رمزية للتأكيد على “دموية الشراكة” بين التكنولوجيا الإسرائيلية والأمريكية في الحرب.
 

اعتقالات وتصعيد غير مسبوق
الشرطة الأمريكية تدخلت في اليوم الثاني للاحتجاجات بعد أن رفض المشاركون إخلاء المكان، ليتم اعتقال 18 شخصًا بتهمة التواجد عنوة في حرم الشركة.
ووفق رواية شرطة ريدموند، فإن المتظاهرين “أصبحوا عدوانيين”، فيما اعتبر المحتجون تدخل الأمن محاولة لقمع صوت معارضة مشروعة لشركة تُتَّهم اليوم بالمشاركة في جرائم ضد الإنسانية.
 

عقود سرية تكشف المستور
ورغم محاولات مايكروسوفت نفي مسؤوليتها المباشرة، فإن تقارير صحفية دولية، أبرزها من أسوشيتد برس وذا غارديان و+972 Magazine، كشفت تورط الشركة عبر منصة “أزور” في تزويد وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200 بقدرات سحابية ضخمة لتخزين تسجيلات ملايين المكالمات الهاتفية للفلسطينيين. هذه البيانات استُخدمت لاحقًا في تحديد أهداف القصف على غزة، ما يعني أن تقنيات الشركة لم تكن مجرد أدوات حيادية، بل جزءًا من آلة عسكرية تقتل المدنيين.

وفي مايو الماضي، حاولت مايكروسوفت التخفيف من حدة الجدل بإعلان أنها “لم تجد دليلًا على استخدام خدماتها لإيذاء المدنيين”، غير أن الوثائق المسربة وتصريحات مسؤولين سابقين في الشركة فضحت الرواية الرسمية، لتؤكد أن الإدارة الأمريكية نفسها باتت تشك في ولاء بعض موظفي مايكروسوفت في إسرائيل الذين يديرون العلاقة مع الجيش.
 

احتجاج داخلي: “No Azure for Apartheid”
اللافت أن الغضب لم يقتصر على الشارع، بل امتد إلى داخل الشركة نفسها، حيث يقود موظفون حاليون وسابقون حملة واسعة تحت شعار “No Azure for Apartheid” (لا لأزور لخدمة الفصل العنصري).
الحملة اتهمت الإدارة العليا بـ“التواطؤ في الإبادة الجماعية” وطالبت بقطع أي علاقة مع مؤسسات الأمن الإسرائيلية والإفصاح عن العقود العسكرية السرية.

أحد قادة الحملة، الشاب حسام نصر (26 عامًا)، الموظف السابق في مايكروسوفت، أكد في تصريحات لصحيفة ذا غارديان أن اغتيال الصحفي الفلسطيني أنس الشريف دفعه لتصعيد الاحتجاجات.
وقال: “رأيته ينقل الحقيقة من غزة وسط المجاعة والقصف، ثم استُهدف عمدًا. في الأسبوع نفسه ظهرت تقارير عن تخزين مايكروسوفت بيانات الفلسطينيين، فكان لا بد من رفع الصوت”.
 

شاهد:
https://www.facebook.com/watch/?v=731308703067762