هبطت أسعار السندات التونسية، المقومة بالدولار، إلى مستويات منخفضة قياسية، بعد قرار السلطات حظر الاجتماعات في مقرات حزب النهضة الإسلامي.

وأصبحت معظم السندات التونسية عند نصف قيمتها الاسمية تقريبا، بعد انخفاضها ما يتراوح بين 0.2 و1.3 سنت.

وقال حزب النهضة إنه يخشى من أن القرار سيمهد الطريق لحظر الحزب نفسه.

ويأتي القرار بعد لقاء الشرطة القبض على راشد الغنوشي زعيم الحزب وثلاثة مسؤولين كبار بالحزب. والغنوشي هو أبرز منتقدي الرئيس التونسي قيس سعيد.

ويصدر البنك المركزي التونسي السندات التي تواجه حالة ضعف في الوقت الراهن بسبب مخاوف من احتمال تخلف تونس عن السداد.

 

إغلاق مقار حزب النهضة

وأغلقت قوات الأمن التونسية جميع مقار حزب النهضة في البلاد، غداة توقيفها رئيس الحزب، راشد الغنوشي، في خطوة إضافية تعكس عمق الشرخ بين المعارضة والرئيس المنقلب قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات منذ أكثر من عام.

ويأتي القرار غداة توقيف الغنوشي بأيدي قوات أمنية دهمت منزله وقت الإفطار مساء الاثنين، وندّد الحزب بتوقيف زعيمه مطالبا السلطات بإطلاق سراحه فوراً.

وقال القيادي بالحزب، رياض الشعيبي، في تصريحات صحفية، "دخلت قوة أمنية إلى مقرّ الحزب الرئيسي وطالبت الموجودين فيه بالمغادرة وأغلقته".

وأضاف: "كما قامت قوات أمنية أخرى بغلق جميع مكاتب الحزب في البلاد ومنعت الاجتماع فيها".

وكان حزب النهضة أعلن أنّ الغنوشي أوقف بأيدي وحدة أمنية داهمت منزله في العاصمة واقتادته إلى "جهة غير معلومة"، قبل أن يُعلن أنه يخضع لاستجواب في ثكنة أمنية بالعاصمة.

وأعلنت وزارة الداخلية في بيان، الثلاثاء، أن توقيف الغنوشي سببه تصريحات أدلى بها وتندرج ضمن "أفعال مجرمة متعلقة بالاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب".

وأوضحت الداخلية أن الغنوشي وأربعة أشخاص آخرين جرى إبقاؤهم على ذمة التحقيق.

ومنعت وزارة الداخلية كلّ اجتماعات "النهضة" و"جبهة الخلاص الوطني" في البلاد، اعتباراً من الثلاثاء، وفقاً لوثيقة نشرتها وسائل إعلام حكومية.

 

ردود فعل دولية

وفي أول رد فعل دولي على توقيف الغنوشي، قال الاتحاد الأوروبي في بيان "نتابع بقلق بالغ سلسلة التطورات الأخيرة في تونس وتوقيف راشد الغنوشي، أمس، والمعلومات حول غلق مقار الحزب"، مشدّداً على "أهمية احترام حقوق الدفاع".

وشدّدت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، آن كلير لوجاندر، على أنّ توقيف الغنوشي "يأتي في إطار موجة اعتقالات مثيرة للقلق"، مشيرة إلى أن باريس تتمسك بحرية التعبير واحترام سيادة القانون.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر بوزارة الداخلية لم تكشف هويته أنّ قرار توقيف الغنوشي صدر بأمر من القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بتهمة "خطاب تحريضي".

ولم تعلّق السلطات القضائية في تونس على أسباب التوقيف الذي يأتي غداة تصريحات قال فيها الغنوشي إنّ "هناك إعاقة فكرية وإيديولوجية في تونس تؤسّس للحرب الأهلية".

وأضاف "لا تَصوُّر لتونس بدون طرفٍ أو ذاك، تونس بدون نهضة، تونس بدون إسلام سياسي، تونس بدون يسار، أو أي مكوّن، هي مشروع لحرب أهلية، هذا إجرام في الحقيقة".

ومن جانبه أفاد رئيس "جبهة الخلاص الوطني"، الائتلاف المعارض للحكومة، أحمد نجيب الشابي، بأنّ قوات الشرطة "منعت تنظيم مؤتمر صحفي للجبهة اليوم ووضعت حواجز أمام مقرّ الحزب".

ويعتبر الغنوشي من أبرز المعارضين لسعيّد، الذي يحتكر سلطات البلاد منذ 2021، حين علّق أعمال البرلمان السابق وأقال رئيس الحكومة.

كما أوقِف قياديّان بحركة النهضة هما بلقاسم حسن ومحمد القوماني، وفق الشعيبي.

ومثُل الغنوشي مراراً أمام النيابة العامّة في إطار التحقيق معه في قضايا تتعلق بالفساد والإرهاب.

وأُوقف ما لا يقلّ عن عشرين شخصية معظمهم معارضون منتمون إلى حزب النهضة وحلفائه، منذ بداية فبراير، إضافة إلى رجل الأعمال النافذ، كمال اللطيف، ومدير محطة إذاعية خاصة كبيرة.

واعتبرت منظّمات حقوقية غير حكومية أنّ حملة الاعتقالات هذه "محاولة متعمّدة للتضييق على المعارضة"، وطالبت سعيّد "بوقف هذه الحملة التي لها اعتبارات سياسية".

وتتّهم المعارضة سعيّد بتطويع القضاء لتصفية خصومه السياسيين.

ومنذ 25 يوليو 2021، استأثر سعيّد بالسلطات، وعدّل الدستور لإنشاء نظام رئاسي على حساب البرلمان الذي لم يعد يتمتّع بصلاحيات فعلية.

والغنوشي الذي كان معارضا شرساً لنظامي كلّ من الرئيسين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، عاد إلى تونس من لندن بعد عشرين عاماً من المنفى.