الشيخ بلال جميل مطاوع

من القواعد الفقهية أن "الميسور لا يسقط بالمعسور"، ومعناها: أن الشرع إذا أوجب على المسلم أمرًا، فلم يتمكن أن يأتي به على وجهه الأكمل، فإن الشرع يأمره أن يأتي بما يستطيعه منه، ويتجاوز عنه فيما عجز عنه. فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ونحن مأمورن أن نتقي الله ما استطعنا.

ومن تطبيقات هذه القاعدة: أن العجز عن الجهاد العسكري لا يُسْقِط وجوب الجهاد السياسي والاقتصادي والإعلامي، وغيرها من أنواع الجهاد، التي تندرج تحت واجب المقاطعة الشاملة للاحتلال ومعاونيه.

في ضوء حرب الإبادة التي نتعرض لها في قطاع غزة، ثمة تساؤل وتنبيه:

1) أما التساؤل؛ فهل تعتقد أنك (فردا كنت أو جماعة) قمت بالميسور الذي تستطيعه أو لا؟ مع ملاحظة أن هامش الميسور ليس قليلا.

2) وأما التنبيه؛ فصحيح أن الإنسان في حالة العجز مطالب أن يفعل ما يستطيع، لكن ليس معنى هذا مطلقا التطبيع مع حالة العجز، والتقاعس عن الأخذ بالأسباب للخروج منها، كما هو حاصل في واقع أمتنا غالبا، وقضية فلسطين من أوضح الأدلة على عجز الأمة المزمن.

ومن هنا؛ يقرر العلماء أنه إذا تعذر الجهاد للعجز عنه لا يسقط فرض الإعداد بالقوة ورباط الخيل؛ لأن فرض الإعداد منوط بالاستطاعة، قال تعال: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ}.

الخلاصة: أن واجب النصرة يتمثل في القيام بالميسور، والذي منه الإعداد للجهاد، وليس دون ذلك إلا الخِذلان.