أفرد الإعلام الغربي حيزًا واسعًا لنجاح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، التي جرت أمس الأحد.

وتابع الإعلام الغربي عن كثب الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في تركيا، حيث تصدرت تطوراتها عناوين المواقع الإخبارية البارزة في أكثر البلدان الأوروبية والأمريكية.

 

الوحدة الوطنية في "خطاب الشرفة"

وغطت "سي إن إن" أولا بأول تطورات المشهد الانتخابي في تركيا، والاحتفالات حتى وقت متأخر من الليل بعد إعلان فوز أردوغان.

كما لفتت إلى الاهتمام الكبير بخطاب الشرفة للرئيس أردوغان، وأشارت إلى تركيزه على الوحدة الوطنية في كلمته.

ونقلت "سي إن إن" رسائل التهنئة التي بعثها زعماء العالم للرئيس أردوغان، وخاصة الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.

 

هزيمة المنافس الأساس لأردوغان

ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال، على موقعها الإلكتروني: "زعيم البلاد الأطول خدمة يهزم منافسه الأساسي في جولة الإعادة".

بدورها صحيفة واشنطن بوست وفي خبر تحليلي قالت إن أردوغان "نجا من تحدي مرشح تدعمه معارضة موحدة".

 

تأثير أردوغان على العلاقات الدولية

من جهته موقع بوليتيكو الإخباري (Politico) ومقره فيرجينيا، استخدم عنوان "أردوغان تركيا فاز مجددًا".

وأضاف الموقع: "بينما يبدأ أردوغان ولاية أخرى مدتها خمس سنوات، فهو في موقع قوي للتأثير على الاتجاه المستقبلي للديمقراطية في هذا البلد القوي الذي يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة، وكذلك تشكيل السياسة في المنطقة وخارجها".

ولفت إلى أن دور تركيا المهم في مبادرة حبوب البحر الأسود أكد تأثير أردوغان على العلاقات الدولية.

وأشار إلى أن "أردوغان زعيم نادر بين قادة الناتو حافظ على علاقات جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى بعد غزو موسكو لأوكرانيا".

فيما قالت بلومبيرج: "في السياسة الخارجية من المرجح أن تشهد خمس سنوات أخرى من حكم أردوغان استمرار تركيا في الدفاع عن استقلالها في صراع النفوذ بين الشرق والغرب في كل ملف انطلاقًا من التجارة وصولاً إلى الحرب في أوكرانيا".

 

أردوغان "الخارق" صاحب رؤية واضحة

ولا ترى صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أي مؤشرات تُذكر على أن أردوغان يعتزم تغيير مساره في الداخل حيث يواجه أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، ولا في السياسة الخارجية حيث أثار حفيظة الحلفاء الغربيين، وفقًا لـ"الجزيرة.نت".

وعلى كل حال، فإن سليم كورو المحلل في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية في تركيا ينبه في الصحيفة نفسها إلى أن "أردوغان لديه رؤية واضحة لما يريده للبلاد، ولديه هذه الرؤية منذ كان صغيرًا جدًا، وما يعجب الناس فيه هو أنه لم يتنازل عن ذلك".

وهذا ما دفع الكاتبة هالة قضماني إلى وصفه في صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية "بالخارق"؛ فحتى إن اتهمه كثيرون بتقلب المواقف فإن "ناخبيه يتبعونه في تحولاته، ومع كل حملة انتخابية يفرض أفكاره ويتكيف مع مزاج جمهوره".

 

يعرف خططه لمستقبل تركيا

أما عن تسييره المرتقب لتركيا، فإن "ذي إندبندنت" (The Independent) البريطانية ترى أن "أردوغان هو وحده الذي يعرف خططه لمستقبل تركيا، وهذه هي المشكلة"، حسب ما جاء في تقرير لمبعوثها للشؤون الخارجية بورزو دراغاهي الذي يرى أن انتخاب أردوغان "من شأنه تمديد حكمه الاستبدادي بشكل متزايد إلى ربع قرن".

 

الغرب بين الخوف والرجاء

لكن صحيفة "لوتان" السويسرية تنصح الغرب قائلة "سيتعين على الغربيين الاستمرار في الاعتماد على هذا الشريك الذي لا يمكن التنبؤ به وعلى هذا الرجل رجب طيب أردوغان الذي يترك انطباعا بأن هذه ستكون ولايته الأخيرة في الرئاسة".

فالغرب واقع بين الخوف والرجاء مع تمديد حكم أردوغان، حسب صحيفة "جارديان" البريطانية إذ ينبه محررها للشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور إلى أن العواصم الغربية ظلت صامتة خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في تركيا، على أمل أن ينتهي حكم أردوغان غير المنسجم وذلك ما لم يتحقق.

وهنا لفت وينتور إلى أن القضية العاجلة لدى الغربيين هي منع أردوغان من الوقوع في حضن فلاديمير بوتين، ويرى أن قلة من الدبلوماسيين الغربيين متفائلون بذلك.

 

هل تظل تركيا بعيدة عن الاتحاد الأوروبي؟

وعلى عكس ما ذهب إليه وينتور، يؤكد جيمس كريسب محرر الشؤون الأوروبية بصحيفة "ديلي تلجراف" (Daily Telegraph) أن أوروبا تنفست الصعداء مع بقاء أردوغان في السلطة في تركيا.

ويشير إلى أنهم قد لا يعترفون بذلك، لكن معظم القادة في أوروبا يشعرون براحة أكبر عندما تحافظ تركيا على بعدها عن الاتحاد الأوروبي.

ويلفت إلى ان تلك الدول وعدت المرشح المهزوم كمال كليجدار أوغلو بإعادة تركيا نحو الغرب، إذا أطاح "بالحاكم المستبد القديم".

غير أن الكاتب أكد أنه قد يكون من المستحيل الإعجاب بأردوغان، لكن لا بد من الاعتراف بأنه جعل من نفسه قائدا مفيدًا جدًا.

وبعد فرز 99.43% من صناديق الاقتراع في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، حصل الرئيس أردوغان على 52.14% من الأصوات، مقابل 47.86% لمرشح المعارضة كمال قليجدار أوغلو، وفق ما أعلنت الهيئة العليا للانتخابات التركية.