رأى موقع "ميدل إيست آي" أن الحربين الساخنتين في عالم اليوم، وهما الصراعان في أوكرانيا والسودان، سرقا الأضواء مما كان ينبغي أن يكون خبرًا رئيسيًا وأثار سيلاً من التعليقات والنقاشات.
وأشار في تحليل للكاتب "جوناثان ستيل"، إلى أن عودة الرئيس السوري "بشار الأسد" إلى الحظيرة العربية تعد بمثابة اعتراف جامعة الدول العربية بأن الحرب السورية التي استمرت 12 عامًا قد انتهت.
وتابع: "كان التحول في السياسة جاريًا منذ أكثر من عام وتسارع الشهر الماضي. لقد أخطأت الولايات المتحدة والحكومات الغربية وأعطتهم معضلة".
وتساءل التحليل عن ما إذا كان القادة العرب يرون أن التواصل مع الحكومة السورية هو أفضل طريقة لمساعدة البلاد على إعادة البناء وتهيئة الظروف لملايين اللاجئين السوريين للعودة إلى ديارهم بأمان؟ أم يحاولون منع ذلك؟
 يصر وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" على أن الولايات المتحدة ستواصل "عدم التطبيع" مع سوريا. وفي الكونجرس الأمريكي، تم تقديم مشروع قانون لتمديد ما يسمى بعقوبات قانون قيصر على سوريا حتى عام 2032. وهي تعاقب أي مستثمر من أي بلد يساعد في إعادة بناء البنية التحتية لسوريا.
وفي ظل إدارة "دونالد ترامب"، قبلت الولايات المتحدة علنًا ما اعترف به "باراك أوباما" بالفعل سرا - وهو أنه نتيجة للتدخل العسكري الروسي في عام 2015، لن يسقط "الأسد".
ومع ذلك، لدوافع تنم عن السخرية المطلقة، ستبقي الولايات المتحدة على العقوبات المعادية لسوريا وتحتفظ بوحدة قوامها حوالي 900 جندي في شمال شرق سوريا في تحالف مع القوات الكردية السورية.

 

تحولات كبرى في السياسة السعودية
وقال التحليل، إن هذه السياسة الأمريكية السلبية لها الآن بُعد أوكراني، وفقًا لما قاله الدبلوماسي الأمريكي الذي انضم مؤخرًا إلى القوات الأمريكية في سوريا "ويليام روبوك".
وأوضح في ندوة عبر الإنترنت في معهد كوينسي الأسبوع الماضي: "تريد الولايات المتحدة البقاء في سوريا والإبقاء على القوات هناك من أجل حرمان الأسد وبوتين من أي نوع من الانتصار".
وقال "جوشوا لانديس"، الأستاذ في جامعة أوكلاهوما والخبير المعروف في سوريا، في نفس الندوة عبر الإنترنت: "إن الدافع الرئيسي للسياسة الأمريكية هو عدم السماح لسوريا بإعادة البناء. تم تصميم عقوبات قيصر ليس للسماح للشركات والاستثمارات الأجنبية الخارجية بإعادة بناء شبكة الكهرباء وإصلاح المدارس وإعادة بناء الدولة، ولكن لإبقاء "الأسد" ضعيفًا وإيذاء الروس والإيرانيين".
وألمح تحليل "ميدل إيست آي" إلى أن إعادة التعامل مع "الأسد" هي ثالث تحول رئيسي في السياسة أطلقه "محمد بن سلمان" في الأشهر الأخيرة. الأول كان قرار الالتزام بوقف إطلاق النار في اليمن والتحدث مع الحوثيين. والثاني هو إعادة فتح العلاقات مع إيران. الآن تأتي السياسة الجديدة بشأن سوريا. ومن اللافت للنظر أيضًا أن السعودية تتحدى أهداف الولايات المتحدة وتتخذ قرارات مستقلة.
وفي حين أن التحول السعودي كان المحرك الرئيسي لدعوة "الأسد" للانضمام إلى جامعة الدول العربية، فإن الدول العربية الأخرى، ولا سيما الأردن ولبنان، لديها أسباب وجيهة لدعم هذه الخطوة.
الآن، وبعد أن انتهى القتال إلى حد كبير في سوريا، فإنهم يريدون تخفيف العبء الاجتماعي والاقتصادي للاجئين الذين يستضيفونهم وحملهم على العودة إلى ديارهم. وسيستلزم ذلك نوعًا من العفو أو الضمانات من "الأسد" بعدم مقاضاة العائدين أو مضايقتهم.
تريد الحكومات العربية أيضًا استخدام احتمال أموال إعادة الإعمار كورقة مساومة لإقناع "الأسد" بإنهاء إنتاج حبوب الكبتاجون في سوريا، والتي يتم تهريبها إلى الأردن ولبنان والسعودية.

 

الغضب واليأس
والسؤال الكبير هو ما إذا كان الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" قد تبنى استراتيجية الجامعة العربية الجديدة.
 لفت التحليل إلى أن إعادة انتخابه المظفرة لخمس سنوات أخرى ستجعل من السهل عليه التخلص من السياسة القديمة وإعادة التعامل مع "الأسد". وسيتطلب ذلك صفقة يسحب فيها "أردوغان" قواته من المناطق الحدودية شمال شرقي سوريا مقابل إعادة انتشار الجيش السوري هناك. جاء الأتراك في الأصل لطرد القوات الكردية السورية.
إذا أراد "الأسد" الحد من التوترات ورؤية الأتراك ينسحبون، فسيتعين عليه عقد صفقة مع الأكراد السوريين وكذلك مع "أردوغان". قد يعني هذا منحهم استقلالية كبيرة.
وبدلاً من إبقاء القوات الأمريكية في سوريا على أساس مفتوح، يجب على واشنطن أن تشجع الأكراد على التعامل مع دمشق كمقدمة لانسحاب أمريكي.
وختم التحليل بالقول: "تحول جامعة الدول العربية على "الأسد" هو عامل مغير لقواعد لعبة ذات أبعاد هائلة. وبالنسبة لملايين السوريين، سيكون مصدر خيبة أمل كبيرة بالإضافة إلى الغضب واليأس".
وأردفت: "ومع ذلك، هناك الآن أضعف بصيص أمل. إذا كانت حكومات جامعة الدول العربية، بثروتها الهائلة من النفط والغاز، مستعدة حقًا لمساعدة سوريا في إعادة البناء وليس مجرد استضافة "الأسد" في اجتماعات القمة، فإن فرصة بداية جديدة موجودة أخيرًا".

https://www.middleeasteye.net/opinion/syria-arab-states-assad--u-turn-massive-game-changer-why