عندما تحل ذكرى استشهاد الرئيس الدكتور محمد مرسي، نجد أنفسنا أمام مشروع ومبادئ ستظل باقية ما بقي في مصر وسائر أمتنا عرقٌ ينبض، وسيظل حلمًا يسعى لتحقيقه الشرفاء، وسيظل صوته مدويًا في الآفاق يتجمع حوله الأحرار، وستظل كلماته ومواقفه تذكرنا بماضٍ يتجدد وفكرٍ لن يتبدد، يقف بكل قوة أمام مشروعات الهدم والانسحاق.
عندما تتزايد العربدة الصهيونية بلا ضابط ولا رادع، ويعتدي هذا الكيان الإجرامي على دول المنطقة، بدايةً من فلسطين المحتلة ومرورًا بلبنان وسوريا واليمن وإيران، وعندما يمنع الانقلاب المتضامنين مع غزة حتى من الوقوف بجانب المعبر، نتذكر من قال وفعل، قال: "لن نترك غزة وحدها"، ثم أتبع قوله عملاً دؤوبًا حتى رفع الاحتلال يده عن غزة في أيام معدودة، ليبرهن بأن فلسطين كانت وستظل البوصلة، وكانت وستظل قضيتنا المركزية. فلم تكن فلسطين شعارًا سياسيًا أو ملفًا دبلوماسيًا، بل كانت وستظل قضية هوية، وعدالة، وكرامة أمة.
عندما نرى حصاد الهشيم في ديون فاقت الخيال، وبيعًا لأصول مصر، وارتهانًا لإرادتها بيد أعدائها ومن يواليهم ومن ينفذ مخططاتهم، نتذكر من قال وفعل، قال: "لا بد أن نمتلك غذاءنا ودواءنا وسلاحنا"، فكاد يغطي احتياجات مصر الرئيسة من القمح كخطوة أولى نحو استقلال الإرادة.
عندما نرى حدود مصر تُنتهك من كل الجهات: من المشرق حيث الاحتلال الصهيوني الذي يقف بكامل عدته وعتاده على مرمى حجر من حدود مصر، بينما تقف قوى دولية وإقليمية رابضة على الحدود الغربية تبني القواعد العسكرية وتحكم سيطرتها على المشرق الليبي تحت حماية نظام عسكري فاشي، وفي الجنوب حيث تقف مصر – في ظل الانقلاب – عاجزة عن حسم المعركة التي يديرها أعداء السودان ومصر حتى وصلوا إلى جبل العوينات، وعندما تحدق المخاطر بالنيل، مصدر الحياة عند المصريين، عندما نرى كل ذلك، نتذكر من قال: "إن قطرة الماء التي تنقص من مصر فداؤها دماؤنا"، ومن طالب المعارضين والمؤيدين بالحفاظ على الجيش وإخراجه من معادلة التنافس السياسي، ليكون في صدارة الجيوش، يحمي الحدود ويتصدى لمن ينتهكها.
عندما نرى مكانة مصر التي تراجعت إقليميًا ودوليًا، ولم يعد لها دور يُذكر في حل المشاكل والأزمات، نتذكر الرجل الذي جاءت وفود العالم تتعامل معه باعتباره يمثل مصر القوية، التي أرادت أن تعيد مكانتها وما تستحقه من احترام.
إن مصر اليوم لن تُعدم من الرجال الصادقين، من مختلف القوى والتيارات، من يعيد لها مكانتها، وينفض عنها ركام البغي والعار الذي أهاله عليها ذلك الانقلاب في سنوات عجاف، إننا نترقب اليوم الذي تسترد فيه مصر مكانتها، وتحقق فيه بغيتها، وتنطلق إلى غايتها، لتكون لكل أبنائها، وهو يوم نحسبه بات قريبًا.
"وما ذلك على الله بعزيز."
أ. د. محمود حسين
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمون"
الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446 هـ - 17 يونيو 2025 م