كشف الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي القره داغي، أن الاتحاد شكّل لجنة للمصالحة والتواصل مع جميع العلماء المسلمين، برئاسة رئيس شؤون الديانة التركي السابق، الدكتور محمد غورماز، وذلك من أجل "تحقيق المصالحة والوفاق داخل وخارج علماء الاتحاد".


وأوضح أن هذه اللجنة تضم في عضويتها كلا من: عضو الأمانة العامة للاتحاد الكاتب والباحث الليبي الدكتور علي الصلابي، والعالم والداعية الموريتاني البارز الدكتور محمد الحسن الددو، وعضو مجلس الأمناء وعضو المكتب التنفيذي بالاتحاد الدكتور عبد المجيد النجار، وأستاذ الفقه وأصوله والقضايا المعاصرة في كلية الشريعة بجامعة قطر الدكتور فضل عبد الله مراد، ووزير الأوقاف الليبي السابق وأستاذ الفقه وأصوله الدكتور سالم الشيخي، وعضو مجلس أمناء الاتحاد الدكتور ونيس المبروك، وآخرين.


وأشار القره داغي إلى أن "لجنة المصالحة ستقوم خلال الفترة المقبلة بزيارات مكوكية بين الجزائر والمغرب وموريتانيا لتحقيق هذه المصالحة ولإعادة الأمور إلى نصابها ومجراها الطبيعي بإذن الله تعالى".


وتابع: "هذا واجبنا بالأساس؛ فمن واجب العلماء إصلاح ذات البين، والوقوف مع الحق، وأن نساعد الأمة في الخروج من محنة التشرذم والاختلاف والتخلف والفقر والمجاعة الخطيرة التي تعصف بأمتنا الواحدة".


واستطرد الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين، قائلا إن "العمل على إنهاء هذه المحنة واجب علينا جميعا. ونحن لا نقول إننا نستطيع حل هذه المشاكل والأزمات، لكن يمكننا المساهمة في الحل إن شاء الله بالكلمة الطيبة وبكل ما يمكننا أن نقدمه لأمتنا".


طي صفحة المشاكل

وأشار القره داغي إلى أن اتحاد علماء المسلمين طوى صفحة المشاكل السابقة التي جاءت على خلفية تصريحات سابقة أدلى بها الرئيس السابق، أحمد الريسوني، والذي استقال بعدما أثار ردود فعل غاضبة في الجزائر وموريتانيا.


وأضاف: "الحمد لله نحن طوينا هذه الصفحة، والآن لا توجد لدينا أي مشكلة، ونحن حقيقة في المجلس شكرنا فضيلة الشيخ الريسوني، لأنه قدّم خدمات جليلة خلال فترة وجوده لمدة 4 سنوات على رأس الاتحاد، ولم يأل جهدا في خدمة الاتحاد فجزاه الله خير الجزاء".


وشدّد القره داغي على أنه "لم تكن هناك أي ضغوط مورست لاستقالة الشيخ الريسوني من منصبه، وإنما هو الذي اختار الاستقالة ثم قرّر الانسحاب من الاتحاد فيما بعد".


يُذكر أن تصريحات الريسوني عن إقليم الصحراء وموريتانيا، في مقابلة مع موقع "بلانكا بريس" المغربي (مستقل)، منتصف أغسطس الماضي، أثارت ردود فعل غاضبة في الجزائر وموريتانيا، خاصة من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، مطالبة بإقالته من موقعه.


وفي 17 أغسطس الماضي، قال القره داغي، إن موقف الاتحاد من تصريحات الريسوني حول تندوف الجزائرية وموريتانيا ونحوها "يمثله وحده ولا يمثل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين".


وتُصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح كحل، حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تطالب جبهة "البوليساريو" التي تدعمها الجزائر بتنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة.


ملء الشغور مؤقتا

وحول تكّليف العالم الإندونيسي، حبيب سالم سقاف الجفري، برئاسة الاتحاد خلفا للريسوني، أوضح القره داغي أن "تكليف الدكتور الجفري جاء من خلال الدستور والنظام الأساسي للاتحاد؛ ففي حالة شغور منصب الرئاسة يكون لمجلس الأمناء حينئذ الحق في أن يختار أحد نواب الرئيس لاستكمال بقية المرحلة التي ستمتد لفترة وجيزة ثم تنتهي مطلع العام المقبل".


