يعيش أصحاب المعاشات في ظل الأزمات الاقتصادية التي أغرق بها عبدالفتاح السيسي مصر، معاناة شهرية، حيث يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع تقدر بنحو 11 مليون مواطن يتوجهون فى أواخر كل شهر ليقفوا فى طوابير ممتدة حتى يتمكنوا من صرف معاشهم، في ظل انهيار إنساني وبدني ومعنوي نتيجة تآكل معاشاتهم بفعل التضخم والأسعار, ويسقط يوميا عشرات الموتي من الفقر والجوع والمرض نتيجة لعدم ملائمتهم مع الوضع الاجتماعي، معتبرين ذلك جرائم ضد الإنسانية، فلا يعقل أن يتقاضي مواطن مئات الجنيهات كمعاش.
العذاب يبدأ بعد الـ60
ويبدو أن عبدالفتاح السيسي يرد الجميل لكبار السن عبر إهانتهم وفقرهم في أرزل العمر، ففي الوقت الذي يسعون فيه للراحة يجدون أنفسهم مضطرين إلى البحث عن عمل جديد بعد الـ60.
فبمجرد الوصول لسن المعاش ينتاب الكثير منهم شعور بانضمامهم لقوائم الموتى"، حيث أن هذا هو الواقع الجديد الذي يعيشونه بعد انتهاء فترة خدمتهم الوظيفية، واضطرارهم إلى المكوث في المنزل من دون عمل.
11 مليون مواطن مصري مسجلين في قائمة أصحاب المعاشات، يجدون أنفسهم مجبرين على تقليل نفقات أسرهم لمواجهة أزمة غلاء السلع الأساسية في ظل انخفاض قيمة العملة المحلية.
ويشير أصحاب المعاشات أنه بعد أكثر من ثلاثة إلى أربع عقود ينتهي بهم الحال بالخروج على المعاش ليقعوا على حال مر فقيمة المعاشهتتراوح بين ألفان جنيه و 4 آلاف جنيه وسط موجة التضخم الحالية وغلاء الأسعار التي أثرت في طريقة وأسلوب إدارتهم وترتيبه أوليات أسرتهم، مؤكدين أن المعاش لم يعد يكفيهم أكثر من أسبوع، وسلط الكثير منهم الضوء على أنهم لا يجدون أمامهم خيارات متاحة إلا للاستدانة أو الدخول في جمعيات لتوفير احتياجات منزلهم في ما تبقى من أيام الشهر، مع العمل في أماكن تحتاج لجهد وساعات طويلة لا تتحملها أجسادهم التي ضعفت وهزلت مع الزمن.
قائمة من الحرمان
وبات أصحاب المعاشات يضطرون إلى وضع قائمة سلع صنفوها على أساس أنها من الممنوعات التي خرجت من أولوياتهم، وعن نوعية هذه السلع يقولون "لم نعد اللحوم، وأي منتجات باهظة الثمن مثل الجبن الرومي وغيرها من السلع التي لا أقدر على توفير قيمتها في الوقت الحالي".
وعادوا بالذاكرة للوراء معلقين "منذ سنوات قررنا عدم شراء ملابس جديدة، واكتفينا بما كنا نرتديه خلال فترة العمل".
البحث عن عمل إضافي
ويقول أحد أصحاب المعاشات أنه يتقاضى معاشاً ضعيفاً قيمته 1850 جنيهاً.
مشيرا أن راتبه كان يبلغ 5500 جنيه قبل أن ينخفض ويصل إلى 20 في المئة من قيمة الراتب بعد وصوله سن المعاش.
ويقول الرجل الستيني الذي يصرف على أسرة مكونة من أربع فتيات وزوجة، إن "قيمة المعاش لا تكفي مصاريف أسرتي، واضطر إلى الاستدانة"، مستدركاً "نفسي أعيش مثل الناس، وأوفر لأسرتي احتياجاتها من دون أن أمد يدي لأحد. يوجد بنات ومصاريف منزل وإيجار ونور ومياه ومواصلات والتزامات أخرى".
وأشار إلى أنه خرج على المعاش منذ شهر واحد، ومنذ ذلك الوقت وهو يبحث عن أي مكان للعمل فيه من أجل أن يقدر على المعيشة.
وأضاف "كنت أتمنى الراحة في هذا العمر، لكنني وجدت نفسي مضطراً إلى البحث عن عمل جديد. بعد الـ60، من أين نأتي بالمجهود الذي نبذله في عمل جديد، كنت أعمل بثلاث وظائف في بداية حياتي حتى أوفر احتياجات أسرتي لكني أجد الآن صعوبة عند بذل أي مجهود".
وقال الرجل الستيني، إن قيمة المعاش من المستحيل أن تستمر أكثر من 10 أيام في ظل الغلاء، وسلع كثيرة لم أعد أشتريها نهائياً، لكني تعلمت من والدي أن أدير شؤون البيت بأقل الإمكانات.