11/06/2011
قالت صحيفة إندبندنت البريطانية بافتتاحيتها لهذا اليوم، إن العلماء الألمان وبعد أربعة أسابيع من التحقيقات و29 وفاة وأكثر من ثلاثة آلاف إصابة حددوا أخيرا المصدر المرجح لانتشار بكتريا إي كولاي، وهي براعم الفاصوليا الصادرة من مزرعة ليست ببعيدة عن مدينة هامبورغ.
ولسوء حظ ألمانيا وأوروبا أيضا، فإن تحديد مصدر البكتريا المحتمل قد ينهي فصلا من فصول القصة ولكنه لا يضع حدّا لنهايتها.
الرد الألماني على الكارثة هزّ الصورة التي عرفت عن هذا البلد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث ترسخ في أذهان الجميع أنه بلد نظام وضبط وربط ويحترمه الجميع لأجل ذلك.
وتقول الصحيفة إن المتوقع من بلد مثل ألمانيا أن يكون هناك نظام متبع وواضح وينفذ بدقة، وأن يتم التعامل مع أي خرق للنظام بطريقة متزنة وبعيدة عن الذعر، إلا أن طريقة تعامل ألمانيا مع أزمة إي كولاي لم تكن ألمانية بكافة المقاييس.
فبداية الاستجابة للأزمة كانت الإنكار، بمعنى إنكار أي تلميح بأن شيء كهذا يمكن أن يحدث بألمانيا، وبطبيعة الحال لا يمكن أن يكون مصدره ألمانيا. بعد ذلك بفترة أعلنت المستشفيات عن أزمة بالعقاقير والمعدات اللازمة. تلك المعلومات أعلنت بشكل عشوائي، وحتى عندما تمت الاستجابة لها وتم توريد المعدات والعقاقير، فقد تم ذلك بطريقة عشوائية أيضا تفتقر إلى التنظيم.
ولعل أسوأ في ما في الأمر هو توجيه اللوم لدول أجنبية أخرى مثل إسبانيا، حيث أعلن مسؤولو الصحة الألمان في هامبورغ أن مصدر البكتريا هو الخيار الإسباني، بينما بالحقيقة المصدر هو مزرعة بمقاطعة ساكسونيا بالقرب منهم.
ويأتي ذلك بعد تصريحات للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن على إسبانيا واليونان (اللتين تحتاجان لمساعدات أوروبية في أزمة ديونهما) أن تعملا بجد أكبر إذا أرادتا أن يتم إنقاذهما بأموال ألمانية.
وتكمل الصحيفة في انتقاد ألمانيا بالقول إن هذا البلد عرف عنه السياسة المتأنية، وعدم اتخاذ أي خطوة قبل ضمان وجود حلفاء معه. إلا أن الإعلانات المتسرعة التي صدرت عن المسؤولين فيه لم تتسبب فقط في تسميم الأجواء مع إسبانيا، بل ولّدت تذمرا بأنحاء أوروبا، مما حدا بدول مثل روسيا لحظر استيراد المنتجات الزراعية الأوروبية. وكان نتيجة ذلك اضطرار المزارعين الأوروبيين لإتلاف أطنان من المنتجات التي ثبت بعد ذلك أنها كانت صحية وصالحة للاستخدام.
ثم تنتقل إندبندنت إلى تناول طريقة تعامل الاتحاد الأوروبي مع الأزمة، وتقول إنها لم تكن موفقة هي الأخرى.
لم يكن الاتحاد مستعدا بشكل جيد لاستيعاب وتعويض الفشل الألماني. ولم يفعل مسؤولوه شيئا سوى التفرج على حرب الكلمات وتبادل الاتهامات بين برلين ومدريد، بينما كان الضحايا يتساقطون بأنحاء أوروبا والمزارعون الإسبان يواجهون خطر انهيار صناعتهم.
وتختم الصحيفة مقالها بالإشارة إلى الوضع المضطرب الذي يعيشه الاتحاد أصلا نتيجة الخلافات حول إنقاذ دول أوروبية عديدة من أزمة الديون، والجدل الدائر حول طريقة التعامل مع المهاجرين إلى القارة بعد اندلاع الثورات العربية، ثم يأتي الفشل في مواجهة إي كولاي ليتوج كل ذلك. علما بأن ما حدث لم يكن مجرد تفش لبكتريا قاتلة، بل هو أمر ستكون له توابعه على الساحة الأوروبية لزمن طويل.
الجزيرة / اندبندنت