تشهد سوق ألبان الأطفال في مصر أزمة متفاقمة نتيجة نقص التمويل وارتفاع الأسعار، في ظل الاعتماد الكبير على الاستيراد في وقت تعاني فيه البلاد من شح العملة الأجنبية.
وقد وضعت الحكومة في ديسمبر الماضي شروطًا صارمة للحصول على الألبان المدعمة، ما أدى إلى استبعاد العديد من الفئات التي كانت تعتمد عليها.
قيود جديدة على الدعم الحكومي
فرضت الحكومة شروطًا للحصول على ألبان الأطفال المدعمة، ما أدى إلى تراجع أعداد المستفيدين، حيث بات الدعم يقتصر على الرضع الذين فقدوا أمهاتهم.
وقد جاء ذلك في ظل نقص حاد في الألبان المدعمة خلال العام الماضي، مما أثار انتقادات واسعة بين المواطنين.
هيمنة الاستيراد وتحديات الإنتاج المحلي
تعد شركة "لاكتو مصر"، التي تأسست مطلع الألفية الجديدة، الشركة المحلية الوحيدة التي تنتج ألبان الأطفال، بينما يتم سد الفجوة في الطلب عبر الاستيراد. ومع تفاقم أزمة الدولار، أدرجت الحكومة صناعة ألبان الأطفال ضمن مبادرة التمويل الصناعي المدعوم، بهدف تقليل الاعتماد على الألبان المستوردة.
لكن خبراء القطاع الدوائي يرون أن التمويلات المتاحة لا تكفي لتوطين الصناعة بشكل فعال، مما يبقي السوق في دائرة الأزمات.
تمويل غير كافٍ لإنشاء مصانع جديدة
في نهاية العام الماضي، أعلنت الحكومة عن مبادرة لتقديم تمويلات للقطاع الصناعي بفائدة 15%، لدعم الصناعات الحيوية، ومن ضمنها صناعة ألبان الأطفال.
غير أن الحد الأقصى للتمويل المقدم للعميل الواحد لا يتجاوز 75 مليون جنيه، فيما تحتاج إقامة مصنع جديد لإنتاج ألبان الأطفال إلى استثمارات تتراوح بين 6 إلى 8 مليارات جنيه، بحسب إبراهيم عزت، رئيس مجلس إدارة "لاكتو مصر".
ارتفاع الأسعار واستمرار أزمات التوافر
تسببت أزمة نقص الألبان في ارتفاع أسعارها بنسبة تتراوح بين 30% و35% منذ مارس 2024، مع استمرار اعتماد السوق المصرية على استيراد حوالي 15 مليون علبة سنويًا بالدولار.
وتشمل قائمة الأسعار الحالية لبعض الأنواع المستوردة:
- نان 1: 315 جنيهًا
- S-26 برو جولد: 400 جنيه
- هيرو بيبي: 311 جنيهًا
- بيبيلاك: 368 جنيهًا
في المقابل، توفر "لاكتو مصر" الألبان المحلية بأسعار أقل نسبيًا، كما توفر وزارة الصحة عبوات الألبان المدعمة بسعر 5 جنيهات فقط، ضمن برامج الدعم الحكومي.
التوطين كضرورة لإنقاذ السوق
على الرغم من الجهود الحكومية، لا تزال مصر غير قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من ألبان الأطفال، حيث لا يتجاوز إنتاج "لاكتو مصر" 35 مليون عبوة سنويًا، منها 22 مليون عبوة مخصصة لوزارة الصحة، في حين يقدر الطلب المحلي بنحو 50 مليون عبوة سنويًا.
ويرى الخبراء أن العقبة لا تقتصر على التمويل فحسب، بل تمتد إلى نقص الخبرات التقنية اللازمة لإنشاء مصانع جديدة.
تحديات التوسع المحلي
يشير هيثم دويدار، رئيس لجنة الصناعة بالشعبة العامة باتحاد الغرف التجارية، إلى أن نجاح توطين صناعة ألبان الأطفال يتطلب تعاونًا بين الحكومة والقطاع الخاص، بالإضافة إلى تعزيز حملات التسويق لمنافسة المنتجات المستوردة، التي تسيطر على السوق بفضل حملاتها الإعلانية المكثفة.