ودّعت مدينة الضبعة بمحافظة مطروح، المؤذن الكفيف حميدة صالح قاسم فهيد، الذي وافته المنية وهو يؤدي صلاة العشاء داخل "الجامع الكبير" في المدينة، مودعًا الدنيا في واحد من أكثر المشاهد التي حملت دلالات روحانية وأثارت مشاعر رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وكل من عرفه.
رحيل في بيت من بيوت الله
في الصف الأول، حيث تُرفع الأكف وتُهمس الدعوات، سقط جسد المؤذن الستيني هامدًا أثناء إقامة صلاة العشاء. لم يكن الأمر متوقعًا، لكن كثيرين وصفوا اللحظة بـ"الخاتمة الطيبة"، وقد توفي في بيت من بيوت الله التي أفنى عمره في خدمتها.
لم تكن وفاة حميدة صالح مجرد حدث عابر، بل مثّلت لحظة توقف أمامها الكثيرون، مستحضرين شخصية الرجل الذي عُرف بدماثة خلقه، وصبره على البلاء، والتزامه اليومي بالنداء للصلاة رغم فقدان بصره، حيث كان يؤدي مهامه كمؤذن لمسجد الأنوار المحمدية التابع لإدارة أوقاف الضبعة.
نعي رسمي ومشاعر شعبية جياشة
وفي بيان رسمي، نعت مديرية أوقاف مطروح الفقيد، مشيرة إلى أنه كان أحد أبرز العاملين في مجال الدعوة وخدمة المساجد، ومثالًا على الإخلاص في أداء الأمانة. وقالت المديرية في بيانها:
"بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تنعي مديرية الأوقاف بمطروح المؤذن حميدة صالح قاسم، وتتقدم بخالص العزاء لأسرته، سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته."
https://www.facebook.com/share/p/165oLVA62K/
تزامن هذا البيان مع موجة من التفاعل الشعبي على مواقع التواصل، حيث تداول الأهالي والناشطون صورًا وذكريات مع المؤذن الراحل، مشيدين بأخلاقه وحرصه على مشاركة الناس في أفراحهم وأحزانهم، خاصة المناسبات الدينية، رغم كف بصره.
وقال أحد رواد الفيسبوك في منشور مؤثر: "حميدة صالح لم يكن مجرد مؤذن، بل كان صوت الضبعة وقت الصلاة، ورمزًا للسكينة والصدق.. رحل كما عاش: في الصف الأول، وفي وقت ذكر."
سيرة رجل من نور
ولد حميدة صالح في مدينة الضبعة، وعانى من فقدان البصر منذ سنوات شبابه، لكنه لم يترك الإعاقة تحجب نوره الداخلي، فأصر على خدمة المسجد، وصار صوته مألوفًا للمصلين.
امتاز الفقيد بقدرته الفائقة على تمييز الأوقات، وكان يحرص على أداء الصلوات في وقتها، ويؤذن دون تأخير، ويحرص على الحضور اليومي، دون أن يمنعه بُعد المسافة أو ظروف الطقس.
وقال أحد أئمة الضبعة: "كان حميدة مثالًا للمؤذن الصادق، لا تفوته صلاة، وكان قلبه معلقًا بالمساجد بحق، ورحيله بهذه الطريقة رسالة لنا جميعًا."
جنازة مهيبة ودعوات لا تنقطع
شُيّع الفقيد في جنازة مهيبة شارك فيها المئات من أبناء الضبعة والمناطق المجاورة، تقدمها عدد من الأئمة والعلماء وأبناء المنطقة.
وحرص المشيعون على الدعاء له بالرحمة والمغفرة، معتبرين أن حسن الخاتمة التي نالها هي ثمرة إخلاصه طوال حياته.
وقال أحد الحضور: "نحسبه عند الله من أهل الخير.. رحل وهو يجيب نداء الصلاة، وفي مسجد من بيوت الله، وبين إخوانه في الصف الأول.. أي فضل أعظم من هذا؟".
شاهد:
https://www.facebook.com/abdilrymn.attiyaalshtory/videos/654310967533429