"نفسي أرجع بيتي ومدرستي وألعب براحتي، اوعوا تنسوني"، هكذا يتمنى آسر زهر الدين، من داخل زنزانته في سجن طرة، حسبما تقول شقيقته إسراء.
 
تعرض آسر للاختفاء القسري لمدة 33 يوماً بعد أن قبض عليه في 13 يناير 2016 من داخل منزله، ثم تمكنت أسرته من معرفة مكانه حين تمكن من إجراء اتصال هاتفي بهم حين جرى عرضه على النيابة، قبل أن يتم ترحيله في اليوم التالي إلى معسكر الكيلو 10 ونصف.

خلال الزيارة الأولي لأسرته وجدت إسراء جرحا برأسه شقيقها ونقاطا بيضاء في جسده بالكامل، وحين سألته عنها أخبرها، كما تقول، بأنها نتيجة لتعرضه للتعذيب بالكهرباء.
 
خضع آسر للتحقيق لثلاثة أيام دون أن يكون على علم بأية إجابة، فجرى تعليقه من يده ليوم كامل إلى أن أصيب بخلع في الكتف. تضيف إسراء.
 
"يشعر آسر الأن بحالة من الكره تجاه يوم مولده، حيث اضطر لقضائه داخل مكان اختفائه القسري يقف على أطراف أصابعه فوق مسامير لمدة 8 ساعات"، الأمر الذي يدفع إسراء للتساؤل حول أثر تجربة السجن القاسية على أفكار شقيقها حين يستعد للخروج.
 
وتعتبر إسراء ذلك العام الذي قضاه آسر داخل السجن الأسوأ بالنسبة له، فحينما حاولت تهوين الأمر عليه بأنه سيخرج قريبا، رد عليها قائلا :"أنا مش عايز أقضي عمري في السجن، ضاع مني سنة ومش عارف هيضيع مني ايه تاني".
 
كانت إسراء تظن أن آسر هو الطفل الوحيد داخل السجن، لكنها تؤكد أنها شاهدت أثناء الزيارات الكثير من الأطفال داخل السجون، ما يجعلها تتساءل دوما :"ماذا يفعل هؤلاء بالداخل".
 
محاولات انتحار

زياد سعيد، 15 عاما، قضى عاما هو الآخر داخل قسم دار السلام، لكنه لم يتحمل الوضع وحاول أكثر من مرة الانتحار، وفقا لحديث والدته.
 
حاولت والدته اثنائه عن تلك الفكرة بعدما علمت بمحاولاته تلك، وهى تخشى على كل الأطفال المحبوسين من الغد، حيث تقولفي حوار صحفي: " هؤلاء الأطفال أصبحوا قنبلة موقوتة ستنفجر من كثرة الظلم، لن يشعروا بأي انتماء لبلدهم".
 
لم يتمكن زياد من استيعاب فكرة حبسه حتي الآن خاصة وأنه لا يعلم سببا لها، تعلق والدته :"طفل كان بين بيته ومدرسته فجأة حياته بقت في الزنزانة لأكثر من سنة أو سنتين".
 
يواجه زياد اتهامات في قضية معروفة إعلاميا بـ"طلاب إعدادي وثانوي"، حصل بعض الأطفال دون 14 عاماً على إخلاء سبيل منها، لكنهم لم يعودوا راغبين في استكمال حياتهم أو دراستهم، أحدهم يخرج من منزله طول الوقت لا يريد الجلوس فيه خوفاً من القبض عليه مرة أخري.
 
 تعلق :"الولاد تعرضوا للضرب واتكهربوا وهيخرجوا متكسحين".
 
 حاولت والدة زياد تهوين الأمر على نجلها بالحديث معه قائلة :"متزعلش بكرة تكبر وتخرج وتنسي كل اللي حصل" لكن الإجابة كانت صادمة بالنسبة لها :"هبقي راجل ازاي وكل الكهرباء منهم كانت في أماكن حساسة"، تنهي حديثها :"العيال هتضيع واحنا ضيعنا".
 
 لعمار علاء، المتهم في نفس القضية، طلب واحد من والدته، وهو أن تترك الأسرة المنزل خوفا من القبض عليهم مثلما حدث معه، حيث يؤكد لها أنه بمجرد خروجه لن يعود للبيت مرة أخري.
 
توضح والدته أنه يقضي يومه حاليا نائماً داخل الزنزانة، رافضا مواجهة الأمر بكونه داخل زنزانة لا يعلم متى سيخرج منها خاصة وأنه قضى ما يقرب من عام ونصف داخلها.
 
تخشى الدة عمار مواجهة ما سيمر به عقب خروجه، خاصة وأن من كانوا معه في نفس القضية يعانون من حالات نفسية متدهورة وحالات من الخوف والذعر، وعدم الرغبة في النوم إلا بعد شروق الشمس ليتأكدوا أن أحدا لن يأتي للقبض عليهم مرة أخرى.