المصدر : إخوان ويكي

مقدمة

الأستاذ فتحي رضوان


فتحى رضوان اسم لا يعرفه كثير من الناس، ولم يسمع عنه معظم شبابنا، اسم غائب حاضر بيننا،اسم ناضل كثيرا من أجل استقلال الوطن، اسم كافح طويلا من أجل الحريات، اسم له تاريخه الوطنى ونضاله المرير منذ الملكية حتى عهد مبارك، اسم معروف لدى السجون المصرية من كثرة اعتقاله فى عهد الاستعمار وأعوانه.

اسم معروف أيضا فى الأوساط القضائية حيث عمل محامياً ومدافعاً عن القضايا الوطنية، اسم ليس بين اسماء الطبقات الأرستقراطية بالرغم من أنه عاش رئيسا للحزب الوطنى الجديد ثم وزيرا فى عهد عبد الناصر وبالرغم من ذلك مات فقيرا ذلك لأنه عاش نزيها عفيفاً.

وليس ذلك فحسب بل اسم عرف وسط الأدباء بأدبه ووسط المثقفين بسعة أفقه وبين السياسيين بحصافة رأيه وبين جموع الشعب مواطنا منهم، اسم سجن وهو ابن السبعين لمطالبته بالحرية لنفسه ووطنه ولم تشفع له شيبة شعره ولا هزال جسده فاستحق ان يكون بلبلا نشد الحرية لوطنه الحزين، اسم جدير بأن يكون محل دراسة الدراسيين ومعرفة المثقفين.

مولده

الأستاذ فتحي رضوان وعمره 7 سنوات

ولد فتحى رضوان فى مدينة المنيا بمحافظة المنيا بتاريخ 14 مايو 1911م ليس من أصل صعيدي غير ان والده كان يعمل مهندسا للرى فى هذه المدينة، ثم انتقلت الأسرة بعد ذلك بعامين او ثلاث الى القاهرة، واستقر بها المقام فى حى السيدة زينب، شارع سلامة، وفى هذا الحى تشرب الوطنية حيث التيارات الوطنية والفكرية التى كان يزخم بها الحى،كما كانت نشأته الوطنية لها اثر عظيما فى تكوين شخصيته فكانت امه من انصار مصطفى كامل وكانت تنشد لأبنها أن يسير على نهج مصطفى كامل، كما أن اخته كانت زعيمة الطالبات فى المدرسة السنية.

التحق بالمدرسة الأهلية ثم مدرسة محمد على وحصل على الابتدائية عام 1924م، وحصل على الثانوية من احدى مدارس أسيوط حيث كان والده يعمل هناك.

تعرف منذ الصغر على أحمد حسين التى توطدت بينهما الصلة وصارا أصحاب، وظلت هذه الصحبة حتى فى العمل الوطنى حتى انفصلا عن بعضهما البعض عام 1942م.

نبغ فتحى رضوان سياسيا وفكريا فى المرحلة الثانوية، وبعد حصولة على الثانوية التحق بكلية الحقوق عام1929موتخرج عام 1933م ليعمل فى مجال المحاماة.

حياته السياسية

نشأ فتحى رضوان فى بيئة وطنية منذ الصغر، وتكاملت ملكاتة السياسية ،وهو بالتحاقه بكلية الحقوق وأنشأه مع صديقة أحمد حسين مشروع القرش والذى احدث هزة فى كيان المستعمر، كما عمل على عقد مؤتمر للطلبة غير ان العراقيل وضعت امامه ولم يقتصر على ذلك بل عمل على تشجيع الصناعات الوطنية عن طريق المناداة بإنشاء مصنع وطنى للطرابيش.

وبعد تخرجه أنشأ مع صديقه حزب مصر الفتاة عام 1933م وظل رضوان به حتى عام 1937م حيث اختلف مع صديقه حول بعض الرؤى، وانضم للحزب الوطنىإلا انه لم يرق له اسلوبه فى تعامله مع قضايا الأمة، فأنشأ عام 1944م الحزب الوطني الجديد على مبادئ الحزب الوطني الذى أنشأه الزعيم مصطفى كامل، كما اصدر جريدة اللواء الجديد حيث صدر العدد الأول منها فى 12نوفمبر 1944م وظل الحزب قائما حتى حلت الأحزاب عام 1953م.

تعرض فتحى رضوان للإعتقال كثيرا لمخالفته سياسة المستعمر الإنجليزى وعدم السير فى ركابها، ولاعتراضه على بعض تصرفات الملك.

وكما عارض وجود المحتل على ارض وطنه عارض الحكومات التى كانت تسير فى ركابه فاعترض على معاهدة 1936م التى عقدها حزب الوفد مع الإنجليزوكانت خزيا وعارا على مصر، كما اعترض على المفاوضات التى كانت تجريها الحكومات مع المحتل وكان شعاره لا مفاوضات إلا بعد الجلاء، كما كان قريب الصله بالأب الروحى للجيش عزيز المصرى .

