د. خالد حمدي


(يوم التروية)
وفيه تبدأ أعمال الحج...
حيث يملأ جنبات مِنَى البياض من كل جانب...
وكأن الأرض تقذف ملائكة بيض الثياب لا بشر...
وكأن الآخرة التقت بالدنيا لكثرة ما يشع النور والبياض من مُحيَّا الناس وإحرامهم!!
 وإنّما سُمِّي يوم التروية بذلك -كما قال بعضهم- لأنّ إبراهيم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ- رأى ليلة الثامن كأنَّ قائلاً يقول له: إنّ الله تعالى يأمرك بذبح ابنك، فلمّا أصبح روَّى،  أي: افتكر في ذلك من الصباح إلى الرواح؛ أمِنَ الله هذا، أم من الشيطان؟ 
فمِن ذلك سُمِّي يوم التروية.
وذكر غيرهم:
أن اليوم سمي بذلك لأنهم كانوا يتروون من الماء فيه يعدونه ليوم عرفة... 
وأيا كان...فإن هذه البقعة من البلد الحرام تحدث فيها جل شعائر الحج،  من تروية وجمرات وذبح للهدي. 
وهي مبتدأ الحجيج ومنتهاهم...
ومن لم يحسن البداية من يوم التروية...ارتبك طوال نسك الحج... لأن حسن البدايات من حسن النهايات...والعكس..
وأحسب أن معنى التروية يصلح لنا وللحجيج... فكلما ارتويت من العبادة يوم الثامن، رق قلبك يوم التاسع...
وما أدراك ما قلب الحاج عندما يرق على عرفة... وما قلب الصائم عندما يرق وهو ليس من أهل عرفة.
أحسب أن هؤلاء الرقاق هم الذين ينظر الله إليهم أول ما ينظر يوم عرفة.. 
فعيشوا هذا اليوم بقلوبكم... تجدوا حلاوته ولو كنتم في بيوتكم.