في مواجة الإمارات في الأمم المتحدة جدد الحارث إدريس مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، في جلسة الخميس بمجلس الأمن الدولي، ردًا قويًا على محاولات الإمارات التلاعب بالسردية حول الحرب في السودان.
وخلال الجلسة، تبادل السودان والإمارات الكلمات عدة مرات، حيث وجه السودان اتهامًا مباشرًا لأبوظبي بتمويل وتسليح مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) وتأجيج الحرب، بينما سعت الإمارات جاهدةً للتنصل من مسؤوليتها.
 

الإمارات متورطة
   
وعبر ممثل الإمارات عن القلق بشأن معاناة الشعب السوداني، مشيرًا إلى الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية، ومطالبًا بآليات أقوى لحماية المدنيين.
بدا الخطاب مدروسًا بعناية لتقديم الإمارات كطرف محايد، داعيًا إلى وقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات بين طرفي النزاع.
لكن في الوقت الذي كانت فيه أبوظبي تحاول تقديم نفسها كوسيط سلام، كان العالم كله يدرك أنها طرف رئيسي في الحرب، وليست مجرد مراقب خارجي.

وفي كلمة مندوبة الإمارات حاولت التملص من الاتهامات، وبدلًا من معالجة دورها المثبت في تأجيج الحرب، حاولت المندوبة "نسيبة" ذات أصول فلسطينية إلقاء اللوم بالكامل على "جنرالين متحاربين".

وأدان نسيبة "العنف"، وطالب بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، واقترح إضافة العنف الجنسي المرتبط بالنزاع كمعيار مستقل في نظام العقوبات بالأمم المتحدة.

وقال مراقبون إن الجرائم التي زعمت الإمارات إدانتها هي ذاتها التي ترتكبها المليشيا التي تواصل دعمها.
 

لا تضيعوا الوقت
   
ومن جانبه، لم يضيع الوقت في كشف زيف ادعاءات الإمارات بالحياد، وأمام المجلس الدولي، أكد الإمارات ليست مراقبًا في هذه الحرب، بل هي محركها الأساسي.
واتهم أبوظبي بإشعال الحرب في السودان وإطالة أمدها، ليس بدافع الاهتمام بالسلام، بل بغرض احتلال السودان، ونهب موارده، وفرض سيطرتها من خلال وكلائها.

وأشار إدريس في رد بالأدلة إلى تقارير الأمم المتحدة، وشهادات أمام الكونجرس الأمريكي، وتحقيقات كشفت عن دعم الإمارات لمليشيا الدعم السريع (الجنجويد).

وحكي عن تفاصيل استخدام الطائرات المسيّرة والأسلحة الإماراتية في 188 غارة على دارفور، وهبوط طائرات إماراتية في مدارج ترابية في نيالا لتزويد المليشيا بالسلاح، واستغلال أبوظبي للأراضي التشادية كنقطة انطلاق لهجماتها.
كما فضح كيف أن المساعدات الإنسانية التي تدّعي الإمارات تقديمها ليست سوى غطاء لتمويل المليشيا بالسلاح.

واتهم إدريس الإمارات بمحاولة تبييض دورها عبر الحديث عن "عناصر خارجية" مجهولة، في حين أن العنصر الخارجي الوحيد الذي يسلح ويدعم المليشيا هو الإمارات.
ودعا مجلس الأمن إلى تسمية الإمارات صراحةً وتحميلها المسؤولية عن الدمار الذي تسببت فيه.
 

محاولة يائسة
   
بعد هذا الرد الثاني، حاولت الإمارات استعادة زمام الأمور عبر مداخلة ثانية، لكنها لم تقدم أي رد حقيقي على الاتهامات الموجهة إليها.
بدلًا من ذلك، لجأت إلى أسلوب الإنكار والتشكيك، متهمةً السودان بـ "ترويج معلومات مضللة"، وكررت مزاعمها بأنها ليست طرفًا في الحرب ولا تدعم أي جهة.

وزعمت الإمارات أن السودان هو من يطيل أمد الحرب عبر رفضه وقف إطلاق النار، متجاهلة أن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يتم بينما تواصل هي تزويد مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) بالأسلحة والطائرات المسيّرة.
كانت هذه محاولة مكشوفة لتغيير الموضوع، لكنها لم تنجح في صرف الانتباه عن الحقائق التي قدمها السودان.
 

أبوظبي تسلح المليشيا
   
وللمرة الثالثة، لا يسكت السودان على الاتهامات العبثية للإمارات، بل قدم أدلة موثقة على أن الإمارات تمول الحرب من خلال تزويد مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) بالسلاح والمال.
وذكّر المجلس بأن السودان قدم شكوى رسمية من 74 صفحة توثق بالتفصيل دور الإمارات، مشيرًا إلى تقارير مؤسسات مستقلة وشهادات قدمت إلى الكونجرس الأمريكي.

وأكد إدريس أن الحرب لن تتوقف طالما أن الإمارات مستمرة في دعم المليشيا، مشددًا على أن القوات المسلحة السودانية تقاتل لاستعادة البلاد من مجموعة مسلحة تدعمها قوة أجنبية، وليس لخوض صراع داخلي عادي.
ودعا الأمم المتحدة إلى التوقف عن وصف الحرب وكأنها نزاع داخلي والاعتراف بها على حقيقتها: محاولة مدعومة من الخارج لزعزعة استقرار السودان والسيطرة عليه.
 

الرد الأخير للإمارات
   
رغم الأدلة الدامغة ضدها، أصرت الإمارات على أن تكون لها الكلمة الأخيرة. عاد ممثلها لاتهام السودان بتشويه الحقائق، مدعيًا أنه لو كان السودان جادًا بشأن السلام، لكان قد وافق على وقف إطلاق النار بدلاً من الاستمرار في الحرب.
كما زعمت الإمارات أن السودان يعطل وصول المساعدات الإنسانية، محاولًا تحويل الانتباه عن جوهر القضية.

وقال مراقبون سودانوين إنه "رغم محاولة الإمارات إنقاذ موقفها، فإن الحقائق التي قدمها السودان كانت أقوى من أن يتم إنكارها.
فالإمارات، التي تحاول الترويج لنفسها كوسيط للسلام، هي ذاتها التي تمول وتسهل جرائم مليشيا الدعم السريع (الجنجويد).".

وأكدوا أن "رسالة السودان للمجلس واضحة: هذه ليست حربًا بين جنرالين، بل معركة ضد تدخل أجنبي يهدف إلى إخضاع السودان. أنفقت الإمارات مليارات الدولارات على تمويل مليشيا إرهابية، بينما تحاول التظاهر بأنها طرف محايد يدعو للسلام. لكن السودان يرى الحقيقة بوضوح، ولن يسمح للإمارات بالتلاعب بمصيره.".

الرسالة الأكيدة من السودان أن "الحرب ستستمر طالما أن الإمارات مستمرة في دعم مليشيا الدعم السريع (الجنجويد).
حتى ذلك الحين، سيواصل السودان الكفاح من أجل أرضه، وسيادته، ومستقبل شعبه، مهما حاولت الإمارات إخفاء الحقيقة.
 

رابط تصريحات الحارث إدريس ومندوبة الإمارات :
https://x.com/Mustafa_sdm1/status/1900287503652782498