ولقد شاركه العمل الوطنى رجالا أمثال نور الدين طراف ومحمود مكي وأحمد مرزوق وزهير جرانه وغيرهم.

ترشح فى الإنتخابات النيابية مرتين قبل الثورة ولم ينجح فيهما بسبب التزوير الذى كان يحدث، تم اعتقاله بعد حريق القاهرة فى 26 يناير 1952م وظل فى المعتقل حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952م حيث اخرجته حكومة علي ماهر؛

والتى اختارها الجيش ليكون وزيرا بها وظل وزيرا للدولة ثم وزيرا للإرشاد القومى (الإعلام حاليا) حتى خرج من الوزارة عام 1958م إثر خلاف مع عبد الناصرحول بعض المفاهيم والسياسات، كما كان نائبا فى مجلس الأمة عن دائرة مصر الجديدة.

يقول عنه الدكتور زكريا سليمان بيومي أستاذ التاريخ المعاصر:

بدت عليه علامات اندفاعه للنضال الوطني منذ أن كان طالبا في كلية الحقوق التي كانت تعج بالكثير من الرموز مثل عبد العزيز فهمي ومكرم عبيد وعبد الرحمن فهمي وغيرهم .
والتقي مع رفقاء له كان من أبرزهم الزعيم أحمد حسين .
ظل فتحى رضوان مناضلا ضد سياسات السادات، ومعارضا لها حتى اعتقل فى احداث سبتمبر1981م،وبعد خروجه عمل على ايجاد لجنة لحقوق الإنسان المصرى وعمل بها من اجل ان ينال كل انسان حريته.

فتحي رضوان والإخوان المسلمين

كانت علاقة فتحي رضوان بجماعة الإخوان المسلمين ومرشدها الأستاذ حسن البنا علاقة طيبة ومتعاونة لأبعد حد، حتى أن الأستاذ فتحي رضوان كان دائما ما يكون المحامي في قضايا الإخوان المسلمين مثل قضية السيارة الجيب حيث كان موكلا عن محمد فرغلي النخيلي و أسعد السيد أحمد وحمد متولي حجازي، و جمال الدين طه محمود الشافعي.

كما تولى الدفاع عن ورثة الإمام البنا في قضية إغتيال الإمام البنا، حتى أنه عندما اصدر النقراشي باشا قرارا بحل جماعة الإخوان المسلمين عام 1948م، قال فتحي رضوان:

"القرار ثورة على الدستور، وخروج بسلطة الأحكام العرفية، عن الغرض الذي أعدت له.
إن النقراشي باشا الحاكم العسكري في فترة الحرب مع الصهيونية، هو الذي يحل هيئة الإخوان المسلمين الذين حاربوا في فلسطين ضد الصهاينة كأشجع وأقوى ما يكون المحاربون.
وبعد هذا القرار فتح الأستاذ فتحي رضوان مكتبة للأستاذ البنا ليتردد عليه ويدير شئون جماعته منه، فكان الأستاذ البنا يتردد ما بين المكتب وجمعية الشبان المسلمين.

ولذا يقول الأستاذ عمر التلمساني:

وحتى "حزب مصر الفتاة" لم ننل منه بمثل ما نال منا، ونحن نكن لرجالاته من أمثال المرحوم أحمد حسين، والأستاذين إبراهيم شكري وفتحي رضوانوأمثالهما، لمودة والتقدير والاحترام.

حياته الفكرية

لم يكن فتحى رضوان ذلك السياسى البارع فحسب، ولا المناضل الذى اشتعل قلبه بجذوة الايمان وفقط، بل كان مثقف الفكر، عذب الحديث.

تأثر بتولستوى فى تكوين مزاجة الفكرى كما تأثر بمصطفى كامل فى تكوين ملكاته السياسية.

كتب فى المسرح والأدب والسيرة والسياسة ومن مؤلفاته:

  • ديفاليرا
  • حام صغير
  • موسوليني

وغيرها من المؤلفات التى تنم على سعة افقه الفكرى والسياسى.

وفاته

ظل فتحى رضوان طيلة سبعة وسبعون عاما مناضلا من اجل الحرية، وظل كذلك حتى وافته المنية فى 2 أكتوبر1988م، ودفن بجوار زعيمية مصطفى كاملومحمد فريد.

رحم الله هذا السياسى المناضل والوطنى الغيور والمفكر المثقف، وان كان رحل عنا بجسده إلا ان وطنيتة ستظل شموعا يستضاء بها نحو انشاد الحرية.

