تسلّط مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في مقالها بتاريخ 25 يونيو 2025، الضوء على التأثير الكبير لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خصوصًا في سياق الضربات الأميركية للمواقع النووية الإيرانية. فرغم غياب نتنياهو عن غرفة العمليات الأميركية يوم الهجوم، إلا أن بصماته بدت واضحة في توجهات واشنطن.

وعلى مدار عقود، توترت العلاقة بين الرجلين ثم عادت إلى التحالف، حتى عندما استبعد ترامب نتنياهو مؤخرًا من مفاوضات إيران ومن النقاشات حول الرهائن الأميركيين في غزة، عاد ليشيد بتنسيقه العسكري مع إسرائيل. وبالتالي، يبقى مستقبل الحرب بين إيران وإسرائيل مرهونًا بمدى متانة هذا التحالف بين ترامب ونتنياهو.
 

"ما يريده بيبي.. يحصل عليه بيبي"

رغم قناعة ترامب بأنه صاحب القرار، أظهر مرارًا خضوعه لتأثير نتنياهو، خاصة في ولايته الأولى. أبرز دليل على ذلك إعلان واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالسيادة الإسرائيلية على الجولان من دون مقابل. لطالما اعتُبر ملف القدس ورقة تفاوض مهمة، لكن ترامب سلّمها لنتنياهو مجانًا.

وعلى صعيد إيران، رفضت إسرائيل دوماً أي مسار دبلوماسي، وهاجمت الاتفاق النووي في عهد باراك أوباما. هذا الرفض أحدث شرخًا بين واشنطن وتل أبيب، حتى انسحب ترامب من الاتفاق في 2018 بناء على رغبة نتنياهو. وفي الآونة الأخيرة، ضغط الأخير على ترامب لإقناعه بأن إيران تخدعه، داعيًا إلى الحسم العسكري، حتى رغم اعتراض مستشاري ترامب الجمهوريين.

الأمر بلغ ذروته عندما تجاهل ترامب تقييم مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي جابارد، التي أكدت أن إيران لا تطوّر سلاحًا نوويًا حاليًا. تفضيل ترامب لرؤية نتنياهو على تقييم أجهزته يوضح عمق نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي.

بالنسبة لنتنياهو، هذه الحرب قضية وجودية. فقد تراجعت شعبيته بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، وتعرض لمحاولة إسقاط حكومته. لذلك، يرى في تحقيق انتصار على إيران – سواء عبر تدمير منشآتها النووية أو إسقاط نظامها (رغم أن ذلك مستبعد) – فرصة لإحياء صورته كـ"صاحب الأمن"، مما يساعده على البقاء في السلطة.
 

تقارب نتنياهو وترامب يشقّ صفوف حركة "اجعلوا أميركا عظيمة مجددًا"

انقسام داخل إدارة ترامب يظهر بوضوح. نائبه جي دي فانس، ووزير خارجيته ماركو روبيو، ووزير دفاعه بيت هيجسيث حاولوا التقليل من الحديث عن تغيير النظام في إيران، مؤكدين أن الهدف هو تحجيم برنامجها النووي. لكن تصريحات ترامب العلنية تتناقض مع ذلك، إذ يبالغ في تقدير الضربات الأميركية، ويزعم أنها دمّرت كل المنشآت النووية، رغم غياب الأدلة.

حتى حلفاؤه المتشددون في الكونجرس – مثل مارجوري تايلور جرين – انتقدوا الضربات، مذكرين بأن ترامب وعد بإنهاء الحروب لا إشعالها. بعض النواب الجمهوريين طالبوا بتفعيل المادة الأولى من الدستور، معتبرين الضربات إعلان حرب لا يجوز أن يصدر إلا عن الكونجرس. لكن لا مؤشرات حتى الآن على أن ترامب سيخضع للإجراءات الدستورية أو أن الكونغرس سيتحرك فعليًا.
 

ما الذي ينتظرنا؟

منذ ولايته الأولى، أعلن ترامب رغبته في إنهاء البرنامج النووي الإيراني. لكن حتى الآن، لا يُعرف ما إذا كان مقتنعًا بنجاح الهجوم الأخير. أما رد إيران بقصف قاعدة "العديد" في قطر دون وقوع ضحايا، فيُظهر تصعيدًا محدودًا لا انزلاقًا لحرب شاملة. وبدلاً من الرد العسكري، اتجه ترامب نحو خطاب سلمي.

لكن نتنياهو لم يُنهِ حملته بعد. القوات الإسرائيلية تواصل استهداف مواقع إيرانية، بما يتجاوز المنشآت النووية، رغم الحديث عن وقف إطلاق نار. ترامب بدا غاضبًا من هذه العمليات، لكنه، بحسب مؤسسة كارينجي، غالبًا سيخضع مجددًا لإرادة نتنياهو إذا قرر الأخير دفع واشنطن للبقاء في المعركة.

باختصار، العلاقة بين ترامب ونتنياهو تحكم مسار الصراع. وإذا واصل نتنياهو ضغطه، فليس مستبعدًا أن يواصل ترامب الانخراط، ولو على حساب الاستراتيجية الأميركية أو رغبة الرأي العام.
 

https://carnegieendowment.org/emissary/2025/06/netanyahu-trump-iran-war-dangerous-power?lang=en