لم تستطع دولة الاحتلال أن تحقق أهدافها التي أعلنتها من حربها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي وطوال أكثر من 6 أشهر متواصلة.

وتواجه إسرائيل في الوقت ذاته مظاهرات أهالي الأسرى الذين يطالبون بإبرام صفقة سريعة مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، كما يدعو بعض وزراء دولة الاحتلال إلى حل مجلس الحرب بعد أن ابتعدت إسرائيل عن تحقيق النصر المطلق في غزة.

وتشير العديد من المظاهر أن إسرائيل تواجه خطرًا وجوديًا حقيقيًا، ومن أهم هذه المظاهر:

 

الانقسام الداخلي

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، إن الانقسام الداخلي يجب أن يختفي، مدعيًا أن تل أبيب تواجه "خطرًا وجوديًا".

جاء ذلك خلال كلمة أمام منتدى لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في تل أبيب.

وأضاف نتنياهو أن "الانقسام الداخلي يجب أن يختفي الآن، لأننا في خطر وجودي".

وتابع: "عندما يكون هناك خطر وجودي نوحد القوى ولا نفرقها".

وأشار إلى التزام تل أبيب "بهزيمة المحور الإرهابي في غزة، وتحرير المحتجزين، وصد التهديد الشامل الذي تمثله إيران"، معتبرًا أن "هذه مهام كبيرة للغاية وتتطلب شيئين: التصميم والوحدة".

ووفق القناة "12"، شهدت جلسة "الكابينت" مساء الثلاثاء  قبل الماضي أيضًا توترًا بين المستويين العسكري والسياسي، حول قضية الصفقة المحتملة مع حماس لتبادل الأسرى.

وقالت الوزيرة ريغيف: "إذا لم يكن هناك خيار سوى إعادة السكان (الفلسطينيين) إلى الشمال من أجل إعادة المختطفين أحياء، فيجب القيام بذلك. ففي النهاية، سيعودون".

لكن وزير العدل ليفين أعلن رفضه لعودة سكان شمالي غزة إلى منازلهم وقال: "أنا أعارض ذلك، فسوف يؤدي إلى تآكل إنجازات الحرب".

وعاودت ريغيف الحديث بقولها: "يا رئيس الأركان، قلت في مؤتمر صحفي بمناسبة مرور نصف عام على الحرب، إنك تملك الجواب (العسكري) على كل قرار يتخذه المستوى السياسي، لذا ستمنحنا الجواب، يجب ألا يطلقوا النار (من شمال غزة) على سديروت. لدينا طائرات بدون طيار في الجو، لتقضوا عليهم من الجو".

ورد رئيس الأركان: "عندما تختارون الحل سنعرف كيف نترجم قراراتكم إلى عمل عسكري حازم وصحيح. نعرف كيف نرد".

وقال وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير متهكمًا: "رأينا كيف تعرفون أن تردوا".

 

الدعوة إلى "حل" مجلس الحرب

ومن جهته، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، أمس الأربعاء، إلى حل مجلس الحرب، كي "لا تبتعد إسرائيل أكثر عن تحقيق النصر المطلق" في حربها على قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من نصف عام.

جاء ذلك في تدوينة على منصة "إكس" للوزير بن غفير رئيس حزب "قوة يهودية" تعليقًا على هجمات لحزب الله، وخروج مئات الفلسطينيين في دير البلح وسط غزة إلى البحر للتخفيف من ارتفاع درجة الحرارة في القطاع.

وقال بن غفير: "في غزة، صور الآلاف يستحمّون على الشاطئ، وفي الشمال، رأى حزب الله أن مجلس الحرب لا يرد على إطلاق مئات الصواريخ من إيران على الأراضي الإسرائيلية، فرفع رأسه وقام بخطوة عدوانية ضدنا كلفتنا اليوم جنودًا وجرحى".

وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة 14 من جنوده، بينهم 6 بجروح بالغة في هجوم شنه "حزب الله" بصواريخ مضادة للدروع وطائرات مسيرة على منطقة عرب العرامشة في الجليل الغربي شمال إسرائيل.

