رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في تقرير لها بعنوان "المصيدة"، ظاهرة تحول المطارات المصرية إلى فخ لاعتقال المعارضين لنظام الانقلاب أو حتى غير الداعمين له.


وقال الشبكة في تقريرها: تنامت، خلال السنوات القليلة الماضية، ظاهرة إيقاف الجهات الأمنية لبعض المصريين المسافرين أو العائدين من الخارج في مطارات مصر، خصوصًا المحسوبين على المعارضة، أو الحقوقيين والصحافيين، من دون أسباب قانونية غالبا، ولأسباب تبدو متعسفة في بعض الأحوال.


ولا يقتصر ترصّد أجهزة الأمن على المسافرين فقط، سواء للدراسة أو الهجرة أو السياحة، بل امتد الأمر لترصد العائدين من الخارج أيضا، والذين يتم القبض عليهم واحتجازهم قبل عرضهم على نيابة أمن الدولة العليا تمهيدًا لمحاكمتهم، أو حبسهم احتياطيا لمدد غير محددة، وفي بعض الحالات تركهم يسافرون بقرار من شخص مسؤول.


ونقلت الشبكة العربية عن أحد الضباط أن "هناك العديد من القوائم في المطارات، والتي يمكن أن يجد المسافر أو العائد اسمه ضمن إحداها، وأهمها قوائم (المنع من السفر)، والتي ترسل إلى أجهزة المطار من دون تحديد السبب، ويتم منع المواطن بناء عليها من السفر بدون القبض عليه، ومن دون إخطاره بالأسباب التي قد لا يعرفها رجال أمن المطار أنفسهم، فضلًا عن قوائم (ترصد السفر)، وهي قائمة تعني توقيف المواطن خلال إنهاء إجراءات سفره، ويتوقف قرار سفره أو منعه على الجهة التي طلبت إخطارها بسفره".


وهناك أيضا قوائم (ترصد الوصول)، وهي قائمة تعني توقيف المواطن العائد من الخارج لحين اتخاذ قرار بشأنه، إلى جانب قوائم (المنع من الدخول)، وهي قوائم تضم غالبًا أشخاصا غير مصريين، ويتم توقيفهم في المطار ومنعهم من الدخول، مثل الصحافيين والحقوقيين الدوليين، وهناك أيضًا (إخطار الجمارك)، وهذه القائمة لا تعني غالبا أن المسافر أو العائد يحمل أدوات أو ممنوعات يحاول تهريبها، لكنها تعني تحويله إلى مأمور الجمارك للبحث في أوراقه وكتبه، أو هاتفه أو جهاز الكمبيوتر المحمول، عن مواد لا ترضى عنها السلطات، بغض النظر عن قانونيتها.


وطرحت الورقة القانونية "المصيدة" أمثلة لبعض الضحايا، ومنهم الحقوقي إبراهيم متولي، الذي يُعد أحد أهم النماذج الفجة في العصف بالقانون، ففي 10 سبتمبر 2017، توجّه إلى مطار القاهرة قاصدًا السفر إلى جنيف للمشاركة في الدورة 113 لمجموعة عمل الأمم المتحدة المعنية بحالات الإخفاء القسري، كونه منسقًا لرابطة أسر المخفيين قسريًا، إلا أن سلطات المطار ألقت القبض عليه، وظل قيد الحبس الاحتياطي في سجن العقرب شديد الحراسة بزنزانة انفرادية في ظروف شديدة السوء.


وفي أكتوبر 2019، بعد قضائه عامين كاملين، تقرر إخلاء سبيله، إلا أن القرار لم يُنفذ، وتم تدويره على ذمة قضية أخرى، وأًخلى سبيله منها في أغسطس 2020، إلا أن أجهزة الأمن قررت تدويره على ذمة قضية ثالثة، ومازال قيد الحبس الاحتياطي حتى الآن، بعد قضائه أربع سنوات في زنزانة انفرادية بسجن شديد الحراسة.


ومن بين العائدين إلى المصيدة، الصحافي إسماعيل الإسكندراني، والذي ألقت قوات الأمن بمطار الغردقة القبض عليه، في 29 نوفمبر 2015، بعد عودته من ألمانيا، وعُرض على نيابة أمن الدولة العليا التي وجهت إليه التهم المكررة بالانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، قبل أن تتم إحالة قضيته للنظر أمام القضاء العسكري الذي أصدر حكما بالحبس لمدة 10 سنوات، باتهامات متعلقة بإفشاء أسرار عسكرية، وذلك في النصف الأول من 2018، وما زال الإسكندراني سجينًا لا أمل لديه في الخروج إلا من خلال عفو رئاسي.


وكذلك الصحافي في قناة الجزيرة، ربيع الشيخ، والذي عاد قادمًا من قطر، في الأول من أغسطس الماضي، بعد فترة انقطاع امتدت لسنوات. ورغم عدم تورطه في أي مخالفة للقانون، وعلى الرغم من المصالحة مع قطر، فقد تم القبض عليه، والتحقيق معه باتهامات الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وما زال محتجزا.


وحق السفر والتنقل منصوص عليه في دستور الانقلاب الصادر عام 2014، في المادة رقم 62، على أنه حق مكفول، ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة ولا منعه من العودة إليه. ولا يكون منعه من المغادرة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة.


وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه: "لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه، وحرية اختيار مكان إقامته، ولكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. ولا يجوز تقييد الحقوق المذكورة بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متماشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد. ولا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده".