سجلت الولايات المتحدة وعدة دول بأوروبا، الثلاثاء، أعدادا قياسية من الإصابات بفيروس كورونا، في حين حذرت منظمة الصحة العالمية من ظهور متحورات أكثر خطورة في ظل الانتشار السريع للمتحور أوميكرون حول العالم.

فقد أحصت الولايات المتحدة مليونا و77 ألف إصابة جديدة بالفيروس و1700 حالة وفاة إضافية، وفقا لبيانات جامعة جونز هوبكنز.

وتسجل الولايات المتحدة منذ أيام إصابات جديدة بالفيروس بمعدل نصف مليون إصابة يوميا، وذلك في ظل الانتشار السريع للمتحور أوميكرون الذي بات يشكل 95% تقريبا من إجمالي الإصابات.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، إنه سيكون هناك ارتفاع مستمر في عدد الإصابات بسبب سرعة انتشار المتحور أوميكرون الذي رصد لأول مرة في جنوب أفريقيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وناشد بايدن من جديد الشعب الأميركي تلقي اللقاح، وقال في كلمة متلفزة قبل اجتماعه مع فريق البيت الأبيض للاستجابة لجائحة كورونا إن الجرعة المعززة فعالة وتحمي من متحور أوميكرون.

وأضاف "وفرنا أكثر من 70 مليون جرعة إضافية للقاح لكي تحصلوا على الجرعة المعززة، وحصل ثلثا المؤهلين من كبار السن على الجرعة المعززة، فهي مجانية وآمنة ومتوفرة، وتم إقامة أكثر من 90 ألف موقع تطعيم ومضاعفة عدد الموظفين وأوقات العمل، وأصبح الحصول على الجرعة المعززة أسهل من أي وقت مضى".

وأضاف الرئيس الأميركي أن المستشفيات مكتظة بالأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاح في الوقت الذي يحتاج آخرون للرعاية الصحية في تلك الأماكن، وتابع قائلا "لذلك أدعو وأتوسل للجميع للحصول على اللقاح الآن".

وأدى تفشي هذا المتحور من فيروس كورونا إلى زيادة الضغط على المستشفيات على الرغم من أن تداعيات انتشار هذا المتحور تبدو -حتى الآن- أقل خطورة بالمقارنة مع المتحور دلتا الذي كان هو السائد في الولايات المتحدة ومعظم دول العالم.

وكان كبير مستشاري مكافحة الأوبئة بالولايات المتحدة أنتوني فاوتشي حذر من أن البلاد تشهد ارتفاعا شبه عمودي في الإصابات بالفيروس، ولفت إلى أن الموجة قد تبلغ ذروتها بعد بضعة أسابيع.

ارتفاع الإصابات في الصين

من ناحية أخرى، قالت السلطات الصينية إنها سجلت ست إصابات بالمتحور أوميكرون، وإنها جميعا لقادمين من الخارج؛ لكنها أشارت إلى ارتفاع غير مسبوق في الإصابات بكورونا في مدينة "شي آن" وسط البلاد.

وفي محاولة لاحتواء الفيروس في المدينة فرضت السلطات حجرا صحيا كاملا على سكانها، البالغ عددهم 13 مليون نسمة.

كما فرضت السلطات عزلا عاما على سكان مدينة مدينة يوتشو بإقليم زينان البالغ عددهم مليونا ومئة ألف نسمة، بعد ورود تقارير عن تسجيل إصابات جديدة بالفيروس.

موجة عاتية بأوروبا

وعلى غرار الولايات المتحدة، تشهد مناطق في أوروبا موجة عاتية من الإصابات بفيروس كورونا وسط انتشار المتحور أوميكرون.

ففي بريطانيا التي سجلت نحو 1.5 مليون إصابة بالفيروس خلال أسبوع واحد فقط، أعلنت السلطات الثلاثاء تسجيل رقم قياسي وطني بعدد إصابات يفوق 200 ألف في يوم واحد.

ودعا رئيس الحكومة بوريس جونسون وزراءه إلى وضع خطط طوارئ للتعامل مع غياب القوى العاملة عن قطاعات رئيسية في البلاد بسبب انتشار المتحور أوميكرون.

وقال جونسون إن بلاده يمكنها تجاوز موجة كورونا الحالية دون فرض قيود أكثر صرامة، لكنه حذر من أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية تتعرض لضغط متزايد.

وكانت تقديرات قد أظهرت أن ربع العاملين في بريطانيا قد يغيبون خلال الأسابيع المقبلة بسبب إصابتهم بالفيروس.

بدورها، سجلت فرنسا الثلاثاء 270 ألف إصابة بكورونا في حصيلة قياسية جديدة، ورغم التصاعد الكبير للإصابات فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استبعد فرض قيود جديدة، وذلك قبيل اجتماع لحكومته اليوم الأربعاء.

وأبدى رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس امتعاضه مما وصفه بانقلاب في المواقف السياسية لنواب حزب الجمهوريين في البرلمان، الذين صوتوا مساء الاثنين على تعليق النظر في مشروع قانون تحويل البطاقة الصحية إلى بطاقة تطعيم، معتبرا موقفهم موقفا غير مسؤول.

