ينجح بعض الناس في تحقيق طموحاتهم للعام الجديد؛ لكن معظمهم يدور في حلقة مفرغة؛ أنت تقطع وعودًا لتحاول تنفيذها لكن سرعان ما تتخلى عنها وتشعر بالسوء حيال ذلك.

وتشير دراسة أخرى إلى أن وضع أهداف كبيرة للمستقبل أمر رائع، تُشير بعض التقديرات إلى أنه “بحلول فبراير، تنخفض نسبة من يلتزمون بخططهم لبقية العام إلى 8% فقط”.

ومنذ عام 2015، تُظهر الأبحاث أن “80% من الخطط، التي يعدها الأشخاص لتحقيقها في السنة الجديدة، تفشل على المدى الطويل”. وهو ما يعني أن هناك 20% من الأشخاص فقط يواصلون المضي قدما في طريق تحقيق أهدافهم التي وضعوها للعام الجديد.

 

الفشل لا يعني عدم تكرار المحاولة

وفي مقالهما لمجلة “تايم” (Time) الأمريكية، يقول مؤلفا كتاب “قوتنا” (The Power of Us): تسخير هوياتنا المشتركة لتحسين الأداء وزيادة التعاون وتعزيز الانسجام الاجتماعي، فان بافيل - أستاذ مشارك في علم النفس والعلوم العصبية بجامعة نيويورك ومدير معمل الهوية الاجتماعية والأخلاق - ودومينيك باكر -أستاذ علم النفس بجامعة ليهاي بنسلفانيا- إن “ما نتطلع إليه من آمال في العام الجديد 2023 متطابقة تقريبًا مع تلك التي أردناها لعام 2022، والتي كانت مشابهة بشكل ملحوظ مع عامي 2021 و2020 وكل عام تقريبًا”.

 

بدأنا بقوة

يقول مؤلفا الكتاب إننا بعد أسابيع قليلة يتلاشى عزمنا، ويعود مرة أخرى موقع "تويتر" إلى الظهور على هواتفنا، ونتعرض إلى السهر كثيرًا حتى المساء، مما يجعلنا نعود إلى أعمالنا في الصباح كسالى، بدأنا نعاني من قيلولة بعد الظهر، مرة، مرتين، ثم ثلاث مرات، لكن دون تحسن يُذكر.

هل سيمنعنا هذا من القيام بنفس الشيء في العام الجديد؟ بالطبع لا. لكننا تعلمنا أن نتعامل مع قرارات العام الجديد بطريقة مختلفة تمامًا ونعتقد أنه ينبغي عليك ذلك أيضًا

وأحصى الخبراء 7 أخطاء تقف وراء الإخفاق في تحقيق الأهداف المرجوة من العام الجديد، “ربما تجنبها لا يضمن النجاح الكامل، لكنه قد يتيح الفرصة بشكل أفضل لبقاء الشخص ضمن نسبة الـ20% الذين لم يخفقوا”، حسبما يقول ستيفن جونسون الكاتب الصحفي الحائز على عدة جوائز. وفي ما يلي نسرد هذه الأخطاء:

 

1. عدم وضوح السبب

تحديد سبب خوضك للتجربة لا يقل أهمية عن تدوين الخطط وتحديد الأهداف؛ إذ “يجب -في المقام الأول- أن تكتب السبب بشكل واضح، كي يحفزك عندما تشعر بالتراجع”، وفقًا لنصيحة جونسون الذي يوضح قائلًا: “قد تضع لنفسك هدفا لمجرد أنه جيد؛ ولكن وضوح السبب بالضبط هو ما يجعلك تتذكر لماذا قررت أن تشرب الشاي بدلا من المياه الغازية، على سبيل المثال، فيساعد في تقوية عزمك على الاستمرار ويجنبك الوقوع في مأزق التوقف”.

 

2. الأهداف غير محددة

لزيادة فرص تحقيق أمنياتك للعام الجديد، تجنب الهدف المفتوح أو المبهم، مثل “سأكون صحيًا أكثر”؛ فلا فائدة من هذا إذا لم تحدد بالضبط كيف ستغير سلوكك لتصبح صحيًا أكثر.

