أثارت حادثة وفاة طفل في إحدى مستشفيات محافظة الدقهلية أثناء عملية استئصال اللوزتين موجة غضب عارمة بين الأهالي ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، لتعيد إلى الواجهة ملف الإهمال الطبي في المستشفيات الحكومية، الذيبات ظاهرة متكررة تهدد حياة المصريين، في ظل ضعف الرقابة، والأعباء الهائلة الملقاة
على كاهل الطاقم الطبي.
تفاصيل الواقعة
بدأت القصة حين دخل الطفل لإجراء عملية بسيطة لاستئصال اللوزتين، لكنها تحولت إلى كارثة بعد أن فقد حياته نتيجة ما وصفته الأسرة بـ"إهمال المستشفى والتقاعس في التدخل السريع لإنقاذه بعد توقف التنفس".
أهالي الطفل اتهموا الأطباء والمستشفى بالتسبب المباشر في الوفاة، وطالبوا بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عن الواقعة.
والد الطفل قال في تصريحات محلية: "ابني دخل سليم وخرج جثة.. طلبنا طبيب التخدير بسرعة بعد ما التنفس وقف، لكن محدش لحقه".
[https://x.com/i/status/1958452241402064955 ](https://draft.blogger.com/#)
الأسباب الحقيقية وراء تكرار الكوارث
بحسب خبراء الصحة، فإن هذه الحوادث ليست معزولة، بل تعكس أزمة هيكلية في القطاع الطبي. الأطباء والممرضون يواجهون ضغوطًا هائلة، تشمل النقص الحاد في الكوادر، وتكدس المرضى، وضعف الإمكانيات.
الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث السابق باسم وزارة الصحة، أوضح في تصريحات سابقة: "الأطباء يعملون تحت ضغط غير طبيعي..هناك مستشفيات يعمل بها طبيب تخدير واحد لخدمة عشرات الحالات يوميًا، ما يرفع نسب الأخطاء بشكل كبير".
كما أن سوء توزيع الموارد وعدم تطوير المستشفيات الحكومية يفاقم الأزمة، في وقت تتجه فيه الحكومة لتقليص الإنفاق على الصحة لصالح مشروعات أخرى، ما يجعل حياة المرضى على المحك.
مسؤولية الحكومة وغياب الرقابة
حادثة الدقهلية تكشف فشل المنظومة الرقابيةعلى المستشفيات. رغم إعلان وزارة الصحة أكثر من مرة عن وضع خطط لتطوير الخدمة الطبية وتشديد الرقابة، إلا أن تكرار هذه الكوارث يثبت أن الإجراءات المعلنة لا تتجاوز حدود التصريحات الإعلامية.
الخبير الصحي أحمد الشاذلي يرى أن:"غياب العقوبات الرادعة والتهاون في محاسبة المقصرين جعل الإهمال قاعدة لا استثناء. الحكومةمسؤولة عن هذه الكوارث لأنها لم توفر بيئة آمنة للعمل الطبي".
أزمة موازنة الصحة ومشروعات السلطة
أحد أبرز الأسباب الجذرية للأزمة يتمثل في توجيه الإنفاق الحكومي بعيدًا عن الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم، لصالح مشروعات ضخمة مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، التي تلتهم مليارات الجنيهات.
في المقابل، لا تتجاوز موازنة الصحة في مصر الحد الأدنى الذي نص عليه الدستور، وهو ما يجعل المستشفيات في حالة انهيار دائم، ويترك حياة المواطنين تحت رحمة الإهمال ونقص الإمكانيات.
الخبير الاقتصادي عمرو عبدالسلام علّق قائلاً: "كيف ننتظر تطوير المستشفيات والحكومة تخفض موازنة الصحة عامًا بعد عام لصالح مشروعات عقارية؟ المواطن يدفع الثمن بدمه".
وأخيرا فوفاة طفل بسبب خطأ طبي لا تمثل فقط مأساة لعائلته، بل تؤدي إلى فقدان الثقة في المنظومة الصحية بأكملها، وتدفع المواطنين القادرين إلى اللجوء للمستشفيات الخاصة، ما يضاعف الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
كما أن تكرار هذه الأحداث قد يفتح الباب أمام قضايا دولية، خاصة مع التزامات مصر باتفاقيات حقوق الإنسان التي تضمن الحق في الصحة، وهو ما قد يضر بسمعة الدولة في المحافل الدولية.