الإمام الحافظ الثبت ، شيخ الإسلام ، ناقد الحديث أبو عبد الرحمن ، أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي ، صاحب السنن .

ولد بنسا في سنة خمس عشرة ومائتين ، وطلب العلم في صغره ، فارتحل إلى قتيبة في سنة ثلاثين ومائتين ، فأقام عنده ببغلان سنة ، فأكثر عنه .

وكان من بحور العلم ، مع الفهم ، والإتقان ، والبصر ، ونقد الرجال ، وحسن التأليف .

جال في طلب العلم في خراسان ، والحجاز ، ومصر ، والعراق ، والجزيرة ، والشام ، والثغور ، ثم استوطن مصر ، ورحل الحفاظ إليه ، ولم يبق له نظير في هذا الشأن .

وكان شيخا مهيبا ، مليح الوجه ، ظاهر الدم ، حسن الشيبة .

قال قاضي مصر أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أبي العوام السعدي : حدثنا أحمد بن شعيب النسائي ، أخبرنا إسحاق بن راهويه ، حدثنا محمد بن أعين قال : قلت لابن المبارك : إن فلانا يقول : من زعم أن قوله تعالى : إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني مخلوق ، فهو كافر . فقال ابن المبارك : صدق ، قال النسائي : بهذا أقول .

وكان النسائي يسكن بزقاق القناديل بمصر .

مناقبه

قال ابن عدي: «سمعت منصور الفقيه وأحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي يقولان: أبو عبد الرحمن إمام أئمة المسلمين.»
وقال محمد بن سعد البارودي: «ذكرت النسائي لقاسم المطرز، فقال: هو إمام أو يستحق أن يكون إماما.»
وقال أبو علي النيسابوري: «النسائي إمام في الحديث بلا مدافعة.»
وقال أبو الحسين بن المظفر: «سمعت مشائخنا بمصر يعترفون لابي عبدالرحمن النسائي بالتقدم والامامة ويصفون من اجتهاده في العبادة بالليل والنهار ومواظبته على الحج والجهاد واقامته السنن المأثورة واحترازه عن مجالس السلطان وان ذلك لم يزل دأبه إلى ان استشهد» 

شيوخه

من أشهر من أخذ عنهم واستفاد من علمهم:
الشيخ قتيبة بن سعيد الذي ارتحل إليه في سن الخامسة عشرة وأقام عنده سنة وشهرين.
محمد بن إسماعيل البخاري المشهور بالبخاري.
مسلم بن الحجاج المشهور بالإمام مسلم.
أبو عيسى محمد الترمذي المشهور بالترمذي.
وأبو داود.
أبي كريب.
سويد بن نصر.
محمد بن النضر المروزي.
محمود بن غيلان.
محمد بن بشار (بُندار).
هناد بن السري.
محمد بن عبد الأعلى.
محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس بن دينار البصري.
وغيرهم من الرواة.

تلامذته

أما من أخذوا عنه فهم كثيرون أشهرهم:
أبو القاسم الطبراني
أبو جعفر الطحاوي
إبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان
أبو علي الحسين بن محمد النيسابوري ، الشهير بالنيسابوري،
محمد بن معاوية بن الأحمر الأندلسي
الحسن بن رشيق
محمد بن عبد الله بن حيوية
حمزة الكناني، وغيرهم

آثاره

ترك النسائي آثارا من أشهرها:
السنن الكبرى
السنن الصغرى أو سنن النسائي الصغرى ويعرف كذلك بالمجتبى
خصائص أمير المؤمنين وهو كتاب تهذيب خصائص الإمام علي
فضائل الصحابة
كتاب المناسك
الضعفاء والمتروكين
تسمية مشايخ النسائي الذين سمع منهم، ومعه: ذكر المدلسين
عشرة النساء
المنتقى من عمل اليوم والليلة
فضائل القرآن
كتاب الأغراب
كتاب العلم
كتاب النعوت والأسماء والصفات
الإمامة والجماعة
الجزء فيه معرفة من روى عنه الشيخ الإمام أبو عبد الرحمن
كتاب الجمعة
كتاب الوفاة (وفاة النبي صلى الله عليه وسلم)
صحيح وضعيف سنن النسائي
من لم يرو عنه غير واحد

وفاته

قال أبو سعيد بن يونس في "تاريخه": كان أبو عبد الرحمن النسائي إماما حافظا ثبتا، خرج من مصر في شهر ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاث مائة، وتوفي شهيدا بمدينة القدس على يد جماعة من الشباب الذين تنازعوا معه على كتابة كتاب باسم العباس وذلك في يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر، سنة ثلاث.

روى الذهبي وابن خلكان والمقريزي وغيرهم، أن النسائي خرج من مصر إلى دمشق والمنحرف بها عن علي كثير، فصنف كتاب تهذيب خصائص الإمام علي رجاء أن يهديهم الله عز وجل، فسئل عن فضائل معاوية فقال: أي شيء أخرّج؟! ما أعرف له من فضيلة إلاّ حديث: اللهم لا تشبع بطنه! فضربوه في الجامع على خصيتيه وداسوه حتى أُخرج من الجامع، ثمّ حمل إلى الرملة فمات شهيدا، وفي رواية أخرى إلى مكة فمات فيها. والأرجح أنه مات بالرملة.

لا اختلاف في عام وفاة النسائي.، وكاد يكون إجماع المؤرخين، على أنه توفي يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر، سنة ثلاث وثلاثمائة.