نهديكم قصيدة "طاب الصيام " التي كتبها د. رأفت محمد رشيد الميقاتي، رئيس جامعة طرابلس بلبنان، ترحيبا بقدوم شهر رمضان المبارك وتحقيقا لمعانيه السامية النبيلة:

طاب الصيام بمنهج الفضلاءِ 
وأضاعَهُ ذو غفلةٍ ورِياءِ 

فالصومُ في نورِ التجلّي رحلةٌ
تسمو بتقوى القلبِ أيَّ سماءِ 

والصومُ للأرواحِ واحةُ نَجعةٍ
تَجلو الرُّؤى وتُمِدُّها بغذاءِ 

والصوم وِرْدٌ للعزيمةِ هانىٌ
يرقى بها بعُذوبةٍ وصفاءِ 

أمسكْتَ فيه عن المباحٍ فأشرقَتْ
في القلب منكَ معالِمُ الإحياءِ 

وغدوتَ في غمَراتِ جوعِكَ مشبَعًا
ترنو إلى الأُخرى بلمحِ ضياءِ 

وظمئتَ فيه ويا لها من ظمأةٍ
قد أيقظتْ فيكَ اتِّقادَ سناءِ 

وعييتَ من رهق الصيام ويا لَها 
مِن روعةٍ للوجد في الإعياء 

ودعوتَ ربك مخلصًا توحيده
والعَينُ تسقي الخدَّ دمعَ وفاءِ 

وتركتَ كلّ الكون خلفك عامدًا
والروحُ سابحةٌ بقدسِ بهاءِ 

فسمَوتَ بالتجريد عند ملائكٍ
وعرجت من دنيا إلى العلياء  

والصوم صونٌ للعباد عن الهوى
لم يُختزل بالجوع في الأمعاء 

هو صوم نفسك عن سوى خلّاقها
إمساكها عن كلّ وجه رياءِ 

لا فطر في صوم الحقيقة إنه
تطويعُ نفسٍ واختبارُ إباءِ 

وأقلّ ما في الصوم صدقك ممسكًا
عمّا يُسيءُ فكن على استحياءِ

حفظُ النفوس من التقاتل بتةً
والكفّ عن بطش وسفك دماء 

حفظ اللسان من المآثم كلّها 
قدحًا وذمًّا أو قبيحَ بَذاءِ 

صونُ الأيادي عن تعدٍّ بيِّنٍ
عن سطو مال الغير كالسفهاءِ 

هل صام حقًّا مَن رمى فِتَنًا ومَن
كالَ المديح لثلة الرذلاءِ 

أو صام حقًّا من يُزوّرُ خفيةً 
هو مذهبُ الجهلاء والجبناءِ 

هل صام حقًّا مَن جفا تشريعَنا
بثّ السموم لصالح الدخلاءِ 

أمضى النهار مبشّرًا بتجندرٍ 
عبثًا يُضللُ  في دجى الأهواء 

هل صمتِ حقًّا يا فتاةُ وأنتِ مَن
رغم الصيام بَرعتِ بالإغراءِ 

هل صمتَ حقًّا يا فتى.. يا مَن غدا
إدمانه رمزًا لكلّ شقاءِ 

هل صحّ صوم المسرفين بعيشهم 
والبخل دأبهمُ مع الفقراءِ 

فالصومُ نحرُ الشحِّ نحرًا قاطعًا
فاحرِص على تبديدِه بِسخاءِ 

كنْ في مجاهدةِ المعاصي جاهدًا 
واغلِبْ هواكَ بفِطنةٍ وذكاءِ 

وإلى جهادِ الظلمِ بادِرْ دائمًا 
فالصوم صهوةُ قوّةِ ومَضاءِ 

لا.. ليس صومًا أن تعيش بذلةٍ
فالصوم دأبُ السادةِ الشهداءِ

فاحرِصْ وبادرْ ثمّ بادرْ ولْتكُنْ
بالصومِ رمزَ طهارةٍ ونقاءِ 

واحذَرْ وحاذِرْ ثمّ حاذِرْ أن تُرى
في غفلَةِ اللاهينَ والجُهَلاءِ