وتابع بن غفير: "لقد حان الوقت لتفكيك مجلس الحرب، ووقف سياسة الاحتواء والرد المحدود، وأن نظهر لأعدائنا أن صاحب البيت قد جن جنونه".

وأضاف: "للأسف الشديد، طالما استمرت السياسة الحالية لمجلس الحرب، فإن النصر المطلق يبتعد أكثر فأكثر".

ولم يصدر عن المجلس أو رئاسة الوزراء أي تعليق فوري بشأن تصريحات بن غفير.

ويضم مجلس الحرب الإسرائيلي الذي تشكل بعد عملية "طوفان الأقصى" كلا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس.

ويشارك في المجلس، بصفة مراقب، كل من قائد الأركان السابق غادي آيزنكوت، ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر.

وشاع استخدام مصطلح "النصر المطلق" بين الساسة من الائتلاف اليمني المتطرف بقيادة نتنياهو، منذ بداية الحرب، والذي ارتبط بتحقيق 3 أهداف في غزة تتمثل في "القضاء على حركة حماس عسكريًا وسلطويًا، وإعادة المحتجزين، وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا لإسرائيل مرة أخرى".

 

فشل إسرائيل في تحقيق النصر المطلق

قالت صحيفة أمريكية إن دولة الاحتلال "تواجه حاليًا احتمال خسارة هذه الحرب مع فقدان القتال زخمه، وعدم وجود خطة متماسكة لما بعد الحرب".

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير لها "أن اجتياح قطاع غزة أصبح متعثرًا مع عودة معظم الجنود الإسرائيليين إلى ديارهم، وكذلك رجوع "حماس" إلى المناطق التي أعلن الجيش الإسرائيلي تطهيرها من المسلحين في الفترة السابقة، وعدم نجاح إسرائيل في تحقيق هدفها المعلن من الحرب والمتمثل في القضاء على قادة حماس وتدمير الحركة عسكريًا وسياسيًا".

وبينت الصحيفة، أن بعض القادة العسكريين والسياسيين ألقوا اللوم على فشل نتنياهو، في وضع خطة لغزة ما بعد الحرب، قائلين إنها "تركت فراغًا سياسيًا تستغله حماس لبناء نفسها ولاستعادة نفوذها في القطاع".

وأشارت الصحيفة "إلى أن الإحباط يتزايد أسبوعيًا بين أفراده بسبب عدم تقديم الحكومة رؤية مستقبلية واضحة، لأنه بدون خطة سياسية لغزة، فإن المكاسب التكتيكية على أرض المعركة لن تترجم إلى أي نصر إستراتيجي دائم، كما يقول كبار الضباط والجنود الحاليين والسابقين الذين أمضوا أشهر في القتال الشاق".

 

مظاهرات إسرائيلية لإقالة حكومة نتنياهو

ويتظاهر آلاف الإسرائيليين بشكل يومي في أنحاء البلاد، للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، واستقالة حكومة بنيامين نتنياهو، وإبرام صفقة تبادل أسرى تؤدي إلى الإفراج عن المحتجزين في قطاع غزة.

ويتهم أهالي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، نتنياهو بعرقلة جهود التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى صفقة تبادل، مقدمًا مصالحه السياسية.

وتمارس المعارضة واحتجاجات شعبية في إسرائيل ضغوطًا على نتنياهو للإسراع بالتوصل إلى اتفاق مع حماس.

وأظهر استطلاع للرأي أن "68 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو، لا يدير الحرب على غزة، بنحو جيد، فيما قال 29 بالمئة بأنه يديرها بشكل جيد، بينما قال 3 بالمئة إنهم لا يعرفون".