وأردف: "حينما قدّم الشيخ الريسوني استقالته في البداية لم يُعتبر ذلك خلوا للمنصب من الناحية القانونية، لأن قبول الاستقالة من حق الجمعية العمومية الاستثنائية فقط حسب نظامها الأساسي، ولذلك دعونا لعقد دورة استثنائية للجمعية العمومية للاتحاد وبالتالي فعندما انسحب الشيخ الريسوني أصبح المنصب شاغرا، وهنا يجب أن يُدعى مجلس الأمناء بأسرع وقت ممكن لملء هذا الشغور".


واستطرد قائلا: "لقد دعونا في الأمانة العامة إلى عقد اجتماع مجلس جمعية عمومية استثنائية لقبول الاستقالة، وفي نفس الوقت لاختيار وانتخاب أحد نواب الرئيس للفترة المتبقية، لأن دورة رئاسة الاتحاد لا يجوز تغييرها"، موضحا أن "دورة رئاسة الاتحاد كانت في السابق لمدة 4 سنوات، إلا أنها أصبحت 5 سنوات، وفقا للنظام الأساسي للاتحاد".


وواصل القره داغي، حديثه قائلا: "اختيار فضيلة الشيخ الجفري جاء باعتباره نائبا من النواب الثلاثة، والذين هم سماحة الشيخ أحمد الخليلي، والدكتور عصام البشير، والدكتور حبيب سالم السقاف الجفري. في حين قدّم الشيخ أحمد الخليلي اعتذاره الشديد وقال إنه لن يستطيع تحمل رئاسة الاتحاد بسبب عمره وصحته، ولم يقبل بأن يكون ضمن المرشحين، وبالتالي بقي التنافس بين الدكتور البشير والشيخ الجفري".


انتخابات شفافة

ولفت القره داغي إلى أنه "تم إجراء انتخابات إلكترونية تحت إشراف لجنة قانونية، وبصورة فنية دقيقة، ونال فضيلة الشيخ الجفري 54% من الأصوات، ولذلك أصبح رئيسا مكلفا ومؤقتا للفترة المتبقية التي ربما تكون في حدود 4 أو 6 أشهر".


ونوّه الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين إلى أن "تلك الانتخابات أجريت بمنتهى الأريحية والشفافية وفي جو كامل من الأخوة والمحبة بين الجميع".


ورأى أن "اختيار مجلس الأمناء عالما من علماء إندونيسيا لرئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يُعدّ إضافة قيّمة وقيمة مُضافة إلى الاتحاد، حيث تجاوز الجوانب القومية وأكد على عالميته بالفعل، وقد انتقلت الرئاسة من مصر إلى المغرب، ومن المغرب إلى إندونيسيا وهكذا".


واستطرد الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين، قائلا: "حينما تنعقد الجمعية العمومية العادية في مطلع 2023 فإنها حينئذ ستنتخب رئيسا ونوابا ومجلس أمناء وأمين عام".


واختتم القره داغي بقوله: "أنا أبشّركم بأن الاتحاد سيمضي إن شاء الله قدما في طريقه ونحو تحقيق أهدافه، وسيتجاوز أي تحديات قد تواجهه بإذن الله تعالى".


وكان مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد كلّف الجفري، برئاسة الاتحاد حتى نهاية الدورة الحالية، مشيرا إلى أنه تم اتخاذ هذه الخطوة خلال اجتماعه الخاص الذي عُقد، السبت، عبر تقنية الزووم.


وقال الاتحاد، في بيانه: "جاء الاجتماع تطبيقا لما نصّ عليه النظام الأساسي للاتحاد بتفعيل المادة (31) منه التي تنص على أنه (إذا شغر منصب الرئيس، أو حدث مانع يحول دون أداء مهامه، فإن مجلس الأمناء يختار أحد نواب الرئيس رئيسا للاتحاد إلى حين انعقاد الجمعية العمومية، وانتخاب رئيس للاتحاد في أول اجتماع تعقده)".