بعد ساعات من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف حربه ضد اليمن، شنت مقاتلات إسرائيلية، هجومًا على اليمن هو الثاني خلال أقل من 24 ساعة، واستهدف بسلسلة من الغارات مطار صنعاء الدولي وثلاث محطات كهرباء في مناطق حزيز وذهبان وعصر بمحيط العاصمة، ومصنع إسمنت عمران شمالي صنعاء.

وأعلنت وزارة الصحة في حكومة «أنصار الله» (الحوثيون)، في بيان، «عن استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة 35 آخرين جراء العدوان الأمريكي الإسرائيلي على أمانة العاصمة ومحافظتي صنعاء وعمران في حصيلة غير نهائية».

بالموازاة، نشرت صحيفة «جيروزليم بوست» الإسرائيلية مقابلة مع ممثلة الشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي، أدانت فيها هجوم الحوثيين على مطار بن غوريون، وقالت إنهم سيعترفون بإسرائيل، ودعت الأخيرة إلى الوقوف معهم لتقرير مصير ما سمته جنوب الجزيرة العربية.

ونقلت قناة المسيرة الفضائية التابعة للحوثيين عن الدفاع المدني قوله: «فرقنا لا تزال تكافح لإخماد الحرائق في مصنع إسمنت عمران بالتعاون مع فرق إسناد من العاصمة صنعاء».

وبينما دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، توعدت حركة «أنصار الله» (الحوثيون)، الثلاثاء، بالرد على الهجوم الإسرائيلي الأمريكي. وقالت «إن الصهاينة قد تجاوزوا الخطوط الحمراء وعليهم أن ينتظروا الرد»، مؤكدة استمرار عملياتهم المساندة لغزة.

ودوت أصوات انفجارات ضخمة هزت منطقة المطار أعقبها تصاعد أعمدة الدخان، التي شوهدت من مناطق مختلفة في العاصمة اليمنية.

كذلك دوت أصوات الانفجارات في محيط العاصمة، وتعالت مشاهد الدخان جراء استهداف محطات الكهرباء الثلاثاء في شمال وجنوب وغرب العاصمة صنعاء.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي مناظر تصاعد أعمدة الدخان في أجواء محيط العاصمة، وتحديدًا الشمال والجنوب والغرب، حيث تم استهداف المطار ومحطات الطاقة.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن المقاتلات الإسرائيلية شنت 15 غارة على المطار.

وطبقًا لتلك الوسائل، فقد استهدفت الغارات مبنى الركاب وطائرات مدنية ومرافق خدمية في المطار.

وحسب وسائل إعلان تابعة لحركة «أنصار الله» (الحوثيون)، فقد استهدفت المقاتلات الإسرائيلية، أيضًا، محطة كهرباء ذهبان المركزية في مديرية بني الحارث بأمانة العاصمة صنعاء، ومحطة كهرباء حزيز المركزية في مديرية سنحان بمحافظة صنعاء جنوبي العاصمة، ومحطة توزيع الكهرباء في منطقة عصر بمديرية معين غربي العاصمة، ومصنع إسمنت عمران في محافظة عمران شمالي العاصمة.

وأوضحت وكالة الانباء سبأ بنسختها التابعة للحوثيين أن العدوان الإسرائيلي قد استهدف، أيضًا، محولات الكهرباء في منطقة علمان بمديرية بني الحارث ومحولات الكهرباء في كولة جدر.

وذكرت وسائل إعلام عبرية أن الهجوم استهدف المدارج وبرج المراقبة بمطار صنعاء ومحطة كهرباء وخزانات وقود ومصنعًا بمنطقة أخرى.

وقال الجيش الإسرائيلي: «أخرجنا مطار صنعاء الدولي عن الخدمة بشكل كامل». وتابع: «ضربنا مصنع عمران للخرسانة الذي يستخدم لبناء الأنفاق والبنى العسكرية». وأضاف: «وجهنا ضربات لعدد من محطات الطاقة في محيط صنعاء».

وقالت ثلاثة مصادر في المطار إن غارات أمس الثلاثاء استهدفت ثلاث طائرات مدنية وصالة المغادرة ومدرج المطار وقاعدة جوية عسكرية تحت سيطرة الحوثيين.

وتداولت وسائل إعلام يمنية محلية تصريحًا لمصدر في شركة الخطوط الجوية اليمنية لم تسمه ينفي «صحة الصور المتداولة عن حريق الطائرات المدنية بمطار صنعاء»، مؤكدًا «عدم وجود أي معلومات بعد عن حجم الأضرار».