وذكر الاستطلاع، الذي نشرت نتائجه هيئة البث العبرية الرسمية قبل 10 أيام، أن 45 بالمئة من الإسرائيليين يُحمّلون نتنياهو مسؤولية أحداث السابع من أكتوبر الماضي، بينما يُحمّل 35 بالمئة منهم قيادة الجيش المسؤولية، و3 بالمئة وزير الدفاع يوآف غالانت، أما الباقون فرفضوا الإجابة.

وبحسب استطلاع الرأي، طالب 42 بالمئة من الإسرائيليين، نتنياهو، بالاستقالة فورًا نتيجة أحداث السابع من أكتوبر، فيما قال 29 بالمئة إنه عليه الاستقالة، لكن بعد انتهاء الحرب، بينما قال 21 بالمئة فقط إن عليه الاستمرار بمنصبه رغم الأحداث.

وتتهم حماس نتنياهو بـ"التعنت" وعدم الرغبة في إنجاز اتفاق، وتتمسك بإنهاء الحرب على غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي، وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم ودخول مساعدات كافية إلى القطاع.

 

إصابة 7200 جندي إسرائيلي وإعاقة 2000 آخرين

وأقرت وزارة الدفاع الإسرائيلية، أمس الأربعاء، بإصابة أكثر من 7 آلاف و200 جندي، منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023.

وقالت شعبة التأهيل بالوزارة: "تم إدخال 7209 مصابين إلى جناح إعادة التأهيل منذ 7 أكتوبر، وظهرت لدى حوالي 30 بالمئة منهم، أي 2111 مصابًا، ردود فعل عقلية مختلفة (أزمات نفسية)"، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وتابعت الشعبة: "بالنسبة لنحو 60 بالمئة مِمن أصيبوا بأزمات نفسية، أي حوالي 1267 مصابًا، فإن الإصابة النفسية هي الإصابة الرئيسة".

وأفادت بأن "95 بالمئة من المصابين إجمالًا هم من جنود الاحتياط حتى سن 30 عامًا".

ووفق شعبة إعادة التأهيل، فإن "قسم إعادة التأهيل يستعد لاستقبال نحو 20 ألف مصاب جديد بنهاية 2024، بينهم مصابون بأعراض نفسية منها القلق واكتئاب ما بعد الصدمة وصعوبات التكيف والتواصل".

وفي وقت سابق الأربعاء، اعترف الجيش الإسرائيلي بـ"إعاقة" أكثر من 2000 جندي وشرطي وعنصر أمن، منذ بداية حربه على غزة قبل أكثر من 6 أشهر، حسب موقع "واللا" الإخباري العبري.

وأفادت المعطيات بأنه "منذ 7 أكتوبر، اعترفت شعبة إعادة التأهيل في الجيش بإعاقة أكثر من 2000 جندي وشرطي وعنصر أمن، بمعدل حوالي 60 معاقًا كل يوم".

و"من بين هؤلاء المعاقين حوالي 60 بالمئة مصابون بالأطراف، بما فيها عمليات البتر، ونحو 10 بالمئة إصابات في الأعضاء"، وفق المعطيات.

وبشكل عام، حسب المعطيات، "ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في النوم من 18.7 بالمئة الصيف الماضي إلى 37.7 بالمئة، أي بزيادة 101 بالمئة".

وقال الموقع إن "الإبلاغ عن المعاناة من ضغوط عالية ارتفع إلى 43.5 بالمئة أثناء الحرب، بزيادة نحو 78 بالمئة".

وتابع: "أفاد مديرون (في مؤسسات العمل) بزيادة في غياب الموظفين، ونقص ملاجئ الطوارئ، وزيادة الشعور بالتوتر أثناء العمل" منذ بداية الحرب.

ووفق معطيات الجيش الإسرائيلي عبر موقعه الإلكتروني الأربعاء، قُتل 604 ضباط وجنود وجُرح 3 آلاف و219 منذ 7 أكتوبر الماضي.

وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 110 آلاف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.

وأعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، الخميس، ارتفاع حصيلة الحرب الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023، إلى 33 ألفًا و970 شهيدًا و76 ألفًا و770 مصابًا.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فورًا، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".