محمد عبد الرحمن صادق:

 



    إننا كثيراً ما سمعنا عن مصطلح ( غسيل الأموال ) وهذا المصطلح يهدف إلى : " محاولة إضفاء شرعية قانونية على أموال تم الحصول عليها بطرق وأساليب غير مشروعة وذلك بإقامة مشروعات واقتناء منقولات يمكن لصاحبها حرية التصرف فيها بصورة قانونية " .

 

    أما عن مصطلح ( غسيل الأخلاق ) الذي ذكر في العنوان فهو يهدف إلى : " محاولة التخلص من السُّمعة السيئة التي التصقت بالفرد نتيجة لأفعاله وممارساته اللاأخلاقية التي لا تتفق مع الشرع ولا مع العرف ولا مع الذوق العام وذلك بممارسة بعض الأعمال الخيرية والطقوس والشعائر الدينية بغرض الهروب من نظرة المجتمع الدونية وهروباً من تأنيب الضمير " .

 

    من الملاحظ أنه في موسم الحج يُسارع بعض المشاهير والنواب وأصحاب الثروات المشبوهة .... الخ . يسارعون بالسفر لأداء فريضة الحج التي يصحبها تسليط الأضواء وبث المداخلات والتصريحات ونشر الصور .... الخ .

 

    للأسف معظم هذه التأشيرات تكون على نفقة الدولة - أي من قوت الغلابة ومن دم الحي - وبطرق ملتوية لا ترضي الله عز وجل .

 

    بداية أود أن أركز على مجموعة نقاط لإغلاق الباب أما المتشدقين والمتفيقهين فأقول :

 

    عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " مُرَّ بجنازةٍ فأُثنِيَ عليها خيرًا . فقال نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " وجَبتْ وجَبتْ وجَبَتْ " . ومُرَّ بجنازةٍ فأُثنيَ عليها شرًّا . فقال نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " وجَبَتْ وجَبَتْ وجَبَتْ " . قال عمرُ : فدى لك أبي وأمي ! مُرَّ بجنازةٍ فأُثنيَ عليها خيرًا فقلتَ : وجَبَتْ وجَبَتْ وجَبَتْ . ومُرَّ بجنازةٍ فأُثنَ عليها شرًّا فقلتَ : وجَبَتْ وجَبَتْ وجَبَتْ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " من أثْنيتُم عليه خيرًا وجبَتْ له الجنةُ . ومن أثْنيتُم عليه شرًّا وجبت له النارُ . أنتم شهداءُ اللهِ في الأرضِ . أنتم شهداءُ اللهِ في الأرضِ . أنتم شهداءُ اللهِ في الأرضِ . " ( رواه مسلم ) .
    الشهرة ليست عيباً .
    الغنى في الإسلام من المندوبات .
    الحج فريضة على كل مسلم ومسلمة .
    المسلم مطالب بالطمع في رحمة الله تعالى .
    باب التوبة مفتوح والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء .

 

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من حَجَّ فلم يرفُث ولم يفسق غفرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ " ( رواه الترمذي ) .
    لقد علق الله تعالى قبول الحج وغفران الذنوب بـ ( فلم يرفُث ولم يفسق ) .

 

السؤال هنا :

    هل يُعقل أن أحدهم كـ ( فلان مثلا ) يستطيع أن يمكث عدة أيام دون أن ( يرفث ) ولا ( يفسق ) دون أن يتلفظ بألفاظ ولا يُصرح بتصريحات كالتي كان يصرح بها سابقا ، والتي كان يملأ بها الإعلام بشتى أنواعه من سويعات قريبة ، والتي ما جاء إلا ليكفر الآثام التي اقترفها من جراء هذه التصريحات مثلا ؟

 

    في رأيي الشخصي أن الله تعالى - إن لم يرضى على هؤلاء - يقيض لهم من يعيدونهم لطبيعتهم من ( الرفث والفسوق ) ولو لدقائق معدودة تفسد عليهم مناسكهم ..... في موقف - في جلسة مغلقة - في لقاء مع صحبة قديمة - في فلتات اللسان – في تصريح .... الخ ( إلا من رحم ربي ) .

 

    ولأدلل على ما أقول أستشهد بهذا الموقف ... كتب أنيس منصور فى مذكراته " كنت أطوف بالكعبة مع عبد الناصر، وكانت تلك هي المرة الأولى والأخيرة التي التي زار فيها جمال عبد الناصر الكعبة المشرفة، سنة 1954، ولم يكررها ثانية، وفجأة إلتفت إلي عبد الناصر وقال لي " إيه الهبل اللى بنعمله هنا ده يا أنيس ! " .

 

    ويضيف أنيس قائلاً : " والله على ما أقول شهيد : فقد كنا نقف فى ملابس الإحرام حول الكعبة، رئيس مجلس أمة سابق ورئيس وزراء سابق وأمير مكة ومذيع سابق، عندما تقدمنا الوزير المحافظ عضو مجلس الشورى حمدى عاشور ووضع ذراعه العارية على الكعبة يوم غسيلها قائلاً : ورب هذا البيت لقد سمعت الرئيس عبد الناصر يصف الحج بأنه كلام فارغ ، وسمعت أحد مستشاريه يقول ذلك أيضا ، ثم رفض المستشار أن يُكمل الطواف حول الكعبة .

 

    والشاهد على ذلك والذي يؤكد كل ما سبق أن من قاموا بأداء فريضة الحج من هؤلاء النواب والمشاهير وأصحاب الثروات المشبوهة في الأعوام السابقة لم يتغير لهم حال ولم يستقيم لهم خلق ولم يُقلعوا عما كانوا يقترفوه ويرتكبوه – إلا من رحم ربي - بل كانت مجرد رحلة كباقي الرحلات التي يرتعون فيها طوال العام !!!
 

 

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر