قال هلال خشان أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت إن السيسي لا يريد فتح معبر رفح، مؤكدا أن السيسي "يعتقد أنه إذا فتحه سيخاطر باستعداء الإدارة الأمريكية، رغم أن أطرافا في المنطقة، ومنها الأردن، ترى أن واشنطن ستعطي الضوء الأخضر لهذه الخطوة، خاصة بعد أن أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ خطوات لضمان توفير المساعدات الإنسانية لسكان غزة".

ومن خلال مقال كتبه بموقع "جيوبولوتيكال فيوتشرز" ربط خشان بين عدم رغبة مصر مساعدة غزة بموقف السيسي العدائي للغاية ضد "حماس" التي يعتبرها امتدادا للإخوان المسلمين، حتى أن القاهرة أرسلت قوات إلى الولايات المتحدة للتدريب على تحديد وتدمير الأنفاق المستخدمة لتهريب الأسلحة والسلع الأخرى إلى غزة.

وجاء مقال الباحث اللبناني لتحليل موقف مصر "المتردد" من الحرب الناشبة حاليا في قطاع غزة بين الاحتلال وحركة "حماس"، مشيرا إلى أن القاهرة تفاجأت بحجم هجوم "حماس" في السابع من أكتوبرالماضي، وهو الهجوم الذي لم يترك للمصريين مجالًا كبيرًا للتوسط في وقف إطلاق النار بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، كما فعلت مرات عديدة في الماضي.

ورأى خشان أن رد القاهرة ألقى الضوء على نمطها المتمثل في اتخاذ القرارات غير الحاسمة، فبدلاً من المطالبة بوقف القتال، اكتفى المسؤولون المصريون بالحث على عدم توسيع الحرب إلى أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، وكانت مصر تسير على حبل مشدود، ولم تكن راغبة في إدانة هجوم "حماس" أو دعمه بشكل قاطع.

 

ليست "حماس" فقط

وأضاف خشان أن عبدالفتاح السيسي لا يشعر بالقلق إزاء مصير "حماس"، الحليف الوثيق لعدوه اللدود، جماعة الإخوان المسلمين، بل إنه يشعر بالقلق إزاء العواقب البعيدة المدى المترتبة على خلق واقع إقليمي جديد ــ وخاصة في وقت بدا فيه أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ينحسر، وأن المزيد من الدول العربية، بما في ذلك السعودية، تعمل على تسريع محادثات لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

وعن امتداد التهئية الذاتية لكل ما هو فلسطيني، أشار "خشان" إلى أن "المصريين" طوروا تصورًا للفلسطينيين على أنهم مثيري مشاكل يحتاجون إلى التدقيق المستمر من قبل أجهزة المخابرات في البلاد.

وقال إن الفلسطينيين الذين يحاولون الفرار من غزة إلى مصر يواجهون التمييز وسوء المعاملة، وذلك من قبل اندلاع الحرب الحالية، ودائما ما يتم طلب أموال طائلة منهم مقابل العبور للعلاج أو السفر، وهي الأموال التي تضاعفت خلال الأزمة الحالية، وتذهب إلى وكالات تعمل مع مافيا من الضباط وأفراد المخابرات المصرية.

وأضاف أن هذه المافيا لا ترحم المصابين الذين يطلبون العلاج خارج غزة، حتى أنهم يجب عليهم دفع 5000 دولار للدخول إلى مصر.

وقالت امرأة فلسطينية كانت ترافق قريبها المصاب إلى مستشفى في القاهرة إن موظفي المستشفى منعوا الجرحى الفلسطينيين من شراء بطاقات SIM أو الوصول إلى الإنترنت، كما لم يتمكنوا هم وأقاربهم المرافقين لهم من دخول الكافتيريا في المستشفى واضطروا إلى شراء الطعام من أفراد الأمن، الذين فرضوا عليهم أسعارًا باهظة.

وبعد تعرضها لهجوم من أنصار السيسي، حذفت تغريدتها وأوضحت أنها لا تنكر أن مصر تساعد الفلسطينيين.

وبعد الإطاحة ب"حسني مبارك" في عام 2011، خففت مصر قيودها على المعبر ولكن بعد انقلاب 2013 ضد الرئيس محمد مرسي، فرضت القاهرة مرة أخرى قيودًا صارمة على حركة سكان غزة إلى سيناء. وقام عمال مصريون بهدم المنازل على الجانب المصري من مدينة رفح لإنشاء منطقة عازلة مع غزة، وأغرقوا الأنفاق التي يتم من خلالها تهريب المواد الاستهلاكية والأسلحة والمسلحين.


ما يقوله المصريون

وأمام إعلان تغيير السلطات إجراءات تجميع ونقل المساعدات الإنسانية المتجهة لإغاثة الفلسطينيين داخل قطاع غزة، ووجهت السلطات الجهات المتبرعة من داخل البلاد بتسليم تبرعاتها لجمعية الهلال الأحمر التي ستنقل بدورها المساعدات إلى مناطق الحدود برفح والمخازن المعدَة لاستقبال معونات الدول والمنظمات الدولية في مدينة العريش شمال سيناء.

وقف الناشطون أمام نقابة الصحفيين بوسط القاهرة تضامنا مع فلسطين ورددوا عددا من الهتافات، منها؛ "مفتاح المعبر مع مين؟ بيعادوكِ يا فلسطين"، و"يا حكومات عربية جبانة..أطفال غزة نايمة جعانة"، و"يا للعار يا للعار .. مصر تشارك في الحصار."، و"معبر بيننا وبين أهالينا، الصهيوني متحكم فينا"، متهمين دون تصريح السيسي بالتواطؤ في حصار غزة.