تناولت تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، حرب الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة بعد مرور أكثر من 100 يوم على بدايتها في 7 أكتوبر 2023، وفشل الاحتلال في تحقيق أي من أهدافه التي أعلنها، وأهمها القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس.

بينما تناول تقرير آخر لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن حركة حماس لا تزال تمتلك ما يكفي من الذخائر لمواصلة ضرب إسرائيل والقوات الإسرائيلية في غزة لعدة أشهر، وأنها تعيد تشكيل قواتها في قطاع غزة.

 

فشل إسرائيل بتحقيق أهدافها

قالت صحيفة نيويورك تايمز إن فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها الرئيسة بعد أكثر من 100 يوم على اجتياح غزة يثير إحباطًا متزايدًا بين قادتها العسكريين ويدفع بعضهم إلى الاعتقاد بأن استعادة المحتجزين في القطاع ممكنة فقط من خلال الوسائل الدبلوماسية لا العسكرية.

ونشرت الصحيفة تقريرًا مطولًا تضمن خلاصة خطط سرية للعمليات العسكرية وإفادات قادة عسكريين ومسؤولين سياسيين إسرائيليين عن سير الحرب.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أنه في ضوء التقدم المحدود الذي أحرزته إسرائيل فيما يتعلق بتفكيك بنية حركة حماس في غزة، فإن الشكوك تتزايد في أوساط القيادة العسكرية العليا بشأن إمكانية تحقيق الهدفين الرئيسيين للحرب، وهما القضاء على حماس واستعادة أكثر من 100 أسير لا يزالون محتجزين في غزة، ويعتقد أن الحركة تحتجز أغلبيتهم.

وأوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي فرض سيطرته في غزة على جزء أصغر مما تصوره في خطط المعركة منذ بداية الحرب.

وقالت إن الخطط الإسرائيلية تضمنت السيطرة على مدن غزة وخان يونس ورفح بحلول أواخر ديسمبر الماضي، وهو ما لم يتحقق.

وأضافت أن وتيرة تقدم الحملة العسكرية التي كانت أبطأ من المتوقع دفعت عددًا من القادة العسكريين الإسرائيليين إلى التعبير عن إحباطهم من إستراتيجية القيادة السياسة بشأن غزة، كما دفعهم ذلك إلى الاعتقاد بأن استعادة المحتجزين المتبقين في القطاع سيكون ممكنًا فقط من خلال الدبلوماسية بدلًا من الوسائل العسكرية.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن قادة عسكريين إسرائيليين أن استعادة الأسرى وتدمير حركة حماس أصبحا الآن هدفين غير متوافقين.

كما أوردت تصريحات أدلى بها -الخميس- عضو مجلس الحرب الإسرائيلي غادي آيزنكوت وأقر فيها بعدم تحقق أهداف الحرب، وبعدم إمكانية استعادة المحتجزين عبر الوسائل العسكرية.

وأشارت إلى أن القادة العسكريين الإسرائيليين كانوا يعتقدون قبل الحرب أن شبكة الأنفاق التي بنتها حركة حماس تمتد 100 ميل (160 كيلومترًا) فقط ولكنهم يقدرون الآن أنها ربما تمتد لمسافة 450 ميلًا (725 كيلومترًا).

 

مأزق إستراتيجي

ونقلت نيويورك تايمز عن المسؤولين الإسرائيليين أن المأزق الإستراتيجي أدى لتفاقم إحباط الجيش بشأن تردد القيادة السياسية.

وقال هؤلاء المسؤولون إن المعركة الطويلة الهادفة لتدمير حماس ستكلف على الأرجح حياة المحتجزين في غزة.

وعبر العسكريون الإسرائيليون للصحيفة عن خشيتهم من أن يؤدي طول الحملة العسكرية دون خطة لما بعد الحرب إلى تآكل دعم الحلفاء.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أنها بحلول منتصف يناير الجاري، لم تبدأ القوات الإسرائيلية في التقدم نحو مدينة رفح، كما أنها لم تتمكن بعد من إخراج مقاتلي حماس من خان يونس، علما أن كلا المدينتين تقع جنوبي قطاع غزة.

