على ما يبدو فإن أعضاء الحزب الوطني المنحل ورموز مبارك اتفقا على إعلان الخصوصة مع ثورة يناير المجيدة التي يحملها نظام العسكر بقيادة عبدالفتاح السيسي مسئولية فشله في إدارة البلاد، حيث اختار مجلس أمناء أول حوار وطني في عهد السيسي، أمين عام الحزب الوطني "المنحل"، "حسام بدراوي"، ليكون مستشارا للحوار، كما تم اختيار علي الدين هلال، أحد رموز نظام مبارك ليكون مقررا عاما للجنة السياسية في الحوار. 
وأثار اختيار رموز مبارك في الحوار حالة من الجدل حول دلالات وأسباب الاختيار، وما الرسائل التي يوجهها نظام السيسي . 


العسكر والحزب الوطني إيد واحدة  
انتقد نشطاء وعدد من الرموز السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي إدارة نظام السيسي ما يسمى الحوار الوطني بهذه الطريقة، حيث علق الحقوقي هيثم أبوخليل على اختيار رموز مبارك فيما يسمى الحوار الوطني قائلا: "رموز الحزب الوطني المنحل يديرون الحوار الوطني بينما شباب الثورة في المعتقلات، العسكر والحزب الوطني إيد واحدة.!". 
وانتقد المحلل السياسي ياسر الزعاترة طريقة إدارة الحوار الوطني، متسائلا "أي حوار سياسي هذا الذي يستبعد أهم مكوّن سياسي؟! وأي إصلاح اقتصادي بسحق الفقراء؟!" 
وكتب د. محمد الجوادي ساخرًا: " نظر ياسرجلال لابنه وقال اقتراحات الحوار الوطني ترميها في الزبالة لان جورباتشوف نفذها ففقد الكرسي! تعرف يا حودة لو كان جور مدقدقا مثل والدك لبقي في الكرسي ٣٧ عاما من ١٩٨٥ أما أنا فقد بلغني ان أبوالتاريخ يقول ان حقي ٥٤عاما مش كثير على قلبي يفرح صلوا على الرسول". 
وقال صاحب حساب مصطفى عثمان: "بعد 9 سنوات انفق علي المنافقين و #الاعلام مليارات لم يجد غير الخشب المسندة بتوع مبارك حسام بدراوي و ضياء رشوان و علي الدين هلال .. لم يظهر شخص أو بني أدم في عهده". 


الخصومة مع ثورة يناير 
وفي هذا السياق علق الكاتب الصحفي وائل قنديل على هذه الاختيارات بالقول: "هذا دليل على أن 10 سنوات من حكم الجنرال السيسي لم تفرز وجوها يمكنها أن تدير أو تمارس اللعبة السياسية، ولا تتمتع بأي قدر من الكفاءة يمكنها من تجميل صورة قمة النظام، وإغراء أطراف من خارجه بالدخول إلى حظيرة الحوار". 
وتابع: "الشاهد أنّ لدى هذا الحوار الوطني المقصود محور واحد أساس، هو القطيعة التامة والخصومة الصريحة مع ما بقي من ملامح لثورة يناير ، وترميم تصدعات النظام الناشئ عن عملية 30 يونيو 2013، والتي كانت انقلابًا عسكريًا محمولًا على ظهر ثورة مضادّة". 


السيسي يعلن عدائه للثورة 
في السنوات الأولى للانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي، بدأ السيسي خطواته للنكوص على مبادئ ثورة يناير بتهميش القوى السياسية والشبابية التي تدافع عنها، ولكن سرعان ما تغير سياسة السيسى بعد اعتقال كل ما له رأي في الشارع المصري، معلنا هجومه ثورة يناير 2011، لافتا إلى أنها سبب لخراب والدمار وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، قبل أن يصفها بأنها "شهادة وفاة الدولة"، ويحذر المصريين من تكرارها. 
ولم يكتفي بذلك بل سعى لتبرئة رجال المخلوع مبارك من كافة الجرائم التي ارتكبوها، وهو ما شوهد في مسلسل البراءة للجميع، كما أصدر في 2015 أصدر "قانون التصالح" الذي أتاح تبرئة رموز نظام مبارك المتهمين في قضايا فساد مالي وإداري بعد دفع مبالغ مالية، وبالمقابل أصدر قانون "الكيانات الإرهابية"، الذي وضع الكثير من الشخصيات العامة ونشطاء ثورة 25 يناير ضمن قوائم الإرهاب. 
وفي يناير 2017، قال السيسي في الذكرى السادسة لثورة يناير إنها استهدفت إيقاع الفرقة بين الشرطة والجيش من جهة، والشعب من جهة أخرى. 
وفي يناير 2018، قال إن ما حدث منذ سبع أو ثماني سنوات (في إشارة إلى ثورة يناير/كانون الثاني) لن يتكرر ثانية في مصر، وبلهجة تهديد قال: من الواضح أنكم لا تعرفونني جيداً، ولوح باستخدام الجيش قائلاً "إن أمن واستقرار مصر ثمنه حياتي وحياة الجيش". 
وفي سبتمبر 2019، وصف السيسي ثورة يناير بأنها مؤامرة ضد وزارة الداخلية والدفاع، قائلاً: "المؤامرة التي حدثت في 2011 كانت على وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، لأن من يريد ضرب مصر لا بد أن يبدأ بهما". 
وفي نوفمبر 2021 قال السيسي إن "ثورة 25 يناير كانت بمثابة إعلان شهادة وفاة الدولة المصرية"، كما وصف السيسي الثورة  وقتها بأنها أهملت التحديات الحقيقية التي تواجه المصريين وركزت فقط على ما يواجهه 20- 30 مليون مصري فقط. 
وبحسب مراقبين فإنه بصرف النظر عن أن السيسي جاء للسلطة بفضل الثورة بالأساس، ولكنه  مؤمن بفكرة الدولة القوية دون إعطاء أي اهتمام لفكرة الانتخابات والحريات وسيادة القانون وقبول الآخر، وهو ما يمثل نقيضاً لمشروع يناير تماماً، كما أن تكرار الثورة هو الشبح الذي يطارده كما يبدو من حديثه شخصياً، الأمر الذي جعله ساخطاً دوماً عليها حتى لو كان أكبر المستفيدين منها. 
 
 
فشل الحوار 
وبحسب مراقبين فإن الحوار لم يتقدم للإمام بسبب

الإجراءات التنظيمية المتعددة التي أخذت وقتا طويلا نسبيا لا تتحمله الظروف والتحديات الراهنة، كما أنه مهددًا بالفشل في ظل استمرار الأوضاع الحقوقية كما هي، وتضيق المجال العام ووسائل الإعلام، بما يخالف الادعاءات الرسمية عن التوجه نحو إصلاح سياسي حقيقي، يتماشى مع مبادئ الدستور الخاصة بحرية الفكر والرأي والتعبير. 
وقبل أشهر تلقى الحوار الوطني ضربة قوية بعد إسناده إلى جهات أمنية اتخذت بدورها بعض الإجراءات المناهضة للحوار والمدعوين إليه، حيث حظرت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، التي تدير غالبية القنوات والصحف والمواقع الإخبارية، والتابعة لجهاز المخابرات، تناول أي أخبار أو لقاءات تتعلق بالحركة المدنية الديمقراطية وأعضائها، ووضعهم على القائمة السوداء. 
وبحسب وسائل إعلام محلية فإنه صدرت هناك تعليمات مشددة إلى رؤساء التحرير ومنتجي المقابلات بعدم استضافة العديد من رموز الحوار السياسي سواء هاتفيا أو على الهواء مباشرة لحين إشعار آخر"، دون ذكر مزيد من التفاصيل. 


لعبة "العرائس" 
من جانبه اعتبر انتقد السياسي والبرلماني السابق، محمد عماد صابر، الحوار الوطني لا يمكن أن يطلق عليه  حوارا سياسيا، لكونه جاء في سياق محاولة تجميل وجه النظام العسكري، وهي حيلة تمارسها الأنظمة المستبدة كلما واجهت ضغوطا أو كوارث اقتصادية أو عسكرية، واستدعاء بعض الوجوه القديمة". 
ووجه انتقادات للأحزاب السياسية لأنها قبلت أن تمارس دور العرائس (الدمى) المعلقة من أقدامها وأرجلها ورأسها، تحركها السلطات متى ارادت وكيفما شاءت، أين كانوا طوال السنوات الماضية، ولماذا لم يستدعهم النظام عندما كان في نشوة انتصاره، وإغداق الأموال عليه من كل جانب سواء بالودائع أو القروض؟". 
وحذر صابر من الانجرار وراء "حوار الطرشان ولعب أدوار هزلية صورية لمواجهة الكارثة الاقتصادية التي تحل على البلاد من كل حدب وصوب، في ظل حالة الغلاء، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وتذمر المواطنين من ضيق ذات اليد، وزيادة الأعباء، وقلة الحيلة، وانعدام أي رؤية حكومية للخروج من الأزمة".