يشار إلى أن ثلاث طائرات فقط هي التي تعمل في مطار صنعاء، فيما بقية الطائرات تعمل في المطارات الواقعة في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دوليًا.

كما أن تدمير الطائرات وإلحاق الضرر بمدرج المطار سيعيق رحلات الحجاج التي كانت الرياض قد أعلنت موافقتها على تسييرها من مطار صنعاء؛ مما سيدفع بالحجاج إلى تحويل رحلاتهم عبر المطارات الواقعة في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دوليًا.

الخبير العسكري في وزارة الدفاع في حكومة «أنصار الله» بصنعاء العميد أحمد الزبيري، أوضح أن استهداف المنشآت المدنية يعكس طبيعة العدو الذي يسعى إلى التأثير النفسي والإعلامي عبر الدمار والدخان.

وقال: «العدو الإسرائيلي في طبيعته يستهدف المنشآت المدنية والمدنيين، ويريد من خلال قصفها خلق مشهد من الحرائق والأدخنة، في محاولة منه أن يؤثر في موقف الشعب اليمني من إسناد غزة وكذلك الحاضنة الاجتماعية للقوات المسلحة اليمنية».

وأضاف: «وهو بهذا لا يعرف الشعب اليمني، الذي سيزداد إصرارًا على موقفه من إسناد غزة، وسيزداد إيمانًا بموقفه المناهض لهذا العدوان».

فيما قال عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، محمد علي الحوثي، في «تدوينة»: «بإذنه تعالى الإسناد لغزة مستمر والرد آت، وعلى نتنياهو إعداد استقالته فجرائمه إرهاب فاشل، ولن يخيف الشعب اليمني الإرهاب الأمريكي والإسرائيلي، وما قاموا به
ه من جرائم في اليمن هو ما ترتكبه من جرائم إبادة في غزة والذي رفضنا استمراره بفلسطين لن نقبل بتمريره في اليمن، وعلى الباغي تدور الدوائر بإذن الله».

وأعلنت وزارة الصحة في حكومة «أنصار الله» (الحوثيون) ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية الأمريكية، الإثنين، على ميناء الحديدة ومصنع إسمنت باجل إلى أربعة شهداء و39 مصابًا.

وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة «أنصار الله» (الحوثيون)، «بأشد العبارات، العدوان الصهيوني على الأعيان المدنية في اليمن»، مؤكدة «أن هذا العدوان لن يمر دون عقاب».

كما أكدت، في بيان، «أن العدوان الصهيوني على الأعيان المدنية انتهاك صارخ لسيادة اليمن وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه ولميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي».

وأشار إلى «أن الكيان الصهيوني، باستهدافه للأعيان المدنية من مطارات وموانئ ومحطات كهرباء ومصانع يضرب بالقانون الدولي عُرض الحائط ويستخف بكافة الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية».

واعتبر أن «استهداف الأعيان المدنية هو استهداف للشعب اليمني ومقدراته ويعكس في الوقت ذاته فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أهدافه في اليمن ومحاولة البحث عن نصر زائف».

في السياق ذاته، قال عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، محمد البخيتي، إن عملياتهم المساندة لغزة مستمرة وإن الصهاينة قد تجاوزوا الخطوط الحمر، وعليهم أن ينتظروا الرد».

وعلق في تصريحات تلفزيونية: «نقول للأمريكي والبريطاني والصهيوني إن عملياتنا العسكرية المساندة لغزة مستمرة مهما كلف ذلك من تضحيات». وأكدَّ أن «العدوان لن يؤثر في قوة التأييد الشعبي اليمني للعمليات المساندة لغزة».

وقال البخيتي: «الصهيوني يحاول أن يفرض قواعد اشتباك جديدة من اليمن إلى لبنان ونقول له نحن من سيفرض قواعد الاشتباك».

وفيما يتعلق بربط العمليات اليمنية بإيران أوضح: «يحاولون ربط عمليات الإسناد اليمنية بالتبعية لإيران ونحن نقول إن تبعيتنا هي للمقاومة الفلسطينية».

إلى ذلك، دعا المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، جميع الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي أعمال تصعيدية قد تفاقم معاناة المدنيين.

