ممدوح الولي:

 

لا يثق المصريون كثيرا في بيانات البطالة التي يعلنها جهاز الإحصاء التابع لوزارة التخطيط، حيث يعتبر كل من يعمل مدة ساعة أسبوعيا على الأقل مشتغلا وليس عاطلا، مما يؤدي إلى إعلانه أرقاما للبطالة يراها المصريون بعيدة تماما عن الواقع، خاصة مع غياب إعانات للعاطلين مثلما هو مقرر في دول عديدة. وقد أعلن الجهاز أن معدل البطالة خلال العام الماضي بلغت نسبته 7.4%، وأن تلك النسبة تمثل متوسط معدل البطالة بين الذكور البالغة 5.6%، ومعدل البطالة بين الإناث البالغة 16%.

ورغم ذلك التحفظ فقد أشارت البيانات التفصيلية للبطالة الصادرة عن جهاز الإحصاء العام الماضي، إلى أرقام صادمة خاصة فيما يتعلق بنسب البطالة بين الشباب، وبين الشابات من سن 15 إلى 24، حيث بلغ المتوسط العام لنسبة البطالة بين الشابات على مستوى البلاد 42.5%.

وترتفع نسبة البطالة بين الشابات إلى 93.5% بمحافظة جنوب سيناء العامرة بالنشاط السياحي، و79% بمحافظة بورسعيد رغم ما بها من أنشطة تجارية وصناعية، و72% بمحافظة دمياط رغم تعدد الأنشطة التجارية والحرفية بها، و59% بمحافظة الأحمر السياحية.

وفي ضوء إعلان جهاز الإحصاء بلوغ نسبة البطالة بين الشابات في حضر الجمهورية 49.5% مقابل 32.5% بالريف المصري، فسوف نحاول التعرف على واقع العمالة النسائية المصرية من خلال بيانات جهاز الإحصاء، باعتباره الجهة الوحيدة المسموح لها بإجراء المسوح الميدانية لحصر العمالة والبطالة فصليًّا، وغياب أي دور لوزارة القوى العاملة أو الجهات الحكومية المتعلقة بالمرأة في هذا الشأن.

تراجع عدد المشتغلات خلال العهد الحالي

تشير البيانات الرسمية إلى بلوغ عدد المشتغلات ممن هن في سن 15 فأكثر العام الماضي 4.251 ملايين مشتغلة، وهو ما يمثل أقل من 16% من عدد المشتغلين بالبلاد، البالغ عددهم 27.2 مليون مشتغل. لكن المفاجأة كانت في أن عدد المشتغلات في العام الماضي أقل من عدد المشتغلات عام 2010، أي قبل 11 عاما، البالغ حينذاك 4.676 ملايين مشتغلة.

فقد شهدت السنوات الخمس الأخيرة تراجعا في عدد المشتغلات من 5.345 ملايين مشتغلة عام 2016 إلى 4.251 ملايين مشتغلة العام الماضي، بانخفاض بلغ 1.1 مليون مشتغلة خلال تلك السنوات أي بنسبة تراجع وصلت إلى 21%، رغم ما يقال عن مشروعات جديدة لاستيعاب الخريجين الجدد وأرقام استثمارات بمئات المليارات.

وهكذا انخفض معدل التشغيل للإناث بمصر من نسبة 18% عام 2010، إلى 12.8% العام الماضي بعد 11 عاما، وهو المعدل الذي يتأتى من قسمة عدد المشتغلات على عدد النساء اللاتي يبلغن سن العمل وهي 15 عاما فأكثر.

وحسب الحالة العملية للمشتغلات البالغ عددهن 4.251 ملايين مشتغلة في العام الماضي، فإن نسبة 70% منهن يعملن بأجر نقدي في الحكومة أو في القطاع الخاص، و19% يعملن في مشروعات أسرية بدون أجر، و9% يعملن لحسابهن ولا يستخدمن أحدا للعمل لديهن، ونسبة 1% فقط ويبلغ عددها 57 ألف مشتغلة، تعد صاحبة عمل وتستخدم آخرين للعمل لديها في أنشطة مختلفة.

  1.1 مليون مشتغلة بالمزارع والشوارع

وتضمن التوزيع النسبي لجهة العمل لدى هؤلاء المشتغلات في العام الماضي، أن نسبة 43% منهن يعلمن بالقطاع الحكومي والقطاع العام، مقابل نسبة 56% بالقطاع الخاص. وهكذا يعمل 1.8 مليون مشتغلة بالحكومة والقطاع العام مقابل 2.4 مليون مشتغلة بالقطاع الخاص، كما ينقسم العمل بالقطاع الخاص بين 1.27 مليون مشتغلة يعملن داخل المنشآت، أي داخل مصانع أو ورش في ظروف عمل تحمي من العوامل الجوية، بينما يعمل 1.1 مليون مشتغلة خارج المنشآت، أي بالمزارع أو الشوارع أو على الأرصفة.

وكانت أبرز الأنشطة للمشتغلات خارج المنشآت في الصيد والزراعة اللذين يعمل بهما 762 ألف مشتغلة، وتجارة الجملة والتجزئة التي يعمل بها نحو 174 ألف بائعة، بالإضافة إلى 73 ألفا في الخدمة المنزلية خارج البيوت فضلا عن من يعملن بالخدمة داخل البيوت، و29 ألفا في الصناعات الحرفية.

وبالطبع تزداد معاناة العاملات خارج المنشآت، حيث إن نسبة 5% فقط من العاملات بأجر مشتركات في التأمينات الاجتماعية، ونسبة 4.5% فقط من العاملات بأجر مشتركات في التأمين الصحي، ونسبة 5% من العاملات بأجر يعملن بعقد قانوني، ونسبة 45% من العاملات بأجر يعملن بشكل دائم، وهي مؤشرات صادمة تكشف عن قصور حاد في دور مديريات القوى العاملة بالمحافظات، وفروع المجلس القومي للمرأة ومع ما قيل من جعل عام 2017 عاما للمرأة المصرية.

وإذا كان جهاز الإحصاء يعتبر عدد العاطلات 811 ألفا فقط في العام الماضي، وهو الرقم الذي لا يجد قبولا لدى المتخصصين، فقد ذكر أن نسبة 51% من هؤلاء العاطلات تصل مدة تعطلهن إلى أقل من سنة، ونسبة 23% ما بين سنة وسنتين، ونسبة 15% ما بين سنتين وثلاث و11% تصل مدة تعطلهن إلى أكثر من ثلاث سنوات.

وترتفع نسبة البطالة بين الإناث كلما زاد المستوى التعليمي، فإذا كان المتوسط العام لنسبة بطالة الإناث ممن يبلغن 15 سنة فأكثر العام الماضي هو 16%، فإن نسبة البطالة تنخفض إلى 2% بين الأميات منهن، و7% بين من يقرأن ويكتبن فقط، و14% بين الحاصلات على مؤهل فني متوسط، لكنها تصل إلى 25% بين الحاصلات على مؤهل جامعي أو مؤهل فوق الجامعي.

نقلا عن: الجزيرة مباشر