ذكر إعلام إسرائيلي، اليوم الثلاثاء، أن رد إسرائيل على هجوم إيران يحتمل 3 سيناريوهات تشمل هجومًا إلكترونيًا، أو إلكترونيًا وصاروخيًا محدودًا، أو هجومًا كبيرًا عبر الإنترنت واستهداف مجمعات عسكرية.

وقالت القناة 12 الخاصة: "منذ إدراك الولايات المتحدة وأوروبا أن إسرائيل تعتزم الرد، يحاول المعلقون والخبراء العسكريون فهم نوع الرد الذي ستختاره، بينما كل رد قد تكون له عواقب أخرى، مع تهديد إيران 'بالرد بقوة' أو 'استخدام سلاح' لم تستخدمه مطلقًا ضد أي هجوم إسرائيلي"، وفقًا لـ"الأناضول".

وأضافت: "بالأمس، قدّم الجيش الإسرائيلي عدة خيارات لشن هجوم على إيران في اجتماع حكومة الحرب".

 

ثلاث سيناريوهات إسرائيلية

وفي هذا السياق، لفتت القناة إلى أن "الرد المدروس والمحدود، قد يكون هجومًا إلكترونيًا فقط، دون هجوم حركي بإطلاق الصواريخ أو هجوم بالقوات الجوية".

وتابعت: "قد يكون الهجوم 'المعتدل' عبارة عن هجوم إلكتروني مقترن بهجوم صاروخي محدود على قاعدة عسكرية صغيرة أو مجمّع عسكري واحد".

وبحسب القناة، "سيتضمن الهجوم الكبير عدة أشياء معًا، سواء عبر الإنترنت أو إطلاق النار على العديد من المجمّعات العسكرية، بعضها مهم للغاية، في المراكز الإستراتيجية في جميع أنحاء إيران".

وأردفت: "أين وماذا ومتى وكيف، 4 أسئلة لا تزال الإجابة عنها غير واضحة عندما يتعلق الأمر بالرد على الهجوم غير المسبوق الذي شنّته إيران ضد إسرائيل ليلة السبت الأحد".

وأكملت: "كل ما هو معروف حتى الآن هو أن إسرائيل قررت الرد على إطلاق النار رغم 'فشل الهجوم'، وأن هناك اتفاقًا بين المستويين السياسي والأمني ​​على أن مثل هذا الرد ضروري".

واستطردت القناة الإسرائيلية أنه "من المنتظر أن تجتمع حكومة الحرب مرة أخرى اليوم لبحث طبيعة الرد وموعده".

وزادت: "من أجل التحضير للرد الذي لم يتضح تاريخه، من المتوقع أيضًا أن يلتقي نتنياهو بقادة المعارضة لتحديث الوضع الأمني، بعد أن كان من المفترض عقد مثل هذا اللقاء أمس، وتم تأجيله".

ومضت بالقول إنه "خلال الأيام القليلة الماضية طلبت دول أوروبية عديدة من إسرائيل عدم الرد على الهجوم الإيراني، أو الرد بطريقة مدروسة ومتناسبة".

وتابعت: "أكد كبار المسؤولين أنه في ضوء الوضع، يمكن للحكومة أن تكتفي بالحملة الدبلوماسية والسياسية المنسقة التي تُشن على إيران، بالتعاون مع الولايات المتحدة".

وأمس الاثنين، حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون، إسرائيل من رد سريع وواسع وأقوى في حال هاجمت بلاده.

وبحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية، ذكر عبد اللهيان لكاميرون أن الهجوم الإيراني على إسرائيل يأتي في إطار "الدفاع عن النفس"، وأن "سياسات إسرائيل التدميرية" هي السبب الجذري للأزمات في المنطقة.

 

تأثير تصعيد الصراع

أما عن تأثير الضربات الإيرانية، فإنها هزت صورة الردع الإسرائيلية للمرة الأولى من دولة على الصعيد الإقليمي، بعد أن كانت هذه الصورة قد تخلخلت على الصعيد الفلسطيني بعد هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي.

ولكن الأهم من ذلك هو أن مكانة إسرائيل الإستراتيجية تضعضعت أكثر وأكثر، بعد أن تأكد للمرة الثانية خلال 6 أشهر حاجتها للتدخل الأمريكي والغربي لحمايتها، بدلًا من أن تكون هي حصنًا متقدمًا للمشروع الغربي. كما أن إسرائيل فقدت هيبتها ومكانتها في المنطقة بعد أن أصبحت مستباحة من الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

وإذ لا تزال حكومة الكيان في خلاف مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد فشلها في تحقيق أهداف الحرب بالقضاء على حماس وتحرير الأسرى، فإن احتمالات الرد الإسرائيلي وتطور المعركة مع إيران بما في ذلك مشاركة حلفائها في المنطقة، سيعزز الخلاف مع نتنياهو الذي أدى باستفزازه لإيران إلى ضرب الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، التي ترغب في تحقيق استقرار مستدام فيها للتفرغ للتحدي الصيني والروسي.

