د. عز الدين الكومي  :
 

 

في ظل السباق المحموم لزيارات القادة العرب للبيت الأبيض، وتقديم فروض الولاء والطاعة للإدارة الأمريكية الجديدة، زار أمريكا قبل أسبوعين وليُّ وليِّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلى إثر هذه الزيارة تم إعادة ضخ البترول للنظام الانقلابي، بعد توقف دام شهور، ثم تلا ذلك زيارة زعيم عصابة الانقلاب، وزيارة الملك عبد الله بعد قمة البحر الميت الهزيلة!!

والقادة العرب الذين يذهبون للبيت الأبيض، ليست لديهم رؤية لأية قضية من القضايا، سوى المساعدات الأمريكية والإرهاب والكباب، وحماية أمن الكيان الصهيوني، وقمع الشعوب وانتهاك حقوقها وتدجينها، بمباركة أمريكية وهذا ما فعله قائد الانقلاب في زيارته المهينة لـ "ترامب"، والتي حاول الإعلام الانقلابي أن يصنع منها معجزة، وقالوا: أن قرار ترامب في التخلي عن راتبه كرئيس لم يكن اقتداء برؤساء أمريكيين سابقين مثل هربرت هوفر وجون كينيدي، ولكن ترامب سار على خطى "بلحة"، وأن "بلحة" هو المثل الأعلى للمعتوه ترامب، كل هذا الكم من التطبيل والنفاق بالرغم من الصورة المسيئة التي التقطتها عدسات ترمب لبلحة وزبائنه، في البيت الأبيض وهو يجلس على مكتبه المهيب، بينما وقف بلحة وسط الموظفين الواقفين خلفه، وهذا لم يحدث من قبل في ظل أي برتوكول، ولم يعقد مؤتمرا صحفيا، في أعقاب اللقاء، ولكن سمح فقط للصحفيين بالتواجد لتصوير بعض التعليقات دون الإجابة على أية أسئلة، خوفاً من الأسئلة المحرجة عن انتهاكات حقوق الإنسان والمعتقلين!!

على الجانب الآخر حاول أحد المحللين الصهاينة فى الشؤون العربية، أن يظهر الملك عبد الله بمظهر من ينصح ترامب بعدم إدراج جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، وأن ترامب يستمع له ويستفيد من توجيهاته قائلا: أن الوضع فى الأردن يختلف عن الوضع في مصر، فهناك لدى جماعة الإخوان حزب رسمي يمثلها يسمى “جبهة العمل الإسلامي” يحظى بـستة عشر مقعدا في البرلمان، وأن استراتيجية الملك عبد الله تقوم على احتواء جماعة الإخوان المسلمين، لكونها حركة معارضة شرسة، إلا أنها لا تعمل بالإرهاب لذلك يرجح أن الملك عبد الله سيعارض فكرة الإعلان عن جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، إذا ما سئل من قبل الرئيس ترامب ، وكأن ترامب يعتد بآراء هؤلاء الأعراب من الحمقى والمغفلين، الذين يذهبون إلى الولايات المتحدة، للتسول وطلب المعونات، وطلب الحماية، وأنهم لا يقصرون في حماية الصهاينة، ونيل رضا ترامب وإدارته!!

لكن الحقيقة أن الإدارة الأمريكية هي التي صرفت النظر عن هذا الموضوع، وتراجعت عنه، بعد صدور عدد من التحذيرات من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، لإدارة ترامب، وأن تداعيات خطيرة قد يسفر عنها تصنيف السلطات الأمريكية جماعة "الإخوان المسلمين" تنظيما إرهابيا، وأن اتخاذ مثل هذه الخطوة من الممكن أن يثير التطرف ويدمر العلاقات بين واشنطن وحلفائها، وقد جاءت هذه التحذيرات على خلفية نشر وسائل إعلام أمريكية، أنباءً قالت فيها: إن الإدارة الأمريكية الجديدة تناقش حاليا قرارا لإعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وإخضاعها للعقوبات الأمريكية، وقالت وكالة المخابرات الأمريكية فى قرارها: أن جماعة الإخوان المسلمين، التي لديها الملايين من الأنصار في مختلف أنحاء العالم، رفضت العنف في إطار سياستها الرسمية وعارضت كلا من القاعدة وداعش، وأن أقلية فقط من أعضاء الإخوان المسلمين، تورطوا في أعمال عنف، وجاء هذا ردا على الاضطهادات القاسية من قبل الأنظمة (في الدول التي تتواجد فيها الجماعة)، أو الحالات التي اعتبروها احتلالا من الخارج، كما يوجد للجماعة فروع في كل من الأردن والكويت والمغرب وتونس، وأن بعض حلفاء الولايات المتحدة في هذه الدول يشعرون بالقلق؛ لأن هذه الخطوة قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في مجال سياستهم الداخلية، وإلى تغذية التطرف وإثارة غضب المسلمين في سائر أنحاء العالم!! وأن الجماعة تحظى بدعم واسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسيعتبر كثير من العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم تصنيف الجماعة تنظيما إرهابيا اعتداء على قيمهم الدينية والاجتماعية الحيوية!!

ومع ذلك هناك فريق في إدارة ترامب يقوده مايكل فلين، مستشار الأمن القومي، يسعى إلى إدراج "جماعة الإخوان" على قائمتي وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين للمنظمات الإرهابية الأجنبية !! كما أن عددا من منظمات الحقوق المدنية وجماعات دينية في الولايات المتحدة الأمريكية، اعترضت على خطة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية لأنها ترى أن تلك الخطوة قد تتسبب في غلق منظمات الحقوق المدنية الإسلامية الأمريكية، ومسوغا لاضطهاد المسلمين الأمريكيين، وأنه يمكن البيت الأبيض من معاداة المسلمين، وتسمح لإدارة «ترامب» بتدمير النشاط القانوني وسمعة المسلمين فضلا عن إثارة خطر خنق الحرية الدينية والسياسية، وأن الجماعات والمنظمات اليمينية هي التي اتهمت كذبًا جماعة الإخوان، بالتنسيق لتدمير الولايات المتحدة من الداخل، لتشويه المسلمين والمؤسسات المدنية والدينية الإسلامية!!

كما رأينا الدكتور هاشم كريم، وهو عضو بالكونجرس الأمريكي، عن الحزب الجمهوري في مداخلة له مع قناة انقلابية، تابعة لإعلام العسكر، يصرح بأن الكونجرس لن يخاطر باعتبار "الإخوان" إرهابية، كما أنه لا يتوقع أن يصدر الكونجرس الأمريكي قرارا باعتبار جماعة الإخوان إرهابية، لأنه يتم استخدامها كإثبات سياسي ضد مصر، وأن قائد الانقلاب لديه القدرة لإقناع صناع القرار في أمريكا، أن القانون هو الذي يحكم قضايا الإنسان!!

كيف لمثل قائد الانقلاب، أن يتحدث عن قوانين تحكم حقوق الإنسان، وهو قد حصل على دعم كامل من الإدارة الأمريكية، فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا بعنوان : «ترامب منح قائد الانقلاب شيكا على بياض .. اقمع وأنا في ظهرك» حيث أبدت تخوفها من سياسة ترامب مع النظام الانقلابي، بعد ما غابت قضايا حقوق الإنسان من محادثات قائد الانقلاب مع ترامب، وتركزت فقط على عودة المساعدات، وكان البيت الأبيض أعلن أنه لم يعد يسمح لقضايا حقوق الإنسان أن تصبح ساحة صراع في العلاقات مع مصر!!

 

 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي نافذة مصر