بعض مقالاته

دور المـرأة

بقلم: فتحى رضوان

الأستاذ فتحي رضوان

إن للمرأة مركزا مهما فى جهادنا ولسنا نتصور حركة وطنية مفلحة فى بلد من البلاد، ونساؤها لا يشتركن فيها.. يفهمنها ويعطفن عليها، ويؤججبن نارها، ويهيئن أنفسهن وقودا لها.

لما استيقظت المرأة فى الأجيال الحديثة كما استيقظ كل شئ، ظنت أن حريتها فى تقليد الرجل، والحق أنها بقيت فى عبوديتها.

لأنها على الرغم من شهادتها ومناصبها لا تزال تعد نفسها متعة الرجل. فإذا أرادت المرأة أن تحرر نفسها، كان عليها أن تعرف أن عبوديتها فى ثيابها التى تلبس ومساحيقها التى تصنع ومشيتها التى تمشى فإذا لبثت ثيابا مسدلة، تخفى جسمها؛

وإذا خرجت بوجه لا ألوان فيه وإذا سارت كما تسير الفلاحة منتصبة القائمة، بسيطة الحركة، بريئة النظرات، وإذا جملت روحها بالشجاعة والصراحة واحتمال المتاعب، استردت حريتها وأصبحت هى والرجل على قدم المساواة لا تجمل له جسدها، فى مقابل أن يجمل لها نفسه،.

لا يفتنها بأخلاقه وجرأته وشجاعته لتفتنه بنظرتها ومشيتها:

فإذا حققت كل هذا كان سواء بعد ذلك أن تبقى فى المنزل، تعلم الطفل وتلقنه مبادئ الحياة القوية، أو أن تخرج إلى الحياة لتكافح لرزقها، وتنافس غيرها وتشتغل بما يشتغل به الرجل من الشهرة وبعد الصوت وكثرة الأنصار مثلا....

إن الرجل الحر ليبقى حرا، وهو مكبل بالأصفاد، مقيد بالأغلال، وإن حريته ليست إلا نفسه.. فإذا بقيت نفسه طليقة، تفكر فيما تحب، وتؤمن بالذي تهوى كانت الأغلال والأصفاد، عرضا تافها لا يمس الحرية الحقيقية ونحن نطلب الفتيات للجهاد، نريدهن مؤمنات بالحركة متحمسات للوطن، مدركات تفاصيل القضية..

إذا نزل بالبلاد خطب صرخن له من القلوب صرخات يسمعها الطفل وهو ما يزال فى مهده، فيفتح عيونه النائمة، ويكاد يسأل على الرغم من بكمه: ما هذا يا أماه.

المرأة التى نريدها لخدمة مصر هى هذه الروح التى تدخل البيت لتنيره، وتعرف الرجل لترفعه وتحب الوطن وتعشقه.. هذه المرأة التى تتطهر كما يتطهر الرجل.. وتتألم كما يتألم وتضحى كما يضحى.

يسجن ويشقى ويكافح ويضطهد وتأتى هى بعد ذلك أن تكون فى البيت لتأسس الأسرة، وتحفظ الجيل القادم، وتلقن الأطفال ما يجعلهم رجال أقوياء بل ليلقى الرجال القوه وتعلمهم التضحية وتقربهم من الجمال الحقيقى.

هذا هو دور المرأة فى جهادنا: موحية ملهمة، مدركة للقضية، مؤدية لها، مضحية من أجلها بسعادتها كزوجة، وسعادتها كأم.. ثم مضحية من أجلها بنفسها، إذا اقتضى الجهاد.

دور المرأة فى جهادنا، أن تكون قوية، شجاعة جريئة صريحة. لا تنطق بما يبعث الخوف فى القلوب، أو الجبن، أو الرياء أو التملق..

دور المرأة فى جهادنا: أن تكون وقورة، وجندية مجهولة، ومصدر روحه ومبعث حياته..

هذه هى المرأة التى يريدها الجهاد.

الوزراء والزعماء

ومقال أخر بعنوان: الوزراء والزعماء

نشر في منبر الشرق 13- 8- 1946 هؤلاء الوزراء قد يختلفون اسما ورسما ولكن ما في قلوبهم جميعا لا يميز أحدهم عن سواه ولا يقدم كبيرهم عن صغيرهم ولا متحمسهم عن جامدهم فهي في هدمة انجلترا قد تخرجوا من المدرسة الزغلولية التي نادت بأن الإنجليز خصوم شرفاء معقولون ورضعت لبان الوطنية التي تقوم على مهادنة الغاصب وملاطفته ومحاولة التقريب بين ظاهر متحمس متفجر من الاعتداء بالوطن وحقوقه وباطن متهافت متهالك منهار من التفريط في تلك الحقوق.

إن على رأس مصر هذه الحفنة من الرجال التي لا نعلم من أين جاءت ولا بأي حق استمرت زعامتها إلا حق تفريط الجيل الجديد في حق نفسه.