يشير المحللون إلى أن المخاوف المتزايدة بين المصريين من تخفيض جديد لقيمة الجنيه المصري غير مبررة إلى حد كبير.
فقد وصل الجنيه إلى أدنى مستوى رسمي له الأسبوع الماضي، حيث يتداول الدولار الأمريكي بـ 50 جنيهًا.
ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن هذا الانخفاض الأخير طفيف وأن سعر الصرف قد يعود إلى نطاق 49-50 جنيهًا بمجرد زوال الاضطرابات المرتبطة بالانتخابات الأمريكية.
انخفضت قيمة الجنيه المصري في مارس 2023 بنسبة تزيد عن 60% كجزء من اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
كان هذا التخفيض الرابع منذ عام 2022، مما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف المعيشة، وهو ما أثّر سلبًا على ملايين المصريين الذين لم ترتفع دخولهم لتواكب هذه الزيادات.
يعتمد الاقتصاد المصري بشكل كبير على استيراد المكونات اللازمة للإنتاج، مما يجعل التقلبات في سعر الصرف تؤثر بشكل مباشر على الصناعات.
وأثار الانخفاض الأخير في قيمة الجنيه قلق المستهلكين والمستوردين الذين يخشون من زيادات جديدة في أسعار الغذاء والنقل والخدمات الأساسية.
يُعتبر مستوى الخمسين جنيهًا حاجزًا نفسيًا لكثير من المصريين، مما يفسر حالة الاستياء العام من التراجع الأخير.
على الرغم من تصريحات حكومة السيسي بأن هذه التغيرات طبيعية ضمن نظام سعر صرف مرن، شكّك بعض الخبراء في مدى مرونة هذا النظام فعليًا، مشيرين إلى أنه قد لا يزال يخضع لبعض التدخلات الحكومية.
حاول مدبولي رئيس وزراء السيسي طمأنة المواطنين من خلال خطاب ألقاه في نهاية نوفمبر، مؤكّدًا أن الانخفاضات الطفيفة في قيمة الجنيه ليست مدعاة للقلق.
إلا أن تصريحاته جاءت بنتائج عكسية، إذ أدت إلى حالة من الذعر في السوق، حيث قام بعض الموردين بزيادة أسعار منتجاتهم تحسبًا لتغيرات مستقبلية.
وقد أعلنت شركات الاتصالات في مصر عن زيادة أسعار خدماتها بنسبة 30% بدءًا من يناير 2024، ما زاد من أعباء المواطنين.
وعلى الجانب الآخر، أشار المحللون إلى أن ارتفاع قيمة الدولار عالميًا ساهم في تراجع الجنيه.
وارتبط ذلك بزيادة ثقة المستثمرين في الأسواق المالية الأمريكية بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، إلى جانب ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية في مصر لتمويل استيراد السلع تحضيرًا لموسم رمضان القادم.
ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن الدولار لن يشهد ارتفاعات كبيرة أخرى أمام الجنيه خلال الأشهر القادمة.
من بين التحديات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد المصري حاليًا الانخفاض الكبير في عائدات قناة السويس نتيجة الاضطرابات السياسية والجيوسياسية في المنطقة.
فقد انخفضت العائدات بنسبة تتراوح بين 50٪ و60٪ بسبب تعطيل حركة الشحن في البحر الأحمر نتيجة الصراع في اليمن وتأثيره على التجارة العالمية.
في الوقت نفسه، تستمر حكومة السيسي في الاعتماد بشكل كبير على أدوات الدين قصيرة الأجل لتمويل احتياجاتها، حيث باعت أذون خزانة بقيمة تجاوزت 450 مليار جنيه بين نوفمبر وديسمبر 2024.
ورغم أن هذا الاعتماد يشكّل مصدر قلق طويل الأجل، يأمل الخبراء أن تتمكن الحكومة من تقليل الاعتماد على الديون بعد تجاوز المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد.
https://www.thenationalnews.com/business/2024/12/13/could-the-egyptian-pound-be-devalued-again/