تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، ما يمكن وصفه بانهيار تام لسيادة القانون في الساحة الدولية.

فالمجازر اليومية والجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين الفلسطينيين تكشف عن ازدراء واضح للقانون الدولي، في الوقت الذي تُستغل فيه قوانين الدول لتجريم أي دعم للنضال الفلسطيني المشروع من أجل الحرية وتقرير المصير.

لقد أظهرت إسرائيل ازدراءها للمواثيق والقوانين الدولية منذ ما قبل إنشائها على أرض فلسطين عام 1948، عندما ارتكبت المليشيات الصهيونية عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين وسلطات الانتداب البريطاني.

وقاد هذه العمليات شخصيات مثل مناحيم بيجن وإسحاق شامير، واللذان أصبحا لاحقًا رئيسي وزراء، ولكنهما لم يجرؤا على زيارة بريطانيا بسبب ملاحقتهما بتهم الإرهاب ضد جنودها.

يتجلى هذا الازدراء اليوم في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب بشكل يومي، ليس فقط في غزة، بل في الضفة الغربية والقدس أيضًا. فبناء المستوطنات ونقل الأسرى الفلسطينيين إلى سجون داخل إسرائيل كلها تُعد جرائم حرب بموجب القانون الدولي.

وقد وصفت منظمات حقوقية مثل "بتسيلم"، و"هيومن رايتس ووتش"، و"العفو الدولية" إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، وهي جريمة إنسانية تتطلب تحركًا دوليًا... لكنه لم يحدث.

العالم كله يرى ويعرف، ومع ذلك تستمر إسرائيل في جرائمها دون عقاب. فهل السبب هو شعور أوروبا بالذنب تجاه المحرقة؟ لماذا يدفع الفلسطينيون ثمن جريمة ارتكبها النازيون في ألمانيا؟

هذه الدولة ما زالت تدعم إسرائيل سياسيًا واقتصاديًا رغم أن الجيش الإسرائيلي يُتهم بارتكاب مجازر موثقة بالصوت والصورة، بل ويُروج لها الجنود أنفسهم على وسائل التواصل دون خوف من المحاسبة.

ورغم أن جنوب إفريقيا رفعت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، وأقرت المحكمة بوجود "احتمال معقول" بوقوع إبادة، إلا أن إسرائيل لم تلتزم بقراراتها.

وقد زادت الأمور سوءًا عندما رحب رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، بنظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم وجود مذكرة توقيف بحقه صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، بل وأعلنت المجر انسحابها من المحكمة، في خطوة تظهر مدى ضعف الالتزام العالمي بالقانون الدولي.

منذ 7 أكتوبر 2023، تجاهلت الدول الغربية واقع الاحتلال الإسرائيلي الطويل والدموي.

ما حدث في ذلك اليوم هو نتيجة لعقود من القمع والقتل والتهجير الذي مارسته إسرائيل ضد الفلسطينيين، وليس سببًا في حد ذاته للعدوان الحالي.

إبادة غزة هي نتيجة منطقية لهذه السياسات، خاصة مع تصريحات قادة الاحتلال الذين يعلنون نيتهم "تطهير" غزة من الفلسطينيين. ولا شك أن الوتيرة في الضفة والقدس ستتسارع إذا تحقق لهم ما يريدون في غزة.

نحن نشهد تطهيرًا عرقيًا، نشهد إبادة جماعية، نشهد انتهاكًا ممنهجًا للقوانين الدولية... والعالم لا يحرك ساكنًا.

فهل نحتاج إلى تغيير القانون الدولي؟ أم يجب إصلاح المؤسسات المعنية بتطبيقه؟

الأمم المتحدة بحاجة ماسة إلى إصلاح، ومجلس الأمن لا بد أن يتخلى عن نظام "الدول الدائمة العضوية" وحق النقض (الفيتو)، ليصبح أعضاؤه متساوين مثل باقي الدول.

هذا قد يكون بداية لإعادة المعنى إلى القانون الدولي، وإلا... فلنبدأ في كتابة نعيه الآن.

https://www.middleeastmonitor.com/20250403-get-the-obituary-ready-for-international-laws-and-conventions/