يُقدم الذكاء الاصطناعي للعالم كأداة ثورية تهدف إلى تحسين حياة البشر عبر تطبيقاته في الطب والتعليم والصناعة، إلا أن الاحتلال الصهيوني يُظهر جانبًا مختلفًا تمامًا لهذا التطور، إذ تستخدمه لتحويله إلى أداة للتجسس والمراقبة والقتل الممنهج، خاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
 

الذكاء الاصطناعي.. من الابتكار إلى أداة عسكرية
   بينما يناقش العالم سياسات وأخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، تتجه إسرائيل بخطى ثابتة نحو عسكرة هذه التقنية، حيث طوّرت أنظمة ذكاء اصطناعي تُستخدم في العمليات العسكرية والمخابراتية، ما يجعلها سلاحًا رقمياً يُساعدها على تنفيذ عمليات الاغتيال والمراقبة الجماعية.

أحد أبرز الأدلة على هذا الاستخدام العسكري الخطير، تحقيق صحفي كشف أن جيش الاحتلال الصهيوني يعكف على تطوير نموذج ذكاء اصطناعي يشبه "شات جي بي تي"، لكنه مُدرب على ملايين المحادثات العربية التي تم جمعها عبر التجسس على الفلسطينيين لسنوات.
 

تجسس ممنهج عبر الذكاء الاصطناعي
   كشفت التقارير أن الوحدة 8200، وهي وحدة النخبة في الاستخبارات الصهيونية، قامت بتدريب نموذج لغوي ضخم باستخدام بيانات مكالمات ورسائل الفلسطينيين، ما يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الخصوصية.

تضمن هذا التدريب تحويل بياناتهم اليومية إلى قاعدة معلومات ضخمة تحتوي على 100 مليار كلمة عربية، ما يسمح لأجهزة المخابرات الصهيونية برصد وتحليل تحركات الأفراد ومحادثاتهم بسهولة غير مسبوقة.

هذا النموذج يعمل على فهم اللهجات الفلسطينية والعربية، مما يتيح للاحتلال الصهيوني مراقبة الشعب الفلسطيني بطريقة أكثر تفصيلاً، واستنتاج معلومات حول الأفراد والأنشطة اليومية استنادًا إلى أنماط المحادثات، مما يُسهل عمليات الاعتقال والاستهداف.
 

الاستخدامات العسكرية.. من غزة إلى الضفة
   لم يتوقف الذكاء الاصطناعي عند المراقبة، بل امتد إلى تحديد الأهداف في عمليات القصف التي شنّها جيش الاحتلال على قطاع غزة.
وكشفت تقارير أن أنظمة مثل "غوسبل" و"لافندر" لعبت دورًا في تحديد الأهداف خلال العدوان الصهيوني، حيث ساعدت هذه الأنظمة في تحديد أماكن القصف استنادًا إلى تحليل البيانات.

في الضفة الغربية، توسعت إسرائيل في استخدام تقنيات التعرف على الوجوه، حيث نشرت كاميرات مزوّدة بتقنية "الذئب الأحمر" و"الذئب الأزرق"، والتي تتيح للجنود التعرف على الأفراد واعتقالهم استنادًا إلى قواعد بيانات ضخمة، تشمل صور الفلسطينيين ومعلوماتهم الشخصية.
 

حملات تضليل إعلامي مدعومة بالذكاء الاصطناعي
   لم تكتف قوات الاحتلال الصهيوني باستخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات القمع، بل استغلته أيضًا في التأثير على الرأي العام العالمي.
وكشف تقرير صادر عن شركة "أوبن أي آي" أن إسرائيل استخدمت أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء حملات إعلامية مضللة، تهدف إلى الترويج لمواقفها حول الحرب على غزة، من خلال إنشاء حسابات وهمية ونشر تعليقات ومقالات وصور مفبركة.
 

التوجه العالمي نحو عسكرة الذكاء الاصطناعي
   رغم أن سلطات الاحتلال الصهيوني يعد نموذجًا صارخًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الأغراض العسكرية، إلا أنها ليست الوحيدة في هذا المجال. فقد أعلنت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) عن تطوير أداة ذكاء اصطناعي لمساعدة المحللين في معالجة البيانات، فيما تستمر وكالات الاستخبارات البريطانية والصينية في الاستثمار في هذه التقنيات.