كما سجلت إيطاليا، الثلاثاء، أكثر من 170 ألف إصابة بفيروس كورونا في حصيلة قياسية جديدة، بالإضافة إلى 259 وفاة جديدة، في حين تجاوزت الإصابات في اليونان 50 ألفا لأول مرة منذ بدء الوباء.

وفي السويد، أعلن عن إصابة الملك كارل السادس عشر غوستاف وقرينته الملكة سيلفيا بفيروس كورونا، وقال بيان أصدرته العائلة المالكة إنهما يعانيان من أعراض خفيفة.

وفي أوروبا أيضا، سجلت تركيا الثلاثاء 55 ألف إصابة جديدة بالفيروس و137 وفاة إضافية.

وقال وزير الصحة التركي فخر الدين كوجا إن عدد الإصابات في مدينة إسطنبول وحدها تجاوز نصف عدد الحالات المسجلة في عموم البلاد بسبب المتحور الجديد.

ورغم أن عدة دول أوروبية شددت مؤخرا القيود على التجمعات، فإن ذلك لم يساعد على تقليل انتشار الفيروس.

وخارج أوروبا، سجلت أستراليا الثلاثاء حصيلة قياسية من الإصابات تجاوزت 50 ألفا.

الوضع الوبائي عربيا

عربيا، تشهد عدة دول ارتفاعا ملحوظا للإصابات بفيروس كورونا.

وقد سجل لبنان الثلاثاء أكثر من 5 آلاف إصابة و19 حالة وفاة إضافية.

وأحصى الأردن في اليوم نفسه 2300 إصابة جديدة بالفيروس و23 وفاة إضافية، وكانت وزارة الصحة الأردنية أعلنت قبل أيام أن عدد الإصابات بالمتحور أوميكرون في المملكة تجاوز 850 إصابة.

بدورها، تشهد بعض دول الخليج تزايدا للإصابات بفيروس كورونا مع تفشي المتحور أوميكرون.

وفي الجزائر، قال وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد إن بلاده تتحكم في الوضع الوبائي وتعيش استقرارا في تفشي وباء كورونا. وسجلت الجزائر منذ فبراير/شباط 2020 أكثر من 221 ألف إصابة وأكثر من 6 آلاف وفاة.

وفي المغرب المجاور، سجلت وزارة الصحة أول وفاة بالمتحور أوميكرون في البلاد، بينما أُدخلت 7 حالات أخرى مؤكدة إلى أقسام العناية المركزة بالمستشفيات.

وأكدت الوزارة، في معرض تقديمها للحالة الوبائية نصف الشهرية في البلاد، تزايدا مطردا في عدد الإصابات بالمتحور أوميكرون، وقالت إن المغرب دخل منذ 3 أسابيع في الموجة الثالثة من الانتشار الجماعي الواسع للفيروس.

منظمة الصحة تحذر

في هذه الأثناء، حذرت كاثرين سمولوود، مسؤولة الطوارئ في مكتب منظمة الصحة العالمية بأوروبا، من أن الارتفاع الحاد في الإصابات بالمتحور أوميكرون في أنحاء العالم يمكن أن يزيد من خطر ظهور متحورات جديدة أكثر خطورة.

وفي مقابلة مع الجزيرة، قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس إن المتحور أوميكرون يسبب أعراضا أخف من المتحورات السابقة، لأن الدراسات تشير إلى أن الفيروس يبقى في الحنجرة ولا يصل إلى الرئتين.

وبينما لا يزال المجتمع الطبي عاجزا عن فك شيفرة متحور أوميكرون، تتوالد سلالات جديدة من كورونا لتزيد المشهد الوبائي إرباكا.

فقد أعلنت مجلة "ميدريكسيف" الفرنسية للعلوم الصحية اكتشاف سلالة جديدة في مرسيليا جنوب شرقي فرنسا.

ووفقا للعلماء الفرنسيين، فقد كشف تحليل "الجينوم" الفيروسي للمتحور الجديد عن وجود 46 طفرة، وهي تركيبة غير نمطية، وأطلق عليه اسم "آي إتش يو" (IHU).

وقد سُجلت إصابة 12 شخصا بالمتحور الجديد لكن السلطات الفرنسية لم تعلن عنه رسميا حتى الآن.

وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن المتحور الجديد الذي اكتشف في فرنسا لم يشكل خطرا كبيرا منذ التعرف عليه لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ورغم التفشي القياسي للمتحور أوميكرون، تشير البيانات إلى أن الموجة الجديدة من الإصابات بهذا المتحور قد لا تسبب عددا كبيرا من حالات دخول المستشفى مثل تلك التي شهدها العالم خلال تفشي المتحور "دلتا" الأكثر فتكا.

دراسة بريطانية أجريت على أكثر من مليون إصابة بالسلالتين، أوميكرون ودلتا، المتحورتين من فيروس كورونا، أثبتت أن الإصابات بأوميكرون التي استدعت دخول المستشفى بلغت ثلث الإصابات بدلتا.

وخلصت الدراسة إلى الدور الحيوي للقاحات في الوقاية من أوميكرون، خصوصا في حال الحصول على جرعة ثالثة، حيث ينخفض خطر النقل إلى المستشفى بنسبة تفوق الـ80%، مقارنة بالأفراد الذين لم يتلقوا تطعيما.

المصدر : الجزيرة + وكالات