في خطوة مثيرة للجدل وغير مبررة، قاد نائب رئيس جهاز مدينة بدر، سيد أمين، حملة لتقطيع الأشجار في مناطق مختلفة من المدينة، مما أثار استياءً واسعاً بين السكان.
هذا الإجراء الصادم يطرح تساؤلات حول الرؤية البيئية والاستراتيجية للمسؤولين عن إدارة المدينة، ويثير القلق بشأن مستقبل المساحات الخضراء في ظل التطورات العمرانية السريعة التي تشهدها مصر.
كيف يمكن لمثل هذه التصرفات أن تتعارض بشكل مباشر مع التوجهات الوطنية الرامية إلى تعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة؟

الأشجار التي تمت إزالتها لم تكن مجرد غطاء نباتي، بل كانت تمثل جزءاً من الهوية البيئية للمدينة، حيث كانت توفر الظل، وتساهم في تحسين جودة الهواء، وتضفي شعوراً بالراحة النفسية على سكان المدينة. تقطيع هذه الأشجار بشكل عشوائي يُعد انتهاكاً صارخاً للمعايير البيئية التي تتبناها الدولة، خاصة في ظل التحديات المناخية والبيئية التي تواجه مصر والعالم بأسره.

تكاليف إزالة تلك الأشجار لا تقتصر فقط على النفقات المالية التي سيتم تكبدها لإعادة زراعتها، ولكن تشمل أيضاً الخسائر الاجتماعية والبيئية الكبيرة.
ففي وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية ضاغطة، وإجراءات تقشفية، يأتي إهدار الموارد على مثل هذه القرارات غير المدروسة ليزيد من الضغوط على الحكومة، ويعزز من شعور المواطنين بالإحباط تجاه أداء الأجهزة المحلية.

وفي هذا السياق، يتوجه سكان مدينة بدر بنداء عاجل إلى وزير الإسكان، شريف الشربيني، للتدخل الفوري لوقف هذه التجاوزات.
الوزير الذي يُعرف عنه التزامه بتطوير المدن الجديدة والاهتمام بجودة الحياة للسكان، لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه التصرفات التي تتنافى مع الأهداف الوطنية الرامية إلى خلق بيئات حضارية مستدامة.

إن تقطيع الأشجار في مدينة بدر يعكس غياب التخطيط والرؤية لدى بعض المسؤولين المحليين، ويتناقض تماماً مع أهداف الدولة المعلنة لتطوير المدن الجديدة وتحسين جودة الحياة فيها، فالأشجار، بما تمثله من فوائد بيئية وصحية واجتماعية، تعتبر ركيزة أساسية في أي مشروع حضاري يهدف إلى تحسين حياة المواطنين.

القرار الجائر بإزالة الأشجار يعيد إلى الأذهان مسألة ضعف الإدارة البيئية في العديد من المدن المصرية. حيث لا تزال السياسات المتعلقة بالحفاظ على البيئة بحاجة إلى مراجعة وتطبيق صارم لضمان استدامتها. إن استمرار هذه التصرفات العشوائية قد يؤدي إلى فقدان ثقة المواطنين في الجهات الحكومية، ويهدد بفشل الجهود المبذولة في تحسين جودة الحياة.

تُعتبر المساحات الخضراء جزءاً لا يتجزأ من التنمية المستدامة التي تسعى مصر إلى تحقيقها.
فالعديد من المدن الكبرى حول العالم تعمل جاهدة على زيادة رقعة المساحات الخضراء لديها، إدراكاً منها لأهمية هذه المساحات في مواجهة التغيرات المناخية وتحسين الصحة العامة للسكان. بالمقابل، تبدو إدارة مدينة بدر وكأنها تفتقر إلى رؤية واضحة أو استراتيجية للحفاظ على البيئة، وهو ما يعكس سوء التخطيط.

إزالة الأشجار ليست مجرد إجراء مؤقت، بل هي ضربة موجعة لنظام بيئي متكامل في مدينة بدر. هذه الأشجار كانت تؤدي دوراً رئيسياً في تنقية الهواء والحد من آثار التلوث، كما كانت توفر مساحات ظل طبيعية للسكان، لا سيما في ظل الحرارة الشديدة التي تعاني منها مصر خلال أشهر الصيف. هذا يتطلب إعادة النظر في سياسات إدارة المدينة لضمان الحفاظ على هذه الموارد الحيوية.

الأمر يستدعي فتح تحقيق موسع وشامل حول قرار تقطيع الأشجار، خاصة وأن هذا الفعل يُعد انتهاكاً للحقوق البيئية للمواطنين. المسؤولون عن هذه القرارات العشوائية يجب أن يُحاسبوا، لأن تجاوزاتهم لا تؤثر فقط على البيئة، بل تمس صحة ورفاهية السكان بشكل مباشر.

يُطرح هنا السؤال الحتمي: أين هي المحاسبة والمسؤولية؟ هل ستتخذ الحكومة إجراءات فورية وحازمة لتصحيح هذا الخطأ الفادح؟ أم سيظل الوضع على حاله دون تغيير؟ الإجابة على هذه التساؤلات ستكون حاسمة في تحديد مدى جدية الدولة في حماية بيئتها ومواطنيها.

التحرك السريع من قبل وزارة الإسكان أصبح أكثر من ضرورة ملحة، حيث أن اتخاذ خطوات جريئة وعاجلة يمكن أن يعيد الثقة بين المواطنين والجهات الحكومية.
وزارة الإسكان مطالبة اليوم باتخاذ قرارات تنقذ ما تبقى من المساحات الخضراء في المدينة، وتوقف هذا العبث الذي يهدد استدامة البيئة.

المسؤولية عن الحفاظ على البيئة ليست رفاهية، بل هي ضرورة لضمان مستقبل صحي للأجيال القادمة.
قضية الأشجار في مدينة بدر تمثل نموذجاً لتحديات أوسع تواجه السياسات البيئية في مصر.
ومن هنا يجب على الجميع، حكومةً ومواطنين، أن يتكاتفوا للحفاظ على البيئة والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه القرارات غير المدروسة.

في النهاية، يظل الحفاظ على البيئة مسؤولية مشتركة.
لا يمكن ترك الأمور لمجرد المصادفة، فالتحرك هو السبيل الوحيد لإنقاذ مدينة بدر من هذه السياسات الفاشلة، وضمان أن تكون المدن الجديدة في مصر رمزاً للتنمية المستدامة والحياة الكريمة.