نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للصحفية نسرين مالك، تحدثت فيه عن ما وصفتها بالحقيقة البشعة عن الإسلاموفوبيا في الحزب المحافظ البريطاني.


وشددت الكاتبة على أن "الحقيقة المؤلمة حول الإسلاموفوبيا في حزب المحافظين هي أنه معتمد لدى عدد كبير جدا من الناخبين".


وقالت في التقرير إن الأسابيع القليلة الماضية كانت فترة اكتشاف لحزب المحافظين وأنصاره، فبعد فضيحة حفلات الشرب لرئيس الحكومة بوريس جونسون، الذي كذب سابقا بشأنها، فإن هناك من يعي حقيقة مشكلة الإسلاموفوبيا داخل الحزب.


وأضافت أنه كما هو الحال مع فضيحة  "بارتيغيت"، فإن الأشخاص المعنيين مرعوبون من هذه المزاعم، ويطالبون بإجراء تحقيقات، ويتذرعون بشكل عام بالجهل، مضيفة أنه "بالطبع، الجهل في هذا السياق ليس جهلهم بل جهلنا نحن".


وأفادت بأن ذلك بدأ بعد قول النائبة عن حزب المحافظين نُصرت غني، بأنها أُقيلت من منصبها كوكيلة وزارة النقل في تعديل وزاري في عام 2020، لأنها مسلمة.


وأكدت أنه "أخبرها مسؤولو  الالتزام بخط الحزب أن وضعها كوزيرة مسلمة جعل زملاءها يشعرون بعدم الارتياح".

 
وأشارت إلى أنه على الرغم من تجاهل ادعاءاتها الخطيرة سابقا، إلا أنه مع تتابع الفضائح، فقد أصبحت مطالبة غني موضوع تحقيق رسمي أطلقه جونسون نفسه أمرا واقعا.


وقالت إنه على الرغم من التأخر في ذلك إلا أننا سنقبل بذلك، "باعتبار أن هذه الحادثة نافذة قصيرة يشعر فيها جونسون بالضعف وتشعر الصحافة الداعمة لحزب المحافظين بالراحة في انتقاد رجلها. هذا يعني أن الادعاء يمكنه أن يصبح شيئا له عواقب".

 
ولكنها قالت إن ذلك احتمال بعيد، معيدة التفاؤل في الوقت ذاته بالقول: "لكن حقيقة أنه على الورق أصلا يبدو وكأنه نعمة في بلد يتم فيه تجاهل مزاعم الإسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين أو التقليل منها أو تجاهلها بشكل مستمر".

 
وحذرت من أن ملف الحوادث المرتبط بالإسلاموفوبيا ينمو عاما بعد عام. وكان هناك تحقيق سينغ، الذي أدين بأنه تحسين صورة. وتمت إعادة أعضاء المجالس المحافظين الذين علقت عضويتهم بعد نشر تعليقات بغيضة عن المسلمين والعرب والآسيويين، ورفضت الحكومة في عام 2019 تعريفا عمليا للإسلاموفوبيا تبنته أحزاب المعارضة الرئيسية.


ثم هناك السجل الطويل للحوادث التي شملت أشخاصا تعرضت حياتهم المهنية للدمار بسبب محاولتهم تحدي التحيز ضد المسلمين، أو في كثير من الأحيان، تم إنقاذهم على الرغم من المزاعم الموجهة ضدهم.

 
ولفتت إلى أنه "لطالما أثارت [البارونة المحافظة] سعيدة وارسي قضية الإسلاموفوبيا بشكل عام دون جدوى منذ أكثر من عقد، وفي حزب المحافظين على وجه الخصوص منذ الحملة المخزية خلال انتخابات عمدة لندن عام 2016 التي شنها زاك غولدسميث ضد صديق خان، والتي اتهمه فيها بأنه تهديد للندن بسبب علاقات مزعومة مع متطرفين".

 
ووصفتها بأنها "كانت حملة كان لها تأثير ضئيل على مسار غولدسميث: بعد خسارة مقعده البرلماني في عام 2019، تم تعيينه في مجلس اللوردات. تم تقديم المشورة لغولدسميث من قبل الشركة التي شارك في تأسيسها لينتون كروسبي، وهو رجل في مكانة جيدة لدى حزب المحافظين منذ البداية، قدم المشورة أيضا لبوريس جونسون عندما ترشح لمنصب عمدة لندن، وبحسب ما ذُكر فإنه أخبره بألا يعلق آماله بالسعي خلف الدعم من "المسلمين الأوغاد".


حملة غولدسميث لرئاسة البلدية، وتعليقات جونسون على النساء المسلمات، ومهنتاهما منذ ذلك الحين (بالإضافة إلى كروسبي، الذي حصل على لقب فارس في عام 2016)، ليست سوى عدد قليل من الأمثلة على التسهيلات المروعة التي أعطاها الحزب للإسلاموفوبيا في السنوات الأخيرة، بحسب الصحيفة.

 
وأكدت أنه في كل مرة تتصدر فيها الأخبار، يطلق المسلمون في الحزب وعامة المسلمين صرخة استياء. إذا كانوا محظوظين، فهذا يجعلهم يحصلون على أذن متشككة ومحاربة من وسائل الإعلام قبل أن تتجاوز دورة الأخبار ذلك.


وشددت على أنه في كل مرة، تصبح جلسة الاستماع أقصر وأكثر روتينية، وفي يوم يتم فيه فجأة لفت انتباه الجمهور إلى مخاوف المسلمين والحقائق المتعلقة بجرائم الكراهية والتمييز المهني، ثم يتم الانتهاء من القضية دون معالجة كالعادة.

 
وقالت إنه مع كل مناسبة لا يتغير فيها شيء، يتم تطبيع كراهية حزب المحافظين أكثر قليلا؛ عندما تأتي القصة التالية، فإن الشعور بالصدمة يكون أقل قليلا. وهذا ينطبق على كل من الجمهور والضحايا أنفسهم. ما زلت أغضب عندما أتذكر حملة غولدسميث، لكن عدم جدوى الغضب أضعف الجزء الصحي والمفيد الثاني من الغضب، حيث يسعى المرء إلى الإنصاف والعدالة والتأكيدات بأنه لن يتكرر ذلك مرة أخرى.


واعتبرته أنه سيحدث مرة أخرى.. لأن الحقيقة المؤلمة حول الإسلاموفوبيا في حزب المحافظين هي أنه معتمد لدى عدد كبير جدا من الناخبين، بحيث لا يمكن اعتبارها قضية سياسية يمكن أن تؤذي الحزب حقا.

 
فقد أظهر استطلاع للرأي عام 2019 أن أكثر من نصف أعضاء حزب المحافظين يعتقدون أن الإسلام يشكل تهديدا للقيم البريطانية.

 
وختمت كاتبة المقال بالقول: "آمل أن تتلقى غني طعما نادرا للإنصاف والاعتذار. ولكن كما هو الحال مع جميع الأحداث الأخيرة حول طبيعة المحافظين، فإنه يظل التحدي أعمق بكثير وأكثر تعقيدا من أي شيء يمكن حله بسقوط شخص واحد أو التنظيف بعد تحقيق واحد. وعندما يتم رفع المرآة أخيرا إلى حزب المحافظين، للحظة مهما كانت عابرة، فإننا نرى أنفسنا فقط".