كما أشارت إلى عودة مقاتلي حماس إلى شمالي قطاع غزة في الأيام الماضية بعدما قال الجيش الإسرائيلي إنه فرض سيطرته على المنطقة وسحب منها نصف قواته التي كانت منتشرة، والمقدرة بنحو 50 ألف جندي.

 

قدرة حماس على مواصلة القتال

وفي المقابل، زعم تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن إسرائيل قتلت ما بين 20%-30% من مقاتلي حركة حماس، بحسب تقديرات وكالات الاستخبارات الأمريكية.

ولا ترقى هذه الحصيلة، بحسب التقرير، لهدف إسرائيل المتمثل في تدمير الحركة، وتُظهر قدرتها على الصمود بعد أشهر من الحرب، التي دمرت مساحات واسعة من قطاع غزة.

وكشف التقرير الأمريكي أن حركة حماس لا تزال تمتلك ما يكفي من الذخائر لمواصلة ضرب إسرائيل والقوات الإسرائيلية في غزة لعدة أشهر، وأنها تحاول إعادة تشكيل قوتها الشرطية في أجزاء من مدينة غزة.

ورغم الحملة الجوية والبرية داخل غزة، التي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين، اعترف المسؤولون الإسرائيليون بأنهم لم يحققوا هدفهم المتمثل في تدمير حركة حماس، التي تدير غزة منذ الإطاحة بالسلطة الفلسطينية العام 2007.

 

التكيّف مع القتال

وأضاف التقرير أن مقاتلي حركة حماس، وفقًا لمحللين عسكريين، تمكنوا من التكيف مع القتال الدائر، وأن تكتيكاتهم تتمثل في العمل ضمن مجموعات أصغر، والاختباء بين الكمائن التي تنصب للقوات الإسرائيلية.

ومن المرجح، وفق التقرير، أن يتولى المقاتلون الأفراد المزيد من المهام القيادية والعملياتية لتعويض النقص الذي خلّفه رفاقهم القتلى.

وتابع تقرير "وول ستريت"، القول إن إدارة بايدن بدأت فعليًا تقليص توقعاتها للحرب بالقضاء على التهديد الأمني الذي تُشكله حركة حماس على إسرائيل بدلًا من القضاء عليها بشكل كامل.

ورغم الضغوط الأمريكية على إسرائيل للانتقال إلى مرحلة "أكثر جراحية" من حربها ضد حركة حماس، إلا أن المسؤولين العسكريين يقولون إن الحرب قد تستمر لعدة أشهر أخرى.

ويُثير ذلك تساؤلات داخل إسرائيل والأراضي الفلسطينية والخارج حول ما إذا كانت إسرائيل قادرة على تحقيق أهدافها الحربية.

 

البقاء في دائرة الصراع

وأوضح التقرير أن حركة حماس رغم تكبدها آلاف الضحايا، وفقًا للتقييمات الأمريكية والإسرائيلية، إلا أنها تهدف ببساطة إلى البقاء على قيد الحياة في هذا الصراع، حسبما قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون حاليون وسابقون.

وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير عن هدف حركة حماس: "ليس عليك أن تفوز، كل ما عليك فعله هو ألّا تخسر".

ولفت التقرير إلى أن سلطات حركة حماس المرتبطة بوزارة الداخلية في غزة عادت إلى المدينة، بما في ذلك المناطق التي كانت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي في السابق.

وقال مايكل ميلشتين، الرئيس السابق للشؤون الفلسطينية في المخابرات العسكرية الإسرائيلية: "إنها مسألة وقت فقط إذا لم تنشر إسرائيل قوات على الأرض في هذه الأماكن، ستكون حركة حماس قادرة على أن تُعيد أيضًا جناحها العسكري".