قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغيير وضع الدبلوماسيين السوريين في بعثة الأمم المتحدة، بعدم الاعتراف بالإدارة السورية الجديدة.
هذا يثير تساؤلاً: هل تستخدم واشنطن عدم الاعتراف كورقة ضغط لمساومة دمشق وداعميها؟
القرار في جوهره فني وبيروقراطي أكثر من كونه سياسيًا.
على سبيل المثال، تغيير نوع التأشيرة استند إلى تقييم داخلي يصنّف الحكومة السورية المؤقتة امتدادًا لبُنى غير مقبولة لدى الولايات المتحدة، بسبب علاقاتها المزعومة مع جماعات تصنّفها واشنطن كـ"إرهابية".
وقد صدر القرار عن جهات فنية مثل وزارة الأمن الداخلي.
لكن الأبعاد السياسية للقرار لا يمكن تجاهلها، خصوصًا أنه يشير إلى أن رفع العقوبات ليس مطروحًا على أجندة ترامب.
ومن المحتمل أن تعيد الإدارة الحالية النظر في قرار وزارة الخزانة الأمريكية السابق بشأن تخفيف العقوبات لمدة ستة أشهر.
وهذا يؤكد أن طريق تعافي سوريا الاقتصادي لا يزال طويلًا، لأن دور واشنطن في هذا الملف حاسم، وقد تدفع سياساتها العديد من الدول لتغيير موقفها من دمشق خشية العقوبات.
اللافت أن واشنطن، رغم صدامها الحاد مع إيران وروسيا ونظام الأسد، لم تصل سابقًا إلى حد سحب الاعتراف الرسمي بالنظام.
كما أن امتيازات البعثة السورية في نيويورك بقيت كما هي.
الآن، تحظى الحكومة الجديدة في دمشق بشرعية أمر واقع، تمكّن الدول النامية من التعامل معها بسلاسة.
كما أن سقوط نظام الأسد سابقًا خدم المصالح الأمريكية في تقليص النفوذ الإيراني.ج
تُظهر التقييمات والتحليلات أن واشنطن ما زالت تقيّم الإدارة السورية الجديدة، التي تقودها جماعات إسلامية على رأسها هيئة تحرير الشام.
وتحاول هذه الإدارة صياغة نموذج حكم معتدل بطابع إسلامي يشبه النماذج التركية والماليزية، لكسب قبول دولي.
ورغم ذلك، تتعامل واشنطن بحذر، عبر المراقبة وطرح شروط قدمتها نائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون سوريا وبلاد الشام، ناتاشا فرانشيسكي، لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على هامش مؤتمر المانحين.
ويُلاحظ أيضًا وجود تباين بين الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض في طريقة التعامل مع دمشق، فيما يبدو أن البيت الأبيض، المتأثر بتيارات مؤيدة لإسرائيل، هو من يحدد السياسة الفعلية.
مع ذلك، تبقى السياسة الأمريكية تجاه سوريا غامضة وغير حاسمة.
فلا موقف سلبي واضح تجاه الإدارة الجديدة، التي أبدت استعدادًا للتعاون مع واشنطن في ملفي مكافحة داعش والأسلحة الكيميائية.
كما أن إدارة أحمد الشرع تسعى لاحتواء المسيحيين، وهو ملف حساس بالنسبة لإدارة ترامب، بينما لا تثير بقية المكونات اهتمامًا كبيرًا لدى واشنطن.
ما يعني أن إدارة ترامب لا تهتم كثيرًا بسوريا كقضية مستقلة، ولا بسياسات الشرع الداخلية، خصوصًا بعد انسحاب إيران وتراجع الدور الروسي.
لذلك، تراجعت أهمية سوريا استراتيجيًا لتصبح ملفًا هامشيًا خارج أولويات البيت الأبيض.
وتشير المؤشرات إلى نية واشنطن الانسحاب من سوريا، وهو انسحاب دخل حيز التنفيذ فعليًا عبر مراحل متتابعة، أبرزها تقليص القوات في الشرق السوري.
من غير المرجح أن تتبنى إدارة ترامب سياسة واضحة تجاه سوريا في الفترة المقبلة، ولن تستثمر دبلوماسيًا في هذا الملف.
ربما تكتفي بإدارة الوضع عبر دبلوماسية منخفضة المستوى لضبط العلاقة بين تركيا وإسرائيل.
وفي أفضل الأحوال، قد تستخدم الملف السوري كورقة تفاوض إقليمي، لأن القوى الإقليمية تمتلك أدوات قادرة على شل الوضع السوري، وعلى رأسها العقوبات الأمريكية، التي تعيق أي أفق للخروج من حالة الهشاشة والتهديد.
https://www.middleeastmonitor.com/20250411-what-does-the-trump-administration-want-from-damascus/