لذلك، يوصي جونسون بأن “تكون محددًا عند الحديث عن أهدافك، وابدأ بما يمكنك تحقيقه بشكل واقعي لشخص يجلس على الأريكة معظم الوقت”. ولتأخذ خطوات صغيرة، بدلا من القفزات الكبيرة، فعلى سبيل المثال، تقول “أخطط أن أكون أكثر صحة ولياقة، لأستطيع الاشتراك في سباق الماراثون القادم”.

 

3. غياب الحرية

أشارت الأبحاث إلى أنه من الصعب الحفاظ على حالة “تقييد الذات”، لأن الناس سرعان ما يشعرون أنها “فقدان للحرية”؛ وهو ما يُفسر “عودتهم للانغماس في السلوك الذي خططوا لمنعه كطريقة لاستعادة حريتهم المفقودة”؛ لذا يقول جونسون “عندما تضع برنامجًا، اجعل أهدافك إيجابية، فقل: سأذهب في نزهة كل يوم بعد الغداء؛ بدلا من تقييد حريتك بقول: لن آخذ قيلولة أبدا بعد الغداء”.

 

4. البيئة المحيطة

لكي تخطط للسنة الجديدة بشكل صحيح، لا بد من إجراء تغييرات على بيئتك المحيطة؛ فعلى سبيل المثال، “من الصعب تناول طعام صحي، إذا كان لديك مطبخ مليء بالوجبات غير الصحية”. وفي المقابل “يمكنك ممارسة الرياضة بسهولة، إذا كنت تحيط نفسك بأشخاص يمارسونها بانتظام”.

 

5. المبالغة

من السهل أن تستقبل العام الجديد بقول، “قررت أن أفعل كل شيء بشكل مختلف؛ سأتوقف عن التدخين، وأمارس الرياضة لمدة ساعتين يوميًا، وأقرأ رواية كل أسبوع”، وهكذا.

لكن الأفضل أن تنجح في اتخاذ خطوة صغيرة كل يوم نحو هدف واحد محدد، “بدلًا من محاولة إصلاح شامل للحياة”. مثل أن تبدأ بعمل 5 تمرينات ضغط، وليس 50؛ أو أن تتمرن 10 دقائق وتشعر بالراحة، بدلا من الشعور بالإخفاق بعد التدرب لمدة 15 دقيقة لأداء تمرين بالغت في التخطيط له مُسبقًا بتحديد 90 دقيقة لأدائه.

 

6. تعطيل مصادر الدعم

فبعد مراجعة 102 دراسة، تبنى علماء النفس إستراتيجية تسمى “تغيير الموقف” واعتبروها الأفضل لممارسة ضبط النفس في التعامل مع الأهداف المرجو تحقيقها وذلك من خلال “إيلاء الاهتمام لظروفنا الاجتماعية، وللأشخاص من حولنا، بما لهم من تأثير كبير على سلوكنا، يمكن الاستفادة منه للمساعدة في تحقيق أهدافنا”، وفقا للخبيرين بافيل وباكر.

يعد دعم الأصدقاء والعائلة أمرًا حيويًا للصحة النفسية بشكل عام، إلى جانب أهميته عند تفكير الشخص في تغيير شيء ما؛ لذلك يقول جونسون “دع الأشخاص الموثوق بهم يعرفون ما تحاول القيام به، وكيف تخطط لذلك، حتى يتمكنوا من تقديم المساعدة لك”، خصوصًا إذا كانوا يسعون لتحقيق الهدف نفسه، فالارتباط بصديق للذهاب إلى التمرين سيجعل من الصعب التكاسل عنه.

 

7. الإحباط والشعور بالذنب

من الشائع جدًا أن يقسو بعض الأشخاص على أنفسهم ويصابون بالإحباط والشعور بالذنب، بسبب ما يصادفون من انتكاسات على طريق تحقيق أهدافهم لعام جديد، فيقومون بإلغائها تمامًا. لكن جونسون يؤكد أن “الانتكاسات لا تعني النهاية، لكنها جزء من عملية إعادة بناء مهمة، وليست سهلة بأي حال”.