وسيثبت نتنياهو مجددًا أنه يعمل لمصلحته الشخصية، وأنه قد يتسبب بضرر للمصالح الأمريكية، مما سيزيد من خلافاته مع بايدن إذا لم يستمع للنصائح الأمريكية بضبط الرد على إيران، كما فعل وتجاهل المطالب الأمريكية في حربه على غزة.

تقول "إن بي سي" عن مسؤولين أمريكيين إن واشنطن قلقة من رد إسرائيلي سريع على هجوم ‎إيران دون تفكير في التداعيات، وتتخوف من أنه يحاول جرها لصراع إقليمي.

ولكن في الإطار العملي، أظهرت هذه الجولة من الصراع استمرار الالتزام الأمريكي بحماية أمن إسرائيل من أي تهديدات، ولا يبدو أن هذا الالتزام قابل للتزعزع أو التضرر حتى مع ما يبدو من خلافات بين الطرفين، ومن المعروف أن واشنطن إذا أرادت فإنها تستطيع من خلال نفوذها أن تلزم إسرائيل بموقفها في النهاية، كما جرى بعد مجزرة المطبخ المركزي العالمي في غزة.

ورغم أن الضربة الإيرانية رفعت منسوب الوحدة لدى الإسرائيليين في مواجهة الأخطار المحدقة، فإن تأثير ذلك سيكون محدودًا، وستعود الخلافات والانقسامات داخل المجتمع في قضايا الحرب، والأسرى، وتجنيد الحريديم، وتصور ما بعد الحرب، والتعامل مع السلطة الفلسطينية.

 

مآلات التصعيد

هناك تكهنات بأن الرد الإسرائيلي سيكون داخل إيران ومشابها للغارة الجوية الإسرائيلية المفاجئة التي دمر فيها الاحتلال المفاعل النووي العراقي يوم 7 يونيو 1981، وعرفت باسم عملية بابل. ولكن هذا يستدعي موافقة أمريكية على هجوم من هذا النوع، وهو أمر مشكوك فيه بعد أن طلبت واشنطن علنا من تل أبيب أن تتشاور معها قبل الرد.

وفي ضوء الخلافات الموجودة بين الطرفين بسبب العدوان على غزة، فمن المشكوك فيه أن تسمح الولايات المتحدة لإسرائيل بتنفيذ ضربة موجعة في العمق الإيراني، لأن من شأن ذلك أن يستفز ردًا إيرانيًا آخر يؤدي إلى تصعيد إقليمي خطير تسعى واشنطن لتجنبه، وفقًا لـ"الجزيرة".

قد تسمح واشنطن لإسرائيل بعمليات انتقائية، وربما في مناطق نفوذ إيران مثل سوريا أو العراق أو حتى لبنان واليمن، وهو ما يمكن أن يقنع إيران بالرد الموضعي من خلال حلفائها في المنطقة.

ومع ذلك، فلا ضمانات بعدم التصعيد، لأن الكيان تعرض لضربة واسعة غير مسبوقة في تاريخه من دولة إسلامية، في ظل حكومة يهيمن فيها عتاة المتطرفين الذين يدفعون دومًا للمواجهة.

كما أن نتنياهو يسعى للتصعيد واستمرار الحرب في المنطقة حتى يظل على رأس الحكم، بما قد يقوض التفاهم الموجود بين إيران وأمريكا بضرورة عدم توسع الحرب وعزل الحادثة وإبقائها ضمن حدود المرة الواحدة.

ويبدو أن إيران لم تقرر بعد تغيير قواعد اللعبة بشكل كامل ضد إسرائيل، فهي تعتمد سياسة الصبر الإستراتيجي لصالح التركيز على المشروع التوسعي في المنطقة وعدم خوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

ولو أرادت ذلك فإنها تستطيع، أن تفكك معادلة الردع الإستراتيجي مع إسرائيل، وتغيير قواعد اللعبة معها، لو قررت الاستمرار بمنهج الرد الذي قامت به، وإن كانت قد تدفع ثمنًا اقتصاديًا باهظًا وستسمح للولايات المتحدة بالانضمام للصراع.