في وقتٍ أعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن إسرائيل وافقت مبدئياً على "الشروط الضرورية" لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً في قطاع غزة، تسارعت وتيرة التجاذبات داخل الحكومة الإسرائيلية بين داعمي الصفقة وخصومها، وسط انقسام سياسي وأخلاقي حاد حول الأولويات الوطنية: عودة المختطفين أو إرضاء اليمين المتطرف.

وفي أحدث تطور لافت، كشف موقع "واينت" العبري أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، يسعى لتشكيل "بلوك سياسي متطرف" بالتنسيق مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لتعطيل أي مسار رسمي نحو إقرار اتفاق الهدنة وصفقة تبادل الأسرى، وذلك في محاولة مكشوفة لإحباط المبادرة المدعومة أميركياً وقطرياً.

 

معارضة يمينية تشتعل رغم الغطاء الحكومي
مساعي بن غفير جاءت رغم تأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر، أن هناك "أغلبية كبيرة داخل الحكومة والشعب تؤيد إبرام صفقة لإطلاق سراح المختطفين"، محذّراً من أن "أي فرصة حقيقية لإبرام الاتفاق لا يجوز تضييعها".

وفي موقف مضاد مباشر، خرج زعيم المعارضة يئير لبيد بمبادرة علنية داعمة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حيث كتب على منصة "إكس":
"مقابل 13 إصبعاً لبن غفير وسموتريتش، لديك 23 إصبعاً من المعارضة تمنحك شبكة أمان لتمرير الصفقة. أعِد أبناءنا الآن".

ويُفهم من رسالة لبيد أنه مستعد لتوفير دعم سياسي صريح من خارج الائتلاف الحاكم، لإتمام الصفقة، متجاوزاً ابتزاز الكتلة الدينية المتشددة التي يتزعمها بن غفير وسموتريتش.

 

أهالي الأسرى الصهاينة: "عارٌ عليكم"
ردود الفعل داخل المجتمع الاستيطاني كانت قوية.

فقد أصدرت هيئة عائلات المختطفين بياناً شديد اللهجة ضد تحرك بن غفير وسموتريتش، معتبرةً أنهما "فشلا في فهم جوهر الهوية اليهودية، وأهانا القيم التي قامت عليها دولة إسرائيل". وأضافت الهيئة: "ليس لدينا سوى كلمة واحدة: عار".

في السياق ذاته، عبّرت عيناف تسنغاؤوكير، والدة الجندي الأسير "متان"، عن صدمتها من محاولات تعطيل الصفقة، ووجّهت رسالة إلى نتنياهو:
"أنت قلت لي بنفسك إنك لا تحتاج للمتطرفين إذا كانت هناك صفقة حقيقية. فاثبت على موقفك، فالشعب كله معك من أجل عودة أبنائنا".

 

هجوم من داخل المؤسسة الصهيونية
الانتقادات لم تأت فقط من الأهالي، بل طالت ساحة السياسة الإسرائيلية برمّتها.

فقد هاجم يئير غولان، رئيس حزب "الديمقراطيين"، الوزيرين بن غفير وسموتريتش قائلاً:
"الثنائي الكاهاني الفاشل الذي يقود كتلةً معطّلة ضدّ عودة المختطفين لا يستحق الجلوس على طاولة الحكومة، ومن يُبقيهما هناك لا يستحق قيادة إسرائيل ولو ليومٍ واحد".

من جهته، اختار أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "يسرائيل بيتينو"، استدعاء الذاكرة الدينية عبر اقتباس توراتي عن "عظمة فداء الأسرى"، ليؤكد أن "إعادة جميع المختطفين يجب أن تكون أولوية وطنية غير قابلة للمساومة".

 

قطر تعدّل المقترح.. وواشنطن على الخط
   وتزامنت هذه المواقف المتضاربة مع ما كشفته شبكة "CNN" الأميركية حول أن العرض الجديد الذي وافقت عليه إسرائيل قد تم تطويره بدفع قطري، وتم تقديمه إلى الطرفين – إسرائيل وحماس – يوم أمس، في وقت يزور فيه وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر العاصمة الأميركية واشنطن.

ووفقاً لتصريحات مسؤولين أميركيين، فإن "الصيغة الجديدة تهدف لتبديد مخاوف حماس من بنود الصفقة السابقة"، مما يوحي بوجود أمل حقيقي في التوصل إلى اتفاق في حال توفرت الإرادة السياسية من الطرفين.