أزاحت وسائل إعلام عبرية، أبرزها صحيفة يديعوت أحرونوت وقناة i24NEWS، الستار عن ميليشيا فلسطينية مسلحة تُعرف باسم "قوات أبو شباب"، مدعومة ومسلحة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتضم عناصر ذات سجل إجرامي وارتباطات بتنظيم داعش، في واحدة من أخطر التسريبات التي تكشف عن التحالفات الخفية في الحرب على غزة.

وفقًا لما ورد في تحقيق الصحيفة، فإن هذه القوة لا تقتصر على محاربة حركة حماس، بل تشمل أيضًا عناصر قاتلت ضد الجيش المصري في سيناء، وأخرى متورطة في عمليات إرهابية ونهب للمساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة.

 

ميليشيا من رحم الفوضى
المتهم الرئيسي بقيادة هذه المجموعة هو ياسر أبو شباب، ثلاثيني من عائلة بدوية شرق رفح، وصفته المصادر العبرية بأنه "تاجر مخدرات وبلطجي سابق، ارتبط اسمه بالجريمة المنظمة"، وقد أسس ما يُعرف بـ"القوات الشعبية" في غزة، وهي كتيبة مسلحة تعمل بتنسيق مباشر مع الاحتلال.

تشير التقارير إلى أن أبو شباب بدأ حياته بتجارة الحشيش والحبوب المخدرة، قبل أن يفرض نفسه على قطاع توزيع المساعدات، حيث استغل دوره في "تأمين شاحنات الإغاثة" القادمة من الصليب الأحمر والأمم المتحدة لنهب محتوياتها وبيعها في السوق السوداء. بل وتورد مصادر من داخل الأمم المتحدة أن اسمه ورد في مذكرات داخلية باعتباره مسؤولًا عن نهب ممنهج للمساعدات الإنسانية.

 

من داعش إلى غزة.. قيادات بوجهين
من بين أخطر الأسماء التي وردت في التحقيق هو عصام النباهين، 33 عامًا، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

النباهين، بحسب الصحيفة، قاتل سابقًا ضمن صفوف داعش في سيناء ضد الجيش المصري، قبل أن يعود إلى غزة ويُحكم عليه بالإعدام من قبل سلطات حماس، لكنه تمكن من الفرار مع اندلاع العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023.

أما رسن الدهيني، وهو عضو في حركة فتح وشقيق أحد مقاتلي داعش الذين قتلوا في اشتباك مع حماس، فقد انضم أيضًا إلى ميليشيا أبو شباب، في دلالة على تجميع هذه المليشيا لعناصر متنافرة أيديولوجيًا لكنها موحدة بالمصلحة والسلاح الإسرائيلي.

 

حماية إسرائيلية وعلاقات عربية مشبوهة
بحسب التحقيق، تضم ميليشيا أبو شباب نحو 300 عنصر، بعضهم من الفارين من سجون حماس، وتستند إلى دعم عشائري من نحو 30 عائلة في شرق رفح، والتي تنعم بحماية نسبية بفضل الوجود الإسرائيلي هناك، ما يُحصّنهم من الغارات الجوية.

المثير أن قناة i24NEWS كشفت عن تدريب هذه الميليشيا على يد دولة عربية لم تُسمها، إضافة إلى ارتباط مباشر بين أبو شباب ومستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود الهباش، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى التنسيق بين الاحتلال والسلطة في تقويض حماس.

 

اعتراف رسمي وتسليح بأسلحة المقاومين
في ضوء هذه التسريبات، اضطر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الاعتراف رسميًا بتبني المشروع، قائلًا إن "تشكيل هذه الميليشيات جاء بناءً على توصية من الأجهزة الأمنية، بهدف تقليل الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي".

كما كشفت القناة العبرية أن الأسلحة التي تسلمتها الميليشيا مصدرها مقاتلون فلسطينيون استُشهدوا خلال المواجهات مع الاحتلال، إذ جُمعت الأسلحة من جبهات القتال وسلمت مباشرة لقوات أبو شباب، لتُستخدم لاحقًا ضد المدنيين والمقاومة.

 

الشاباك.. العقل المدبر
خطة تشكيل وتسليح الميليشيا انطلقت قبل ستة أشهر، بمبادرة من جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، الذي قدّمها لرئيس الأركان ثم لوزير الحرب، قبل أن يُقنع رئيس الجهاز، رونين بار، رئيس الحكومة نتنياهو، بجدوى الخطة.

في المقابل، اتهم وزير الأمن السابق أفيجدور ليبرمان الحكومة بـ"كشف أوراقها" بعد تسريبه تفاصيل العملية، بينما رد نتنياهو بأن "التسريب لا يخدم إلا حماس".

 

ملاحقة ميدانية من القسام
على الأرض، لم تتأخر كتائب القسام – الذراع العسكري لحماس – في الرد. ففي مشاهد نُشرت مؤخرًا، أظهرت الكتائب كمينًا محكمًا استهدف مجموعة من عناصر أبو شباب أثناء تفتيشهم لمنازل المواطنين شرق رفح، حيث تم تفجير عبوات ناسفة أدت لمقتل عدد منهم.

 

المساعدات.. هدف آخر للميليشيا
تنشط الميليشيا في منطقة شارع صلاح الدين، جنوب قطاع غزة، قرب طريق موراج، حيث تنفذ عمليات نهب ممنهجة لشاحنات الإغاثة والمساعدات. ورغم تأكيد صندوق المساعدات الأمريكي GHF أنه لا يوظف مسلحين فلسطينيين، إلا أن تكرار عمليات النهب يشير إلى تواطؤ واضح مع الاحتلال.