أعرب خبراء حقوق إنسان تابعون للأمم المتحدة، عن قلقهم بشأن الإعدام الوشيك الذي ورد عن 12 مصرياً عقب محاكمة جماعية في قضية "فضّ رابعة" الشهيرة، التي أخفقت في الوفاء بمعايير الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة، كما شابتها مزاعم الاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة والاحتجاز التعسفي.


وأوضح الخبراء في مذكرة أممية أرسلت إلى سلطات الانقلاب في 16 يوليو 2021، أنه في 14 يونيو 2021، أيدت محكمة النقض الإدانات وأحكام الإعدام بحق 12 رجلاً في القضية المتعلقة بالفض في 14 أغسطس 2013، من قبل قوات الأمن باعتصام في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة احتجاجاً على إطاحة الرئيس السابق، محمد مرسي، حيث قُتل ما لا يقل عن 900 شخص.


وأشار الخبراء إلى أن الأشخاص الـ12 المعرضون لخطر الإعدام الوشيك هم عبد الرحمن عبد الحميد البر، من مواليد 1963، ومحمد إبراهيم البلتاجي، من مواليد 1963، وصفوت محمد حمودة حجازي، من مواليد 1963، وأسامة ياسين، من مواليد 1964، وأحمد محمد عارف، مواليد 1985، وإيهاب وجدي محمد، مواليد 1983، ومحمد عبد الحي حسين الفرماوي، مواليد 1980. ومصطفى عبد الحي حسين الفرماوي، مواليد 1990، وأحمد فاروق كامل، مواليد 1948، وهيثم السيد العربي، مواليد 1985، ومحمد علي زناتي، من مواليد 1963، وعبد العظيم إبراهيم عطية، مواليد 1975.


وذكر الخبراء أن المحكمة المذكورة لم تستوفِ الإجراءات القضائية ومعايير الإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة، ولا سيما في ما يتعلق بالحق في الوقت والتسهيلات لإعداد الدفاع والاتصال بمحامٍ من اختيار الفرد، والحق في أن يحاكم أمام محكمة مختصة ومحايدة ومستقلة، والحق في استجواب الشهود، والحق في المراجعة القضائية.


كذلك لفت الخبراء إلى تقاعس المحاكمة عن التحقيق في ما أكده المعتقلين من الاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة.


وقال الخبراء في مذكرتهم إنه "لم تكن الأحكام مدفوعة بالدوافع الكافية، والقاضي الذي ترأس المحاكمة الأولية عبّر علناً عن انتقاده لاعتصام رابعة العدوية ولأعضاء وأنصار الإخوان المسلمين، بينما كانت المحاكمة لا تزال جارية، وفي حكم متعلق بها لحالة أخرى، كما كان ستة من أصل 12 رجلاً حُكم عليهم بالإعدام في قبضة الشرطة أو الأمن في يوليو 2013، وبالتالي لا يمكن أن يكونوا متورطين في التفريق العنيف لساحة رابعة العدوية، الذي حدث في أغسطس".


وحول ظروف الاعتقال التعسفي، قال الخبراء إن الرجال الاثني عشر احتجزوا في ظروف قد ترقى إلى حد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، فخمسة منهم محتجزون في سجن طرة 1 (المعروف أيضاً باسم سجن العقرب)، ومُنعوا من الزيارات العائلية واحتُجزوا في الحبس الانفرادي منذ القبض عليهم. واشتكى سجناء آخرون من عدم حصولهم على الهواء النقي، أو أشعة الشمس، أو الوقت خارج زنزاناتهم، ورفضت سلطات السجن تزويدهم بالضروريات الأساسية، بما في ذلك ما يكفي من الطعام والملابس والمواد اللازمة للنظافة الشخصية، حتى عندما كان السجناء يتحملون التكاليف أو عائلاتهم.


وأكد الخبراء تصاعد تنفيذ أحكام الإعدام في مصر منذ عام 2020، حيث أُعدِم ما لا يقل عن 107 أشخاص، وحتى الآن منذ بداية عام 2021، نُفِّذ 58 حكماً بالإعدام، ما يجعل مصر ثالث أكبر منفذين للإعدام على مستوى العالم.


وأبدى الخبراء قلقهم من أنه إذا تأكّدت تلك الوقائع الواردة، فسترقى إلى مستوى انتهاك الحق في الحياة، كما قد تنتهك عمليات الإعدام الـ12 هذه الحظر المطلق للاختفاء القسري، على النحو المنصوص عليه في إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛ والحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المنصوص عليه في المادة الـ5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث إنه لا تكاد المحاكمة الجماعية تفي بالمعايير الدنيا المطلوبة لمحاكمة عادلة، بالنظر إلى أنها ستجعل من المستحيل ضمان تحديد فردي للمسؤولية عن الأفعال قيد المحاكمة، وهو مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان الدولية والقانون الجنائي.


وشدد الخبراء أيضاً على أن فرض عقوبة الإعدام، وتنفيذها، عند انتهاء محاكمة لم تُحترم فيها جميع الضمانات الصارمة للإجراءات القانونية الواجبة ومعايير المحاكمة العادلة، يشكل قتلاً تعسفياً، وهو محظور بموجب القانون الدولي، مؤكدين أنه عندما تُنفَّذ عمليات الإعدام التعسفي على نطاق واسع وبطريقة منهجية، قد يرقى ذلك إلى مرتبة (الجرائم ضد الإنسانية)؛ وقد تنطوي على مسؤولية جنائية عالمية لأي مسؤول متورط في مثل هذه الأفعال.

وحثّ الخبراء سلطات الانقلاب على وقف الأمر بإعدام الأشخاص الـ12 المعنيين؛ نظراً لطبيعة تنفيذ عقوبة الإعدام التي لا رجعة فيها، واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمعالجة أي ادعاء يتعلق بالاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي وانتهاك المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة التي قد يكونون قد عانوا منها، والتأكد على الأقل، من إعادة محاكمتهم مع الامتثال الكامل للقانون الدولي.  


ودقّ الخبراء ناقوس الخطر بشأن ما يبدو أنه تزايد سريع في عدد تنفيذ أحكام الإعدام في مصر، مكررين دعوتهم لسلطات الانقلاب للنظر في وضع تعليق رسمي لعمليات الإعدام المعلقة، وأحكام الإعدام المستقبلية، بهدف ضمان أن حالات عقوبة الإعدام تجري مراجعتها بشكل صحيح.


من جانبها، طالبت البعثة المصرية الدائمة في جنيف التابعة لسلطات الانقلاب في رد على المذكرة الأممية بمد مهلة الرد على المذكرة حتى 15 أكتوبر، دون تقديم أي تفنيد موضوعي على الوقائع المذكورة في المذكرة.