أفاد فريق من العلماء من جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، عبر دراسة حديثة نشرت في دورية "جورنال أوف هازاردس ماتريالز ليترز" (Journal of Hazardous Materials Letters)، عن تمكنهم من تكسير فئة خبيثة من الملوثات المسببة للسرطان التي تعرف باسم "الكيمياويات الأبدية" (Forever chemicals) إلى مركبات صغيرة غير ضارة.


تحتوي الكيمياويات الأبدية على روابط قوية بين الفلور والكربون، مما يجعل هذه الكيمياويات ثابتة للغاية لا تتحلل في ظل الظروف البيئية المعتادة، بل تتراكم في البيئة، ولذا سميت بهذا الاسم.


وتعرف هذه الكيمياويات علميا باسم مركبات البيرفلوروألكيل والبوليفلوروألكيل، وتسمى اختصارا باسم "بي إف إيه إس" (PFAS).


ومركبات "بي إف إيه إس" هي عائلة من آلاف المركبات الكيميائية، وقد تم استخدامها على نطاق واسع في آلاف المنتجات الاستهلاكية منذ أربعينيات القرن الماضي، وذلك لقدرتها على مقاومة الحرارة والماء والدهون.


وتدخل هذه المركبات اليوم في صناعة الملابس المقاومة للماء وأواني الطهي غير اللاصقة والأغلفة المقاومة للشحوم والأكياس التي تدخل الميكرويف، وفي صناعة علب البيتزا وأغلفة الحلوى ومبيدات البقع المستخدمة في السجاد والمفروشات والملابس والأقمشة الأخرى، وفي مستحضرات التنظيف، وفي تجهيزات المطابخ غير اللاصقة والدهانات والورنيش ومانعات التسرب وفي رغوة مكافحة الحرائق.


أضرار جسام


صممت هذه المركبات في بادئ الأمر حتى تكون قوية وثابتة، إلا أن هذه الخاصية التي كانت مزية مرغوبا فيها صناعيا، سرعان ما باتت عدوا يهدد البيئة وصحة الإنسان فورما تطلق هذه الكيمياويات إلى البيئة، إذ تبقى هذه الملوثات داخل الجسم البشري بمجرد دخولها إليه.


ونظرا لتراكم هذه المركبات في البيئة، فإنها تتسلل إلى أجسامنا عبر منتجات الألبان ولحوم الحيوانات المعرضة لهذه الملوثات، وأيضا من المياه.


وأشارت الدراسات إلى وجود آثار صحية ضارة نتيجة للتعرض لمستويات من مركبات "بي إف إيه إس"، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا والكلى والخصية.


كما يؤدي التعرض لهذه الملوثات إلى انخفاض الخصوبة وارتفاع ضغط الدم لدى الحوامل وتأخر النمو في الأطفال وانخفاض وزن حديثي الولادة، كما عثر أيضا على بعض مركبات "بي إف إيه إس" التي تقلل من قدرة الجهاز المناعي على مجابهة العدوى أو تتداخل مع وظائف الهرمونات.


معالجة ثنائية فاعلة وصديقة للبيئة


طبقا للبيان الصحفي الذي نشرته جامعة كاليفورنيا ريفرسايد في 12 ديسمبر الجاري، فإن الطريقة الجديدة تغمر الهيدروجين في الماء الملوث، ثم تفجر الملوثات التي يحتويها الماء بتسليط ضوء فوق بنفسجي عالي الطاقة وقصير الموجة على الماء، حيث يستقطب الهيدروجين جزيئات الماء لجعلها أشد تفاعلية، بينما يحفز الضوء التفاعلات الكيميائية التي تدمر الملوثات.


وأشار العلماء إلى أن هذه المعالجة الثنائية ساعدت على كسر الروابط القوية بين الفلور والكربون، إذ زاد التدمير الجزيئي لتلك الملوثات الدائمة من 10% إلى 100%، مقارنة بطرق معالجة المياه الأخرى التي تستخدم الأشعة فوق البنفسجية.


يذكر أن هذه الطريقة لم تنتج مخلفات ثانوية أو شوائب أخرى غير مرغوب فيه، كما أنها طريقة صديقة للبيئة.


وفي هذا الصدد يقول هايتشو ليو الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الكيميائية والبيئية بجامعة كاليفورنيا ريفرسايد، قائد الدراسة، إن "ما يميز هذه التقنية أنها مستدامة للغاية، إذ يصبح الهيدروجين الداخل في التفاعل ماء في النهاية".


وأظهرت التقنية الجديدة نتائج واعدة عندما اختبرت على مياه الشرب وعلى أنواع مختلفة من مياه الصرف الصحي.


ونظرا لخطورة مركبات "بي إف إيه إس"، فقد صرحت وكالة حماية البيئة الأميركية في خريف هذا العام بنيتها اعتبار مادتين من هذه المواد (وهما حمض البيرفلوروأوكتانويك وحمض البيرفلورو أوكتان سلفونيك)، مواد خطرة.