رغم تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والتي أودت بحياة آلاف الفلسطينيين ودمّرت البنية التحتية في القطاع، تكشف بيانات إسرائيلية رسمية عن استمرار -بل وتوسّع- في حجم التبادل التجاري بين إسرائيل ومصر خلال أشهر الحرب، لتصل قيمة الصادرات المصرية إلى إسرائيل وحدها إلى أكثر من 743 مليون دولار حتى فبراير 2025.

يأتي هذا التقرير ضمن سلسلة تحقيقات التي تتتبع العلاقات التجارية للدول العربية المُطبّعة مع الاحتلال.
وفي هذا الجزء، نسلط الضوء على مصر كثاني أكبر مصدر عربي لإسرائيل بعد الإمارات، بناءً على بيانات حصلنا عليها من الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي، تم تحليلها وتصنيفها على مدى شهور، وتُعرض لأول مرة.
 

مصر.. ثاني أكبر مصدر عربي للاحتلال الصهيوني خلال الحرب
بلغ عدد أصناف المنتجات المصرية المُصدَّرة إلى الكيان الصهيوني خلال الحرب 924 صنفًا، تُغطي 76 منتجًا رئيسيًا، من بينها:

  • منتجات غذائية متنوعة.
  • خامات بناء (كالأسمنت والحديد والحجر).
  • أسمدة ومواد كيميائية.
  • أدوية وملابس ومنسوجات.
  • ألعاب أطفال، ومستحضرات تجميل.

هذه المنتجات تندرج تحت تصنيف منظمة الجمارك العالمية، وتُظهر بيانات أكتوبر 2023 حتى فبراير 2025 حجم التجارة التي لم تتأثر بتصاعد العدوان، بل تضاعفت في بعض الأشهر.
 

أسمنت في قلب الحرب.. تصدير يتزامن مع القصف
   أكثر ما يلفت في البيانات هو صادرات مصر من الأسمنت إلى الاحتلال، التي ارتفعت خلال الحرب بنسبة 3257% من نوفمبر 2023 إلى ديسمبر 2024.
ففي الوقت الذي كانت الطائرات الإسرائيلية تُمطر غزة بالقنابل، كانت شحنات الأسمنت المصري تتجه نحو الكيان الصهيوني بأعلى وتيرة.

بلغت قيمة صادرات الأسمنت وحدها 223.3 مليون دولار، وجاءت ذروتها في ديسمبر 2024، بقيمة 28.2 مليون دولار، تليه يناير 2025 بـ 26.1 مليون دولار.

وفي تحقيق سابق كشف أن موانئ مصرية باتت محطات رئيسية لشحن الأسمنت نحو إسرائيل منذ اندلاع الحرب، وهو ما يعززه أيضًا ارتفاع إنتاج مصر من الأسمنت وفق بيانات البنك المركزي المصري إلى 25.39 مليون طن في النصف الأول من 2024.
 

غذاء وسكر وألعاب.. صادرات لا تعرف الحرب
لم تتوقف الصادرات المصرية عند مواد البناء؛ فخلال الحرب، صدّرت القاهرة للاحتلال:

  • مواد غذائية (خضروات، فواكه، سكر، حبوب، توابل).
  • مشروبات.
  • منتجات صيدلانية.
  • ألعاب أطفال.
  • زيوت ومستحضرات تجميل.

بلغت قيمة المنتجات الغذائية والمشروبات المصدرة إلى الاحتلال 121.4 مليون دولار، لتأتي في المرتبة الثانية بعد مواد البناء، تليها المنتجات الكيميائية، ثم الآلات والمعدات.
 

في الاتجاه المعاكس.. ماذا استوردت مصر من الاحتلال الصهيوني؟
لم تكن التجارة في اتجاه واحد. فقد استوردت مصر من الكيان الصهيوني خلال الفترة ذاتها منتجات محلية المنشأ بقيمة 466 مليون دولار، شملت:

  • منتجات كيميائية تدخل في الصناعات النسيجية.
  • أقمشة وملابس.
  • أسمدة، بلاستيك، ورق، وتوابل.

وتُظهر البيانات أن المنتجات الكيميائية تصدّرت الصادرات الإسرائيلية إلى مصر بقيمة 327 مليون دولار، تليها المنسوجات بـ 97.2 مليون دولار، ثم المنتجات البلاستيكية والمطاطية والورقية.
 

الكويز.. تجارة محمية باتفاقية أمريكية
   يرتبط جزء من هذه المبادلات باتفاقية "الكويز" (QIZ)، الموقعة عام 2004 بين مصر والاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة، والتي تتيح للمنتجات المصرية دخول السوق الأمريكية دون جمارك إذا تضمنت مكونًا إسرائيليًا بنسبة 10.5% على الأقل.

هذه الاتفاقية ما زالت نافذة، رغم تغير السياق السياسي والشعبي، وتُفسر استمرار بعض التدفقات التجارية من وإلى إسرائيل، حتى في وقت الحرب.
 

عندما تتحدث الأرقام بصوت الحرب
تُظهر البيانات الشهرية تغيرات لافتة في حجم التبادل:

  • ديسمبر 2024 سجل أعلى قيمة صادرات مصرية إلى الاحتلال بـ 63.2 مليون دولار.
  • يوليو 2024 سجل ثاني أعلى معدل بـ 58.6 مليون دولار.
  • نوفمبر 2023 كان الأدنى بـ 25.7 مليون دولار.

أما الواردات الصهيونية إلى مصر، فسجلت أعلى قيمة في ديسمبر 2023 بـ 54.1 مليون دولار.