علّقت صحف عالمية على قرار محكمة العدل الدولية بشأن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل والتي تتهمها فيها بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.

ورأت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن الحُكم المؤقت الذي أصدرته المحكمة ضد إسرائيل يعتبر -بشكل موضوعي- كارثيًا على الدولة الصهيونية، أيًا كانت وجهة النظر في موضوعية الاتهامات التي وردت بالدعوى.

ونوهت الصحيفة، في افتتاحيتها، إلى أن إسرائيل أُخطِرتْ بالفعل بأن لديها قضية إبادة جماعية – تلك التي تعتبر جريمة الجرائم. وقد جاء هذا الإخطار عشية اليوم العالمي لذكرى الهولوكوست، بما يلطّخ سمعة إسرائيل رغم اعتراضها على الدعوى بسحب ما جاء في الصحيفة.

وبحسب الإندبندنت، بات على كل مسؤول إسرائيلي عندما يظهر للعلن أو في اجتماع مع نظير له من دولة أخرى أن يدفع عن بلاده تهمة الإبادة الجماعية؛ ذلك أن الاتهام لم يأتِ من فصيل إسلامي متطرف أو من سياسي غربي معادٍ للسامية، وإنما جاء من أعلى محكمة في المجتمع الدولي، وقد صدر بناء على إجراءات رصينة ومدروسة، واستند إلى أدلة ذات صلة، وعليه، لا يمكن الاستخفاف به.

ورأت الصحيفة أن منطوق الحُكم الذي جرى على لسان رئيسة محكمة العدل الدولية، القاضية دونوغو، من شأنه أن يُضعف استعداد حلفاء إسرائيل فيما يتعلق بتقديم الدعم لها، وأن يُقصي دولًا في الشرق الأوسط تحاول إسرائيل أن تدشن معها علاقات طبيعية.

وبحسب الإندبندنت، خسرت إسرائيل بهذا الحكم مزيدًا من حُجّتها الأخلاقية في حرب تعتبرها وجودية.

ورأت الصحيفة البريطانية أنّ على إسرائيل، إنْ كانت تريد أن تعيش في سلام واستقرار، أن تحافظ على دعم حلفائها القريبين والبعيدين، وأن تبقى في حظيرة القانون الدولي ومن هنا تكمن أهمية قرار محكمة العدل الدولية.

 

العالم لم يكن يومًا عادلًا

ولفت الكاتب عاطف أبو سيف، إلى الكيفية التي انسحبت بها المنظمات الدولية من مدينة غزة وشمالها فور طلب الجيش الإسرائيلي من السكان التوجّه إلى الجنوب، قائلًا: "قامت المنظمات الدولية، وخاصة منظمات الأمم المتحدة المختلفة بلا استثناء، بإخلاء مكاتبها في مدينة غزة وإجلاء موظفيها الأجانب والعرب مع عائلاتهم".

واستنكر في مقاله بصحيفة الأيام الفلسطينية، عن أصداء قرار محكمة العدل الدولية، انسحاب منظمة الصليب الأحمر من غزة، وقال: "المنظمة التي وُجدت من أجل حماية المدنيين وقت النزاعات تركتهم يواجهون مصيرهم وحدهم وهي تسمع وترى تهديد الجيش بإبادة المدينة".

 وعاد الكاتب ليؤكد أن "العالم لم يكن يومًا عادلًا حتى ننتظر منه المزيد من العدل. ربما أقصى ما نتوقعه منه هو ظلم أقلّ، وليس عدلا أكثر".

وقال أبوسيف إن "ثمة مَن يعتقد أن النظام الدولي وُجد من أجل تثبيت هيمنة الدول الغربية على مقاليد الحكم في الكوكب، وبدلًا من الاستعمار هناك منظمات دولية تنفذ سياسات الدول المهيمنة باسم القانون والأخلاق والاتفاقيات".

ورأى أبو سيف أن ذلك ينسحب فيما ينسحب على المحاكم الدولية، متسائلًا على لسان رجل عجوز في أزقة جباليا: "ماذا لو طالبت المحكمة بوقف الحرب؟ هل ستنصاع إسرائيل لذلك!".

وتابع الكاتب بالقول إن "السؤال الاستنكاري كما جرت العادة تحمل صيغته في متنها الإجابة بالنفي".

ورأى أن الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا أعادت تسليط الضوء على جرائم الاحتلال.. وستظل مرافعات فريق الادعاء الجنوب إفريقي علامة فاصلة في صياغة الحقوق الفلسطينية وفي وضعها في سياق أشمل".

وأضاف أبوسيف أن "الحديث العلني في أعلى هيئة عدالة دولية عن فكرة الإبادة الجماعية والتحذير من وقوعها هو اتهام بطريقة أو بأخرى لدولة الاحتلال بذلك".

واختتم الكاتب بالقول إن "العالم في نهاية المطاف لا يمكن أن يستمر في إغلاق أذنيه.. وفي لحظة سيضطر لسماع الصخب الذي يجب أن يُحدثه الحراك الفلسطيني مدعومًا بحراك أحرار العالم ومطالبهم".