محمد عبدالرحمن صادق:

إن الظروف التي تمر بها مصر منذ أربع سنوات جعلت كثيرين من المصريين مع اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم يتشتتون في دول كثيرة من العالم هرباً من القبضة الأمنية الجائرة التي يفرضها الانقلاب الغاشم وهرباً من التردي الاقتصادي كذلك .

- فر المصريون إلى دول مختلفة منها ما تقدر آدميتهم وتتفهم ظروفهم، ومنها ما تلاحقهم وتضيق عليهم في أرزاقهم، ومن الدول ما تمارس ضدها ضغوطاً لكي تلفظهم لفظ النواة لمصير مجهول ومُعاناة فوق مُعاناتهم وخاصة أن هؤلاء ليسوا فرادى ولكن معظمهم قد اصطحب معه أسرته خشية الملاحقة والتضييق أو خشية كساد الحال .

- وما زاد الطين بلة هي تلك القرارات التي اتخذتها بعض دول الخليج مؤخراً ضد قطر مما يهدد مستقبل المصريين العاملين بها ، وتلك القرارات الداخلية التي اتخذتها السعودية مُؤخرا فيما يخص العِمالة الغير سعودية بها حيث أثقلت كاهلها بمبالغ طائلة تدفع عند تجديد الإقامة كل عام .

- ودون الدخول في تفاصيل وحسابات أكتب هذه النقاط مُذكراً بها إخواننا المصريين بالخارج وخاصة من هم بهاتين الدولتين .

    أنت عندما خرجت من بلدك إنما خرجت فراراً بدينك وتلبية لأمر الله تعالى : " أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا " ، أو خرجت طلباً للرزق ولتجد مكاناً تستطيع أن تمارس فيه طقوس وشعائر دينك وتمارس حياتك الآدمية بحرية دون مُلاحقة أو تضييق فلا تبتئس وثق أن الله تعالى جاعل لك من كل هم مخرجاً ومن كل ضيق فرجاً ورازقك من حيث لا تحتسب .
    حاول أن تتكيف مع الظروف المادية للبلد التي تقيم بها وجرِّب البدائل والتوازنات وثق أن هذا هو قدر الله تعالى فتلقاه بطيب خاطر وبسعة صدر وبيقين بأن الله تعالى سيبدله لك إلى أفضل حال .
    ثق بوعد الله تعالى لك ولأمثالك حيث قال تعالى : " وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً {100} " (النساء 100) .

- يقول الإمام الرازي في تفسيره : " ومن يهاجر في سبيل الله إلى بلد آخر يجد في أرض ذلك البلد من الخير والنعمة ما يكون سببا لرغم أنف أعدائه الذين كانوا معه في بلدته الأصلية ؛ وذلك لأن من فارق وذهب إلى بلدة أجنبية فإذ استقام أمره في تلك البلدة الأجنبية ، ووصل ذلك الخبر إلى أهل بلدته خجلوا من سوء معاملتهم معه ، ورغمت أنوفهم بسبب ذلك ... " .

* ثق أن الله تعالى سيفتح لك من أبواب الخير ما تقر بها عينك وما يرغم بها أنف عدوك فلا تتعجل الموعد ولكن كن على ثقة بتحقق الوعد . وعلى الباغي تدور الدوائر .

- ويقول الإمام الرازي أيضاً : " ... وإنما قدم في الآية ذكر رغم الأعداء على ذكر سعة العيش ؛ لأن ابتهاج الإنسان الذي يهاجر عن أهله وبلده بسبب شدة ظلمهم عليه بدولته من حيث إنها تصير سبباً لرغم أنوف الأعداء ، أشد من ابتهاجه بتلك الدولة من حيث إنها صارت سببا لسعة العيش عليه " .

* أسأل الله تعالى أن يرزقكم من واسع فضله ، وأن يحفظكم بحفظه ، وألا يجعل للظالمين عليكم سبيلاً ، وألا يمكنهم منكم ولا يشمتهم فيكم إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه .

 

 المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر