تحل اليوم الذكرى الرابعة عشرة لأحداث "موقعة الجمل"، واحدة من أكثر المحطات دموية في تاريخ ثورة 25 يناير 2011، حيث قُتل 14 شخصًا وأصيب أكثر من 1500 آخرين، وفق إحصائيات وزارة الصحة، دون أن تتم محاسبة أي متهم في هذه القضية حتى الآن.
 

النقطة المفصلية في مسار الثورة
   وقعت أحداث "موقعة الجمل" يومي 2 و3 فبراير 2011، بعدما اقتحم مؤيدو الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ميدان التحرير، حيث كان آلاف المتظاهرين يطالبون برحيله، مستخدمين الجمال والبغال والخيول، في مشهد أثار صدمة المصريين والعالم.
وجاءت هذه الواقعة عقب خطاب ألقاه مبارك مساء الأول من فبراير، أعلن فيه عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، ما أدى إلى انقسام في الشارع المصري بين متعاطف معه ومصرّ على استكمال الثورة.

لكن صباح اليوم التالي، جاء الهجوم المنظم على المتظاهرين ليقلب الموازين تمامًا، حيث انقلب التعاطف المحدود مع مبارك إلى رفض قاطع لاستمراره في الحكم، ما دفع الشباب إلى التشبث أكثر بمطالبهم حتى أعلن تنحيه في 11 فبراير.
 

تخطيط ممنهج وقوى متورطة
   مع حلول ظهر 2 فبراير، حذر التلفزيون الرسمي من "عناصر إثارية" متجهة إلى ميدان التحرير، وهو ما مثَّل تمهيدًا للهجوم، وبعد ذلك بساعات، بدأت جموع من أنصار مبارك تتدفق إلى الميدان، بعضهم مسلح بالعصي والسيوف، في محاولة لفض الاعتصام بالقوة، وسرعان ما تطورت الأحداث إلى اشتباكات دامية، استخدم فيها المعتدون أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة، وسط  دفع أموال لبعض المشاركين لتنفيذ الاعتداء من قبل رجال الحزب الوطني التابع للمخلوع مبارك.

لم يكن الهجوم عشوائيًا، فقد كشفت التحقيقات وشهادات الشهود لاحقًا تورط رموز بارزة من النظام الأسبق، بينهم رجال أعمال ومسؤولون في الحزب الوطني الحاكم حينها، الذين قدموا تمويلًا وتوجيهًا لهذه العملية العنيفة، كما شهدت القاهرة تحركات متزامنة لمؤيدي مبارك، حيث خرجت مسيرات في مناطق عدة رافعة شعارات مؤيدة له، فيما كانت أعين العالم تتابع المأساة التي وقعت في قلب العاصمة.
 

الليلة الثانية.. صمود المعتصمين وسقوط المزيد من الضحايا
   مع دخول مساء 2 فبراير، لم ينجح المعتدون في السيطرة على الميدان، لكنهم واصلوا الهجوم في اليوم التالي، مستخدمين أسلحة نارية أودت بحياة المزيد من المعتصمين. رغم ذلك، صمد المتظاهرون، وبحلول مساء 3 فبراير، كانوا قد تمكنوا من إحكام السيطرة على ميدان التحرير من جديد، ليصبح ذلك اليوم علامة فارقة في الثورة، حيث فقد نظام مبارك آخر أوراقه في مواجهة الحراك الشعبي.
 

المحاكمة.. مهزلة العدالة وضياع الحقوق
   بعد أشهر من الإطاحة بمبارك، بدأت محاكمة 25 متهمًا في القضية، من بينهم شخصيات بارزة مثل صفوت الشريف، فتحي سرور، وعائشة عبد الهادي، إلا أن المحاكمة انتهت ببراءة جميع المتهمين في أكتوبر 2012، وفي وقت لاحق، أغلقت محكمة النقض الملف نهائيًا، مؤكدة أحكام البراءة، لتظل "موقعة الجمل" جريمة بلا عقاب، مع غياب العدالة عن الضحايا وأسرهم.

فيما كشف الحقوقي جورج إسحاق أن النائب العام هشام بركات رفض إعادة التحقيق في القضية، مبررًا القرار بانتهاء المدة القانونية للطعن، هذا القرار عزز الشعور بالإحباط لدى أهالي الضحايا، الذين ظلوا يطالبون بإعادة المحاكمة.
 

إرث الثورة.. دروس لا تُنسى
   رغم مرور 14 عامًا على موقعة الجمل، تبقى ذكراها حاضرة في وجدان المصريين، كونها لحظة مفصلية في تاريخ ثورة يناير، فقد أثبتت هذه الواقعة هشاشة النظام الأسبق واعتماده على العنف للبقاء في السلطة، لكنها أيضًا أظهرت قوة وإرادة الشباب المصري، الذين تحدوا الترهيب والقتل من أجل تحقيق حلمهم بالتغيير.
 

الفيديوهات:
https://www.youtube.com/watch?v=7F3hbTrw9EU
https://www.youtube.com/watch?v=XhuFdC7T73g
https://www.youtube.com/watch?v=kG40INHpFYk
https://www.youtube.com/watch?v=GNySj3-tMW0
https://www.youtube.com/watch?v=3yc5yfqy2Hk
https://www.youtube.com/watch?v=z8tKowC_rEI
https://www.youtube.com/watch?v=Z4GzvSojz8Q