نشرت مؤسسة تشاتام هاوس تحليلًا أوليًا لضربة إسرائيل ضد إيران، بعد أن شنّت القوات الإسرائيلية هجومًا واسعًا استهدف منشآت نووية إيرانية وقادة عسكريين رفيعي المستوى. وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الهجوم بأنه "عملية عسكرية موجّهة للقضاء على الخطر الإيراني على وجود إسرائيل"، مشيرًا إلى استمرار الحملة "لأي عدد من الأيام يلزم لإزالة هذا التهديد". ردًّا على ذلك، توعّد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إسرائيل بردّ "مؤلم ومرّ"، فيما أطلقت طهران بالفعل عشرات الطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل.
سانام فاكيل – مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
توضح فاكيل أنّ إسرائيل سعت عبر هذه الضربة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: تصفية قيادات عسكرية إيرانية وتعطيل القيادة العملياتية، توجيه ضرر ملموس إلى البرنامج النووي الإيراني، وإضعاف القدرات الدفاعية لطهران. يتجاوز الأمر الأهداف العسكرية المباشرة، إذ يسعى نتنياهو إلى إفشال أي مسار دبلوماسي متبقٍ نحو اتفاق نووي، وربما إلى تأجيج الاضطرابات الداخلية في إيران، مع وجود دوافع داخلية أيضًا ترتبط بمكانته السياسية.
تشير فاكيل إلى أن الضربة الإسرائيلية ليست خطوة وقائية بقدر ما تُعد مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى تصعيد إقليمي واسع، وقد تمنح النظام الإيراني شرعية متجددة داخليًا وخارجيًا. رغم تعرض إيران لاختراق أمني كبير، يتعين على النظام الإيراني الرد للحفاظ على الردع وتفادي تكرار الهجمات. بالفعل أطلقت طهران ردًا عسكريًا محدودًا وألغت المباحثات الدبلوماسية التي كانت مقررة مع إدارة ترامب في مسقط.
وبالنظر إلى حجم الهجوم الإسرائيلي، خاصة مع استهدافه المدنيين وقادة الصف الأول، يُرجّح أن تتخذ طهران خطوات إضافية تشمل تسريع برنامجها النووي، وتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وربما الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT). في المرحلة الراهنة، تستبعد فاكيل استهداف إيران للبنية التحتية الخليجية، إلا أن استمرار التصعيد قد يدفعها لذلك.
تلاحظ فاكيل أن إدارة ترامب تحاول النأي بنفسها عن العملية الإسرائيلية، لكنها في الوقت نفسه وضعت خطًا أحمر واضحًا بشأن استهداف مصالح أو أفراد أميركيين. هذا التناقض يعكس ارتباكًا في الموقف الأميركي، ويقوّض فرص التوصل إلى تسوية دبلوماسية، ما قد يُجبر الولايات المتحدة على التورط في مواجهة متفاقمة.
برونوين مادوكس – مديرة تشاتام هاوس
ترى مادوكس أن المملكة المتحدة ستدعو على الأرجح إلى التهدئة، مع دعم المسار الدبلوماسي بين واشنطن وطهران الذي تعطل الآن. توضح أن الضربة الإسرائيلية سبقت عمداً جولة المفاوضات المرتقبة هذا الأسبوع، في محاولة لإفشالها، كما أنها تعبّر عن تجاهل نتنياهو لمواقف واشنطن.
تحذر مادوكس من أن الهجوم قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، لا سيما إذا شمل الرد الإيراني دولًا خليجية حليفة للولايات المتحدة. وتشير أيضًا إلى إمكانية تأثير الضربة على سوريا، حيث لا يزال استقرار الحكومة الجديدة هناك هشًا، ويؤثر بشكل مباشر على توازنات المنطقة.
فارع المسلمّي – باحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
يشير المسلمّي إلى أن جماعة الحوثيين في اليمن تستعد للعب دور محوري في الرد على إسرائيل نيابة عن إيران، في أول اختبار عملي لردّ الجميل مقابل عقود من الدعم الإيراني. يرى أن الوضع الراهن قد يمنح الحوثيين فرصة للظهور كحليف فعّال في محور المقاومة، لا سيما بعد أن تعرضت إيران للإهانة والضعف نتيجة الضربات الإسرائيلية.
تحذّر مؤسسة تشاتام هاوس من أن تصرفات إسرائيل، المقترنة بتذبذب الموقف الأميركي، تفتح الباب أمام تصعيد إقليمي يصعب احتواؤه. في ظل تآكل المسارات الدبلوماسية، يبقى خطر اندلاع حرب أوسع قائمًا، ما يستدعي تحركًا عاجلًا لتفادي مزيد من الفوضى في المنطقة.