وقال في بيان له الثلاثاء: «إن الهجوم الجوي الذي نفذته «أنصار الله» على مطار بن غوريون في إسرائيل، وما أعقبتها من ضربات شنتها إسرائيل على مطار صنعاء وميناء الحديدة في اليمن ردًا على ذلك، تمثل تصعيدًا خطيرًا في سياق إقليمي هش ومتقلب».

وأضاف: «أجدد دعوتي لجميع الأطراف المعنية إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب أي أعمال تصعيدية قد تُفاقم معاناة المدنيين. من الضروري أن يلتزم جميع الفاعلين بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. إن العودة إلى الحوار يظل السبيل الوحيد المستدام لضمان السلامة والأمن الدائمين لليمن والمنطقة بأسرها».

في السياق ذاته، قال مركز تنسيق العمليات الإنسانية (اتش أو سي سي) التابع للحوثيين، أمس، إنه وجه «إخطارًا رسميًا لشركات الطيران العالمية بشأن المخاطر على سلامة الملاحة الجوية في مطارات الكيان الإسرائيلي الغاصب».

وقال المركز، في بيان صادر عنه: «نود إبلاغكم بأنه وفي إطار الرد على التصعيد الإسرائيلي بقرار توسيع العمليات العدوانية على غزة (…) أعلنت القوات المسلحة اليمنية فرض حظر شامل للملاحة من وإلى مطارات العدو الإسرائيلي الغاصب من خلال تكرار استهداف المطارات وعلى رأسها مطار اللد المسمى إسرائيليًا مطار بن غوريون، ابتداءً من 04 مايو 2025، الساعة 22:42 بتوقيت صنعاء، إلى أجل غير محدد، وتهيب القوات المسلحة اليمنية بكافة شركات الطيران العالمية أخذ هذا الإعلان بعين الاعتبار منذ ساعة إعلانه ونشره وإلغاء كافة رحلاتها إلى مطارات العدو الإسرائيلي المجرم حفاظًا على سلامة طائراتها والمسافرين».

وحمّل «شركات الطيران العالمية كامل المسؤولية عن أي حوادث أو تداعيات قد تنجم عن الاستمرار في تسيير الرحلات الجوية إلى مطارات الكيان الإسرائيلي الغاصب».

وكانت إسرائيل استهدفت، الإثنين، بالتنسيق مع الولايات المتحدة ميناء الحديدة ومصنع إسمنت باجل غربي اليمن.

والهجوم الإسرائيلي، الأخير، هو السابع منذ يوليو 2024.

وكان الحوثيون أعلنوا، الأحد، عن استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي اخترق كافة منظومات الدفاع الجوية الإسرائيلية.

على صعيد الغارات الأمريكية، عاودت المقاتلات الأمريكية، مساء الإثنين، غاراتها على محافظتي صنعاء والحديدة شمال وغربي البلاد.

وذكرت وسائل إعلام تابعة لحركة «أنصار الله» (الحوثيون) أن العدوان الأمريكي عاود بثلاث غارات استهداف ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة.

كما عاود بغارة استهداف منطقة السواد بمديرية سنحان بمحافظة صنعاء.

وقبل ساعات من القصف أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، أنه قرر وقف الضربات ضد اليمن مقابل التزام الحوثيين بوقف استهداف السفن، وهو ما وصفته الجماعة بالانتصار، كما صرح
بأن لديه "إعلانا كبيرا للغاية" قبل زيارته للشرق الأوسط.

وقال ترامب إن "الحوثيين قالوا البارحة إنهم لم يعودوا يريدون القتال، وهذه أخبار جيدة"، وذلك قبل أن تعلن سلطنة عمان أنها توسطت بين الجانبين للتوصل إلى هذه النتيجة.

وتابع الرئيس الأميركي، في تصريحاته للصحفيين خلال استقباله رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في البيت الأبيض، "أقبل كلمة الحوثيين بأنهم سيوقفون هجماتهم، وقررنا وقف قصفنا بشكل فوري".

وأضاف أن واشنطن لم تتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين، لكنهم "استسلموا"، و"قالوا لنا: رجاء، توقفوا عن قصفنا ونحن سنتوقف من جانبنا عن استهداف السفن".

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول بوزارة الدفاع (البنتاغون) أن الجيش الأميركي تلقى تعليمات بوقف الضربات ضد الحوثيين.

وأفادت الشبكة نقلا عن مصادر مطلعة- بأن "وقف إطلاق النار جاء بعد محادثات بقيادة ويتكوف (مبعوث ترامب) مع الحوثيين بوساطة عُمان الأسبوع الماضي".