قُتل 85 شخصا على الأقل وأصيب 322 بجروح في اليمن أمس الأربعاء، في أحد أكبر حوادث التدافع في العالم في السنوات العشر الأخيرة، وذلك خلال توزيع مساعدات مالية في عاصمة البلد الغارق بالحرب.

وأظهرت لقطات تلفزيونية حشدا من الناس غير قادرين على الحركة والعديد منهم يعانون من الازدحام في منطقة باب اليمن بالمدينة.

وأفادت تقارير بأن مئات الأشخاص احتشدوا في المدرسة في وقت متأخر من يوم الأربعاء لتلقي تبرعات تصل إلى حوالي 5000 آلاف ريال يمني أي ما يعادل 9 دولارات للشخص الواحد.

ويُظهر مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصا يصرخون وعشرات الجثث على الأرض، بعضها لا يتحرك، وأشخاصا آخرين يحاولون المساعدة.

وقالت وزارة الداخلية إنها قبضت على رجلين من المنطقة يعملان في مجال التجارة والأعمال وقيل إنهما رتبا الحدث، وإنها تحقق معهما.

وألقى متحدث باسم الوزارة باللوم في التدافع على "التوزيع العشوائي" للأموال دون تنسيق مع المسؤولين المحليين.

وقال مسؤول صحي في صنعاء إن العديد من الأشخاص أصيبوا أيضا، وأن 13 منهم في حالة حرجة.

 

ذمر وفزع

ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول أمني حوثي قوله إنه "كان من بين القتلى نساء وأطفال".

ونقلت وكالة أسوشيتيد برس للأنباء عن شهود عيان أن مقاتلي الحوثيين أطلقوا النار في الهواء من أجل السيطرة على الحشود، ويبدو أن الطلقات أصابت سلكا كهربائيا وأدى هذا إلى حدوث انفجار.

وأضاف الشهود أن هذا تسبب في حالة من الذعر وأدى هذا إلى التدافع

وتسبّبت الحرب بمقتل مئات الآلاف بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، فيما يهدّد خطر المجاعة ملايين السكّان، ويحتاج آلاف إلى علاج طبّي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتيّة للتدمير.

ولم يكشف الحوثيّون سبب التدافع. لكنّ وكالة أنباء الحوثيّين “سبأ” نقلت عن المتحدّث باسم “وزارة” الداخليّة في الحكومة غير المعترف بها دوليا العميد عبد الخالق العجري أنّ الحادثة وقعت “بسبب تدافع مواطنين أثناء التوزيع العشوائي لمبالغ ماليّة من قبل بعض التجّار”.

وأضاف “الحادث المأساوي المؤلم (…) راح ضحيّته العشرات”، مشيرا إلى أنه “تم نقل الوفيات والمصابين إلى المستشفيات وضبط اثنين من التجّار القائمين على الموضوع”.

وأمام مستشفى الثورة، تجمّع عدد كبير من أهالي الضحايا محاولين الدخول، لكنّ رجال الأمن كانوا يمنعونهم من ذلك، في وقتٍ زار مسؤولون المستشفى.

وفرضت قوّات الأمن التابعة للحوثيين طوقيا أمنيا حول مدرسة معين عند باب اليمن في صنعاء القديمة حين وقعت الحادثة، ومنعت الدخول إلى المكان وتصويره.

من جانبه أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى لدى الحوثيين مهدي المشاط “تشكيل لجنة من الداخليّة والأمن والمخابرات والقضاء والنيابة للتحقيق في حادثة التدافع”، حسبما نقلت “سبأ”.

وقال مسؤول أمني في صنعاء إنّ السلطات “اعتقلت ثلاثة تجّار على خلفيّة الحادثة”.

 

من أكبر حوادث التدافع في العالم

وتعد هذه واحدة من أكبر حوادث التدافع في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، حسب حصيلة لهذا النوع من الحوادث أعدتها وكالة الأنباء الفرنسية. وأظهرت تسجيلات مصورة متداولة على منصات التواصل جثثا ملقاة أرضا داخل مجمع كبير. ولم يكن ممكنا التحقق من صحة اللقطات بشكل مستقل.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 21,7 مليون شخص (ثلثا السكان) يحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام. ويعاني كثير من الموظفين الحكوميين اليمنيين في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين جراء عدم تلقيهم رواتب منذ سنوات.

وتعليقا على حادثة التدافع، قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الأرياني على تويتر: "نحمّل القتلة المجرمين الذين أوصلوا الأوضاع لهذه النقطة المأساوية، وأحالوا حياة الملايين من اليمنيين إلى جحيم، المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة"، في إشارة منه إلى الحوثيين.

ويشهد أفقر دول شبه الجزيرة العربية منذ 2014 حربا بين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على صنعاء، والقوات الموالية للحكومة والتي يدعمها تحالف عسكري تقوده السعودية. وتسببت الحرب بمقتل مئات الآلاف بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، فيما يهدد خطر المجاعة ملايين السكان، ويحتاج آلاف إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرضت بنيته التحتية للتدمير.